صحافة دولية

بلومبيرغ: متى ينتهي مسلسل نهب بنوك لبنان؟

لا أحد يعرف مقدار الأموال النقدية التي تم إخراجها من البلاد على مدى عقود من النهب المنهجي- جيتي
لا أحد يعرف مقدار الأموال النقدية التي تم إخراجها من البلاد على مدى عقود من النهب المنهجي- جيتي
قال موقع "بلومبيرغ" الأمريكي في تقرير له، ترجمته "عربي21"؛ إن المليارات من أموال المودعين في عدد من البنوك بالعديد من العملات، التي يُفترض أنها تقدم أسعار فائدة سخية بشكل غير معقول، اختفت خلال الأزمة المالية التي اندلعت في عام 2019.

وأوضح الموقع أن الليرة اللبنانية فقدت منذ ذلك الحين أكثر من 90 في المائة من قيمتها، ولا يزال معظم المودعين غير قادرين على الوصول إلى مدخراتهم، بينما يُسمح لهم بعمليات سحب شهرية صغيرة، بشكل دائم تقريبا في شكل ليرات غير موثوقة، وذلك بغض النظر عن فئة العملة المحددة لودائعهم، الأمر الذي دفع الأشخاص العاديين مرارا وتكرارا إلى القيام بعمليات سطو مسلح غير مخطط لها جيدا لتمويل حالات الطوارئ الطبية والأزمات الأخرى.

ووفق الموقع، فلا أحد يعرف مقدار الأموال النقدية التي تم إخراجها من البلاد على مدى عقود من النهب المنهجي، في حين تم الحفاظ على وهم الملاءة المالية، من خلال مخطط هيكل بونزي باستخدام الودائع الأحدث لدعم الودائع القديمة، ولكن الثروة الوطنية قد تم تدميرها؛ حيث تغادر الطبقات الوسطى بشكل جماعي، بينما أولئك الذين لا يستطيعون الفرار تنتقل إلى الطبقات الفقيرة، وانتقلت الطبقات العاملة إلى مستوى الفقر المدقع.

وأفاد الموقع أنه لم يكن هناك جهد حقيقي للتحقيق أو حتى احتجاز لأي شخص مسؤول، مثل جميع الجرائم الهائلة الأخرى التي ارتُكبت في لبنان في العقود الأخيرة -بما في ذلك اغتيال رئيس الوزراء السابق رفيق الحريري في عام 2005 والانفجار المدمر في مرفأ بيروت عام 2020 الذي حول الكثير من العاصمة إلى أنقاض مشتعلة-، إلا أن التستر الفعلي على هذه المخالفات المالية يثير مشاكل معينة؛ بسبب تأثيرها المضاعف على الاقتصاد ككل.

وشدد الموقع على أن لبنان بحاجة إلى خطة إنقاذ من المجتمع الدولي، خاصة البنوك والمستثمرين الذين يأخذون توجيهاتهم من صندوق النقد الدولي والبنك الدولي، والذين يجب أن يكونوا على رأس فريق الإنقاذ. لكن في حين أن هناك كل الأسباب التي تدفع العالم المتقدم إلى المساعدة في إنقاذ لبنان، فلا أحد يريد أن يهدر أموالا جيدة تلو الأخرى؛ فالإصلاحات ستكون مطلوبة، وقبل ذلك، يجب أن يكون هناك حساب للمبلغ المسروق وتحديد قيمته بالضبط ومن قام به.

وأضاف الموقع أن هذا الأمر يضع سلامة في مرمى النيران؛ حيث تحقق ست دول أوروبية على الأقل بنشاط في السرقة، وأصدرت فرنسا، التي تربطها علاقات تاريخية واستعمارية عميقة بلبنان، مذكرة توقيف بحقه هذا الشهر عندما لم يحضر جلسة قضائية، وكذلك فعلت ألمانيا، التي طلبت رسميا من الإنتربول القبض عليه. ومع ذلك، لم يسلم لبنان مواطنيه، وفي وقت سابق من هذا الشهر، أفرج قاض عن سلامة من الحجز على ذمة التحقيق.

