خلال
حملته الانتخابية، قدّم حزب "التجمع الوطني للأحرار"
المغربي وعودا كثيرة للناخبين، تحت شعار "نستاهلو أحسن"، من قبيل زيادات في الأجور وعدّة إصلاحات ضريبية، فضلا عن تحسين صناديق التقاعد، مُتعهّدا بذلك بتطبيق مضامين "النموذج التنموي الجديد" على أرض الواقع، غير أن تطبيق هذه الوعود كان ضعيفا، بحسب آراء عدد من رواد مواقع التواصل الاجتماعي؛ بينما تُبرر الحكومة الأمر بتداعيات جائحة كورونا، والحرب الأوكرانية الروسية وما ترتّب عليها من ارتفاع في أسعار عدد من المواد، أهمها المحروقات.
المعارضة في وجه حكومة أخنوش
من جانبها، ترى أحزاب المُعارضة أنها تقوم بالأدوار المنوطة بها، بالرغم من الخلاف الداخلي بين أطيافها، وكذا الانتقادات المُوجّهة إليها؛ ممّا دعا رشيد الحموني، رئيس فريق التقدم والاشتراكية، إلى القول في آخر ندوة صحفية، لتقديم حصيلة الأحزاب المُعارضة، إن "حكومة أخنوش لا تزال تتجاهل كافة أدوار المعارضة"، مؤكدا أنهم "في ما يخص قانون المالية، رُفضت كل
المقترحات التي تقدمنا بها نتقدم، وتلك المقترحات هي ذاتها التي تعمل عليها الأغلبية فيما بعد، خاصةً مقترحات القوانين المتعلقة بما يمس مستوى معيشة المواطنين".
وأضاف الحموني، خلال جلسة
مجلس النواب، بداية الولاية التشريعية الحالية، بأن "فرق المعارضة البرلمانية عملت على عدد من المقترحات في ما يتعلق بغلاء الأسعار وغلاء المحروقات، وتأمين شركة سامير النفطية، لكن الحكومة لم تستجِب لمقترحاتنا، ممّا يوضح لنا أن الحكومة لا تعطي أي اعتبار لعمل البرلمان" مردفا أن "عدم تجاوب الحكومة مع الأسئلة الكتابية لفرق المعارضة، يُعدّ خرقاً للدستور المغربي".
من جهته، قال رئيس الفريق الحركي في مجلس النواب، إدريس السنتيسي، إن "للمعارضة المغربية مُقترحات قوية، لكن المشكلة في الاستجابة الحكومية"، موضحا أنه "في ما يخص غلاء أسعار المواد الغذائية اقترحنا تفعيل المهام الاستطلاعية، المشكلة تأتي من الأعلى وعلى الحكومة أن تتدخل".
وتابع السنتيسي: "تقدّمنا بعدد من مقترحات التعديلات على كل من قانون المالية وقانون الاستثمار، غير أنه لم يتم قبُول أي تعديل، وأيضا اقترحنا تجميد التسعيرة المضافة على المحروقات، لكن الحكومة قررت إبقاءها على ما هي عليه، وفيما يتعلق بغلاء المحروقات، قدّمنا جملةً من المقترحات، لكن تم رفضها جميعاً، وكذلك يتمّ رفض كافة مقترحات القوانين التي نتقدم بها، مما يكشف أن هناك تواطؤا للحكومة للتطبيع مع الفساد".
اظهار أخبار متعلقة
وفي انتقاده للحكومة المغربية الحالية، أعرب رئيس المجموعة النيابية للعدالة والتنمية، عبد الله بوانو، عن أسفه من طريقة تسيير الحكومة، فضلا عن الكيفية التي يتم التعامل معها مع المُعارضة البرلمانية بالقول: "إن الحكومة المغربية الرّاهنة تستهتر بالمواطنين، وإن رئيسها لا يحترم الدستور، حيث لا يستجيب للجلسات البرلمانية، لمن سنشتكي إذن؟".
وأضاف: "غلاء الأسعار في المغرب، له علاقة بمُخطط المغرب الأخضر، وحماية القدرة الشرائية للمواطنين يجب أن تتم من خلال تدابير حكومية، انطلاقاً من إحداث لجنة اقتصادية، وهذا ما لم تعمل عليه حكومة أخنوش التي تُزاوجُ المال مع السلطة".
أي دور للأحزاب المُعارضة؟
وعلى الرغم من أنه في بداية السنة التشريعية الأولى من عُمر حُكومة أخنوش، كان هناك اتفاقا داخل مجلس النواب المغربي، بين ثلاثة فرق برلمانية ومجموعة نيابية معارضة؛ لكن "خلافا" بين أمين عام حزب العدالة والتنمية، عبد الإله بنكيران، وبين أمين عام حزب الاتحاد الاشتراكي، إدريس لشكر، حال دون أن يكتمل الاتفاق بين أطياف المعارضة، الشيء الذي "ساهم في إضعافها" وفق المُتابعين للشأن السياسي المغربي.
اظهار أخبار متعلقة
وفي هذا السياق، يصف أستاذ العلوم السياسية والقانون الدستوري في جامعة ابن طفيل بالقنيطرة، رشيد لزرق، هذه المعارضة البرلمانية بـ"الأضعف على مرّ الحكومات المغربية" موضحا أنها "فشلت في التنسيق في ما بينها، من أجل القيام بتشكيل لجان تقصّي الحقائق، والمساهمة في اقتراح المرشّحين وفي انتخاب أعضاء المحكمة الدستورية، وكذا في تمثيلية ملائمة للأنشطة الداخلية لمجلسي البرلمان، ورئاسة اللجنة المكلفة بالتشريع في مجلس النواب، والمساهمة في الدبلوماسية البرلمانية".
ويضيف لزرق، في حديثه لـ عربي21، أن دور المعارضة الحقيقي هو "المساهمة في تجويد العمل البرلماني بكيفية فعالة، عبر تحديد كيفيات مُمارسة حقوقها، بموجب قوانين تنظيمية أو قوانين أو بمقتضى النظام الداخلي لكل مجلس من مجلسي البرلمان".
ويؤكد أستاذ العلوم السياسية "يُمكن للمعارضة من داخل البرلمان المُبادرة وتشكيل لجان تقصّي الحقائق، عبر تقديم طلب تشكيل هذه اللجان التي تتوفر على نصاب ثلث الأعضاء في مجلس النواب، وتقديم ملتمس الرقابة الذي يحتاج إلى الخمس فقط، كما يمكن لها تقديم طلب عقد الدورات الاستثنائية، إذ تتوفر على النصاب القانوني المُمثَّل في ثلث أعضاء مجلس النواب"، مذكّرا بأن "المعارضة يجب عليها أن تفرض احترام الدستور عبر تفعيل الفصل 132 منه، حيث من خلاله يُمكنها طلب إحالة القوانين التنظيمية إلى المحكمة الدستورية قبل إصدار الأمر بتنفيذها".