تشهد هذه الأيام
ذكرى 19 عاما مرت على صدور الرأي الاستشاري من محكمة العدل الدولية في لاهاي، حول
عدم شرعية جدار الفصل العنصري الذي بناه
الاحتلال الإسرائيلي في الضفة الغربية
المحتلة منذ عام 2000. وعلى الرغم من أن الرأي الاستشاري غير ملزم للاحتلال
الإسرائيلي في وقف بناء الجدار وإزالة ما تم بناؤه، لكنه يصب في صالح القضية
الفلسطينية وحقوق الشعب الفلسطيني، ويفضح جزءا من
جرائم الحرب الإسرائيلية ضد
شعبنا، كما أنه يمثل قيمة قانونية بالغة الأهمية؛ كونه يشكل مرجعية قانونية وحجة
داحضة تهدم الرواية الإسرائيلية حول أراضي "يهودا والسامرا".
ومن المؤسف أن
هذا الرأي لم يحظَ بالعناية والاهتمام الكافيين في التوظيف السياسي والإعلامي
والقانوني في مسيرة القضية الفلسطينية.
كما أنه سند
قانوني دولي مهم للاستعانة به في العمل لأجل القضية الفلسطينية في الخارج، ودعم
حقوق الشعب الفلسطيني دوليا والتصدي للسياسية الإسرائيلية القائمة على تشويه
العاملين لأجل فلسطين في الخارج، سواء من أبناء الشعب الفلسطيني ومؤسساته
المختلفة، أو المتضامنين مع القضية الفلسطينية وحركات المقاطعة.
من المهم في هذه المرحلة الاستفادة من كل قرار أو موقف سياسي مؤيد للقضية الفلسطينية ومندد بسياسات الاحتلال العدوانية في البعد الدولي، والبناء على هذه المواقف في إطار مواجهة الرواية الإسرائيلية وتحقيق حضور مهم وفاعل للرواية الفلسطينية المحقة.
إن التقليل من
أهمية وجدوى مثل هذه القرارات والمواقف والسياسات التي تدين الجرائم العدوانية
الإسرائيلية بحق الشعب الفلسطيني؛ لا يصب في صالح القضية الفلسطينية، بل يشكل
عاملا يضر بقضية فلسطين. والمطلوب هو العكس تماما؛ من خلال البناء على هذه
القرارات والمواقف في إطار العمل لأجل القضية الفلسطينية في الخارج.
لذلك من المهم في
هذه المرحلة الاستفادة من كل قرار، أو موقف سياسي مؤيد للقضية الفلسطينية، ومندد
بسياسات الاحتلال العدوانية في البعد الدولي، والبناء على هذه المواقف في إطار
مواجهة الرواية الإسرائيلية وتحقيق حضور مهم وفاعل للرواية الفلسطينية المحقة. وكذلك
القرارات الدولية الصادرة عن الهيئات الدولية مثل
الأمم المتحدة وغيرها، التي
تدين العدوان الإسرائيلي على الشعب الفلسطيني، مثل القرارات الدولية ضد الاستيطان
الإسرائيلي، والتقارير الدولية التي تتبنى مواقف منصفة للشعب الفلسطيني؛ مثل
التقارير التي تتحدث عن الجرائم الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية المحتلة، والتمييز العنصري والجرائم ضد الإنسانية.
جميع هذه
القرارات والمواقف والتقارير تشكل حماية قانونية في البعد الدولي للعاملين لأجل
القضية الفلسطينية، ومن المهم أن تكون حاضرة في أدبيات العمل الفلسطيني والاستعانة
بها في مواجهة اللوبي الإسرائيلي، وحملات التشويه ضد نشطاء القضية الفلسطينية.
كذلك من الأهمية
الاستفادة من قرار محكمة الجنايات الدولية حول التحقيق في دعاوى ضد جرائم الاحتلال
في الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967، بحيث يتم رفع دعاوى قضائية ضد مختلف
أشكال العدوان والجرائم الإسرائيلية ضد شعبنا الفلسطيني؛ من الاستيطان والقتل
والاعتقال والحصار والتهجير القسري والتمييز العنصري. وجريمة العدوان الأخير على
مخيم جنين وقتل المدنيين وتدمير البنى التحتية واحدة من هذه الجرائم، ولاقت إدانة
دولية يمكن تبنّيها ورفع دعاوى قضائية ضد الاحتلال بسببها.
صحيح أن الاحتلال الإسرائيلي لا ينصاع للقرارات الدولية، لكن هذا القرارات يمكن أن تسخّر لصالح القضية الفلسطينية، ضمن منظومة عمل وطنية فلسطينية متكاملة للشخصيات والمؤسسات العاملة في خارج فلسطين، وتنسيق الجهود مع المؤسسات داخل فلسطين التي تكون مصدرا للمعلومات والشهادات القانونية حول جرائم الاحتلال الإسرائيلي.
إن الجريمة التي ارتكبها الاحتلال الإسرائيلي في مخيم جنين، هي جريمة حرب
باستشهاد أكثر من عشرة فلسطينيين، غالبيتهم من الأطفال وكبار السن، واستهداف
المشافي والطواقم الطبية والصحفية وتدمير البنى التحتية في المخيم.
وهنا نشدد على
أهمية الدعوى القضائية التي رفعها مجموعة من المحاميين الدوليين في محكمة الجنايات، بتكليف من أعضاء المجلس التشريعي الفلسطيني، ضد الاحتلال الإسرائيلي على جريمة
حصار غزة. هذه الخطوة مهمة في إطار العمل لأجل فلسطين في الخارج في بعده الدولي
القانوني، ويجب أن تكون لدينا خطة عمل وطنية ممنهجة في هذا الإطار؛ قائمة على
الاستعانة بالقرارات الدولية لتحقيق محاسبة عادلة للاحتلال على جرائمه بحق الشعب
الفلسطيني.
وفي دليل على
جدوى هذه التحركات، أن أقدمت قيادة جيش الاحتلال الإسرائيلي في فترة سابقة بنشر
قائمة لضباط من جيش الاحتلال، ونصحتهم بعدم السفر إلى دول الاتحاد الأوروبي خشية
الاعتقال.
صحيح أن الاحتلال
الإسرائيلي لا ينصاع للقرارات الدولية، لكن هذا القرارات يمكن أن تسخّر لصالح
القضية الفلسطينية، ضمن منظومة عمل وطنية فلسطينية متكاملة للشخصيات والمؤسسات
العاملة في خارج فلسطين، وتنسيق الجهود مع المؤسسات داخل فلسطين التي تكون مصدرا
للمعلومات والشهادات القانونية حول جرائم الاحتلال الإسرائيلي.