وتابع الموقع مبينا أن سلامة، الذي لا يزال في منصبه الأعلى في البنك، ليس متهما فقط بالمشاركة في سرقة تصل قيمتها إلى 300 مليون دولار لنفسه، بل يُزعم أنه أشرف على الآليات التنظيمية والمؤسسية التي سمحت للمؤسسات والأفراد اللبنانيين الأثرياء بنقل المليارات من البلاد خلسة. حتى جماعة حزب الله، التي لديها حساسية من أي تلميح للإصلاح الاقتصادي -ناهيك عن الإصلاح المؤسسي أو السياسي- قالت؛ إنه يجب أن يستقيل، بينما يقول إنه يعتزم التنحي عندما تنتهي فترته في تموز/ يوليو.

إظهار أخبار متعلقة


وذكر الموقع أنه يُفترض أن يتم التحقيق مع سلامة من قبل السلطات اللبنانية، التي تقول إنها صادرت جواز سفره ومنعته من السفر، لكن هذا يحميه بشكل ملائم من التدقيق الحقيقي في البلدان الأخرى، وهو أمر لن يحصل عليه بالتأكيد في وطنه. إضافة إلى أن الضغط المتزايد على الدولة اللبنانية للقيام بعمل أكثر إقناعا بالتظاهر على الأقل بالتحقيق في عقود من السرقة التي لا يمكن تصورها، يتداخل مع أزمة أخرى بشأن اختيار رئيس جديد.

وبين الموقع أن جبران باسيل، صهر الرئيس المنتهية ولايته، ميشال عون، والمستهدف بعقوبات أمريكية، يريد بشغف أن يخلف والد زوجته. وبحسب ما ورد، اقترحت فرنسا حلا وسطا: إذا دعم باسيل ترشيح منافسه الأعلى، سليمان فرنجية، فسيُسمح له باختيار محافظ جديد لمصرف لبنان خلفا لسلامة، لكن لا يبدو أن باسيل مستعد للتنحي.

وقال الموقع؛ إن اتفاقا على هذا المنوال سيمثل لقاء للعقول بين النخب السياسية اللبنانية، لتجنب أي تحقيق حقيقي في هذه الجريمة المحيرة للعقل؛ فهم لا يريدون من سلامة أن يفضحهم.

الإشكالية الوحيدة لمراكز النفوذ اللبنانية، هي أن الاعتراف بانهيار دار سك العملة التابع لمصرف لبنان إلى جانب الاقتصاد، سيكون اعترافا بالفساد العميق الذي تورطوا فيه جميعا. لكن بدون بعض المساءلة، لن تكون هناك خطة إنقاذ دولية، ويمكنهم الاستمرار في فرضها على مجتمع يتزايد تهالكا، بحسب الموقع.

وأكد الموقع أن الإشكالية الوحيدة بالنسبة للغرب والمجتمع الدولي، هي أن لبنان لا يزال يستحق الادخار استراتيجيّا وسياسيّا. ومع ذلك، لا يوجد سبب حقيقي للاعتقاد بأن الطبقة السياسية اللبنانية قادرة على التفكير، ناهيك عن القيام بالتحقيقات والإصلاحات اللازمة، بدءا بمراجعة حسابات البنك.

واختتم الموقع مقاله قائلا؛ إنه يجب إنقاذ لبنان، ليس من نفسه بالضبط، ولكن من جبهة موحدة بين الفصائل المهيمنة سياسيّا. ولكن في الوقت الحالي، من الصعب تخيل من أين يبدأ ذلك.

التعليقات (1)
أبو فهمي
الثلاثاء، 30-05-2023 05:22 م
موضوع سرقة أموال لبنان والشعب والأجانب ليست بالموضوع السهل البسيط للتحدث فيه. حاكم مصرف لبنان ورئيس الجمهورية ورئيس المجلس النيابي ورئيس الوزراء والنواب والوزراء والموظفين الكبار كلهم شريك في هذه الجريمة التي لم يشهد التاريخ لها مثيلا تحت أعين الغرب الصليبي والذي حصل على هذه الأموال كلها في بنوكه واصلا !!!!!!!!!!!!!!!!!! هو الذي خطط هذه السرقات فلا دولار في العالم وغيره من العملات لا تعرف به أمريكا - وول ستريت - والتحويلات جميعها عن طريقها وهم الذين خططوا لسرقة لبنان فسلامة واللبنانيين ليسوا على هذه الدرجة من الذكاء """" النادر """" ليقوموا بهكذا عمل ضخم جدا والأهم أن لاننسى """"""""""""""""""""" بنك انترا """"""""""""""""""".