حمّل تقرير للبرلمان البريطاني الحكومات البريطانية المتعاقبة
مسؤولية ما قال؛ إنه فشل في تقدير الخطر الذي تشكله
الصين على
الأمن القومي في
بريطانيا، ورأى أن المخابرات الصينية استهدفت بريطانيا ومصالحها بشكل "متنام
وعدواني".
وجاءت هذه الانتقادات في تقرير أصدرته لجنة المخابرات
والأمن البرلمانية. وتراقب اللجنة عمل أجهزة
الاستخبارات البريطانية، وبينها "إم آي6" و"إم آي5" ومقر
الاتصالات الحكومي (أمن الإنترنت والاتصالات).
ورأى التقرير أن سياسة الحكومة الحالية في الرد على هذه
التهديدات "غير ملائمة مطلقا"، وأن الحكومة ليس لديها استراتيجية للتعامل
مع القضية.
وفي حين رد رئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك بأن
حكومته ليس راضية عما تحقق حتى الآن بشأن الصين، رأى أعضاء في اللجنة البرلمانية
أن سوناك يقلل من شأنها.
وأشار التقرير، بحسب صحيفة الإندبندنت، إلى النفوذ
القوي للصين في الجامعات البريطانية، واهتمام الصين لتكون لاعبا مهما في مجال
الطاقة النووية للأغراض المدنية، حيث صدرت تصريحات حكومية حول دراسة إمكانية
مشاركة الصين في إنشاء محطة نووية جديدة.
وأدان التقرير التساهل مع مساعي الصين لشراء النفود في
بريطانيا، متهما الحكومات السابقة بأنها أجرت القليل من التدقيق حول المال الصيني
الوارد إلى البلاد في السنوات الماضية، حيث بدا أن الحكومات البريطانية ركزت بدلا
من ذلك على "المكاسب
الاقتصادية قصيرة المدى بدلا من المخاطر بعيدة
المدى".
وقال؛ إن المملكة المتحدة باتت محط اهتمام الصين بشأن
تجنيد الجواسيس، لتكون بريطانيا في مرتبة متقدمة في قائمة الأهداف الخارجية
للمخابرات الصينية، وهو ما يمثل تحديا لأجهزة الاستخبارات البريطانية. وحذرت اللجنة
من أن الصين تمثل تهديدا وجوديا "للنظام الليبرالي الديمقراطي".
وعلق سوناك بأن الحكومة ستسعى لتعديل سياستها لمواجهة
التحديات التي تمثلها الصين، مضيفا في تصريح مكتوب: "حيثما كانت الأفعال أو
النوايا الصينية تشكل خطرا على المصالح القومية (البريطانية)، فإننا سنستمر في اتخاذ
الإجراء المناسب".
وقال وزير الطاقة البريطاني جرانت شابس؛ إن الصينيين
يريدون تغيير العالم ليصبح تحت إمرتهم، وهذا ليس مفاجئا، فقد فعلنا هذا عندما كنا (بريطانيا)
إمبراطورية".
وتحدث شابس عن ضرورة قبول العالم كما هو، ورأى أن على
المملكة المتحدة قبول الاستثمارات الصينية، لكن دون السماح لها لأن تكون "جزءا
من البنية التحتية الوطنية الحساسة" في بريطانيا.
لكن سوناك قال؛ إن الخلاصات
التي توصلت إليها اللجنة البرلمانية، استندت إلى أدلة جُمعت قبل مراجعة السياسة
الخاصة بالصين عام 2021، وقبل تحديث سياسة الدفاع والأمن هذا العام.
في المقابل، أكدت اللجنة أن أعضاءها يُجرون حوارات
مستمرة مع مختلف الأجهزة الاستخباراتية، وأنها تتلقى تقارير منها بشكل ربع سنوي.
وعلق عضو اللجنة كيفان جونز بأن رد سوناك ضعيف، وأنه
يظهر "في العمق كيف أن الحكومة تقلل من شأن اللجنة".
ويركز التقرير على النفوذ الصيني في الجامعات، ويشير إلى
أن الحكومة لم تتعامل بجدية مع التحذيرات من قبل الأكاديميين، حيث عمدت الصين
للتأثير عبر تقديم تمويل وتغطية الرسوم الجامعية، أو عبر تقديم الحوافز وحتى المضايقات
والمراقبة تجاه الطلاب الصينيين، أو عبر سياسة الإكراه تجاه مراكز الأبحاث.
كما أثارت اللجنة أسئلة حول المشاريع المستقبلة التي
تساهم فيها الشركات الصينية، وأوضح التقرير أن "الحكومة ستكون ساذجة إذا
افترضت أن السماح للشركات الصينية بممارسة نفوذها على الطاقة النووية المدنية
وقطاع الطاقة، لن ينتهي بنقل السيطرة إلى الحزب الشيوعي الصيني".
ويصف التقرير أسوأ سيناريو بالنسبة للغرب، ويتمثل في
أن تتمكن الصين من فرض القواعد العامة والمعايير الخاصة بالمنتجات وتتولى الإنتاج،
لتمارس النفوذ على الاقتصاد بكل مستوياته.
وتنقل صحيفة الإندبندنت عن مسؤول حكومي قوله؛ إن
"المشكلة الجدية التي واجهناها، هي أن الحكومات المتعاقبة استغرقت وقتا طويلا حتى
تستوعب ما كان يحدث".
ويضيف: "بكل وضوح، كان هناك حالة من الرضا عن
النفس وغياب الإرادة لمواجهة التطورات التي كانت تحدث. كنا نختلف مع حلفائنا
الأمريكيين، وهذا بات واضحا، وفي النهاية كان هناك إنذار جديّ بشأن ما كان
يحدث".
وينقل التقرير عن مدير الاستخبارات الداخلية (MI5)، كين ماك كالوم، أن التحدث الذي تمثل الصين، هو تحدث استخباراتي
مركزي لنا خلال العقد القادم".