قناعتي أني على صواب ولا أتغير أبدا هو
عدمية ومظهر للتخلف..
من أين المراجعة؟
تحدثنا في مقالات سابقة عن التفكير
الاستراتيجي والمراجعة من أين ينبغي أن تكون، من مراجعة التنفيد التكتيكي إلى
مراجعة أصل الفكرة واصل استنباط الأفكار منها ومدى فاعليته وأين الخلل في المسار
والانحراف الذي أدى إلى تعطيل الفكرة، عندما يأتي مفكر باستنباط ما من فكرة ما بعد
استقراء الواقع لكن تقليد اتباعه له وتمسكهم بما انتج، يجعلهم ينسون عاملي الزمان
والمكان وتغيير الناس كنفسية وعقلية نتيجة تأثير البيئة وتقلباتها، فيصبح اصل فكرة
المفكر موضوع المراجعة وليس عمل حقلي لمن تبعه فقط، أي يكون التغيير على مسارين،
مسار الحاجة لمفكر جديد وتفكير جديد وأولويات وكل ما يتعلق بالواقع من فقرات، وهذه
ممكن تجاوزها بوضع آليات الإصلاح من الداخل بوجود منظمة تفكير لا تنظر بقدسية لشيء
في داخل المنظومة وتُسْمِع.
مراجعة الإنسان للذات
في هذه الجمل القليلة نحاول توضيح إخفاق
المراجعات الفردية ومن أين ينبغي أن يصلح الإنسان نفسه.
لقد علمنا النص القرآني من نصوصه منطق
الشروع والنظر إلى الداء البشري مباشرة وهو (الأنا) فالإنسان لا يتهم نفسه غالبا
وإنما يقذف بالأخطاء على زوج أو صديق أو ا ما وأب أو ظرف أو عقبات اعترضت مساره في
الطريق لذا اقسم الله بالنفس اللوامة، تلك النفس التي تبدأ مراجعة الخطأ انطلاقا
من الذات:
ـ لم أنا أعاني من مشاكل وزوجي واصل به/ بها إلى طريق مسدود لا حل له إلا الافتراق.
ـ لم أنا أتعرض لنفور من الزملاء أو
الأصدقاء ولا أكون مقبولا عندهم أو لا اقبل فلان وفلانة.
ـ لم يحاول البعض بما يبدو لي حسدا أو كرها
أن يمنع عني أي مصلحة هي تغير وتؤثر في حياتي.
ـ لم لا يعجبني هذا العمل وأريد تغييره
ـ لم لا أجيد التفاهم مع أبي ويبدأ الشحن
العصبي من عدة كلمات، وأتصور للحظة أن أبي أو أمي ممكن أن يكرهاني.
إن إصلاح النفس لا يمكن أن يكون من خارجها
مالم تقتنع النفس إنها بحاجة إلى مساعدة، ومحاولة تغيير رؤية الناس أو درجة
الفاعلية للإنسان كمنظومة من تغيير الذات، فبدون تغيير الذات مظهرا وجوهرا لن يكون
هنالك نجاح، تغيير أسلوب التعامل مع الآخرين، محاولة تغيير الخارج كمحاولة تغيير
انعكاس صورتك على الماء لا تزيدها إلا تشوها ومستحيل أن تظهر صورتك بملابس بيضاء
وأنت تتشح بالسواد.
مشكلة هذه الناس التي امتلكتها الأنا
المرضية إنها لا تنتحر فقط بإصرارها على بقائها كما هي بل هي سوداوية ماحقة للجمال
في المقابل، فالرجل ممكن أن يحطم زوجه وشخصيتها وكل معاني الجمال فيها بحيث يرتاح
لحالة الاستعباد التي يمارسها والقهر المريض، يعينه في ذلك أسلوب التربية الخطأ
الذي يقدم المرأة قربانا وضحية لمن قلت مروءته ولم يبق من رجولته إلا ذكورته فتصبر
إلى أن تستنزف وتدمر ولم يبق أمامها قدرة على الاستمرار، كذلك المرأة إن أجبرت على رجل تكرهه فهي على استعداد لتحطيمه
خلال اشهر وأيام ، ولا يملك من وقع تحت سلطة الاستبداد إلا الخلاص والطلاق من حلول
الرحمن لهذا الإنسان، لكي يستعيد كل ذاته ويحاول أن يرمم حياته.
إن محاولة الإنسان في خلق الإيجابية وتحسين أفعاله وردود الفعل لأفعال الآخرين، سيجعل الجو تدريجيا إيجابيا مرضيا له ولذاته، أما إجبار المحيط على ما يريد دون تمهيد أو مقابل وبالسلبية فهو سيخلق جوا لا مجال للإيجابية فيه، فالانا كما تعلمنا لا ترضي الخالق وليست صفة أهل النعيم.
الإنسان لابد أن يتفاعل مع واقعه إيجابيا
ليس بالانحراف مع المنحرفين وإنما بتعظيم الإيجابية عند الناس فلا يوجد إنسان خير
كله ولا شر كله، ومن تجاوز حدود الاثنين بشكل مَرَضيٍّ فهذا يحتاج إلى تصويب، ومن
اختار الطيبة فهو يعرف ويسامح فذاك رقي في الإنسانية، ومن اختار الشر فذاك خطر على
المجتمع الذي هو فيه، وقواعد الإصلاح معروفة نموذج منها:
التصالح مع الذات لا يعني التسامح معها وما
إلى ذلك مما يطرحه بعض مربي الأنا وتعميقها، بل بمراقبتها فالإنسان على نفسه
بصيرة، ينبغي النظر إلى إعادة بناء الذات بما يضفي السعادة والحيوية إلى محيطك
وتكون إيجابيا فيه ومنتجا، متجاوزا الإخفاقات قدر الإمكان بلا صراعات وموازنة
الأمور والقرآن فيه من المعالجات ما يغني عن غيره أهمها ترويض الأنا، وان لا تكون
ظالما وتضطر الآخرين لتجاهلك أو الابتعاد عنك.
مكانة الإنسان متباينة الموقع
إن مكانة الأنسان متغايرة، فمكانته في عمله
إن كانت الأولى فمكانته بين أصدقائه قد تكون الثالثة والرابعة ومكانته عند أهله
تعظم بخفض الجناح لمن يجهد في إدارة بيته وتحمل عبئ تربية أولاده وإعداد طعامه وكل
هذا ليس أمرا أو مهمة أو واجب وإنما صدقة وتضحية وتطوع (خيركم خيركم لأهله) فكلما
كان الإنسان محترما أهله فسيحترمه الناس وكلما كان الإنسان محترما لزوجه وذريته
فسيحترمه الناس وسيحترمونهم، والمرأة في البيت إن لم تك ملكة محترمة فلا نرجو من
حياتنا قيمة أو صفو أو مآل، فلا ينقص من الإنسان قيمته إن أطاع أهله ونظر الى نفسه
من خلالهم وليس العكس فالأنانية تمحق الحياة الفردية بمحق الأسرة.
إن محاولة الإنسان في خلق الإيجابية وتحسين
أفعاله وردود الفعل لأفعال الآخرين، سيجعل الجو تدريجيا إيجابيا مرضيا له ولذاته،
أما إجبار المحيط على ما يريد دون تمهيد أو مقابل وبالسلبية فهو سيخلق جوا لا مجال
للإيجابية فيه، فالانا كما تعلمنا لا ترضي الخالق وليست صفة أهل النعيم.