دعا أسامة رشدي عضو المجلس القومي لحقوق
الانسان السابق في
مصر، كافة فصائل التيار الإسلامي في مصر إلى إجراء مراجعات جدية
لتعاطيهم السياسي مع مرحلة ما بعد ثورات الربيع العربي، وترجمة ذلك في التوقيع على
وثيقة رسمية لإصلاح منظومة العمل السياسي الإسلامي، تحمل أفكارا سياسية واضحة
لصناعة مستقبل مصر.
وأوضح رشدي في كلمة مصورة، أرسل نسخة منها
لـ
"عربي21"، أن مبادرته موجهة لكافة الفرقاء السياسيين في مصر المعنيين
بأفكار ثورة يناير، ولكنها موجهة أساسا لقادة التيار الإسلامي بمختلف اتجاهاته.
وقال: "مصر الآن أقرب من أي مقتضى
للتغيير، الجميع الآن يتأهب وينتظر أن يكون هناك تغيير لإنقاذ الوطن.. الوطن الذي
يتفكك ويتمزق وينهار بفعل سنوات القمع والاستبداد وحكم الفرد المطلق.. الذي دمر
المؤسسات وأدى إلى هذا الانهيار الاقتصادي.. فالتغيير قادم شاء السيسي أم أبى..
لكن السؤال ما هو دور التيار الإسلامي أو السياسيين الإسلاميين للمساعدة في هذا
التغيير المنشود؟".
وأكد أن "هذا سؤال مهم وينبغي أن يبادر
الجميع بتقديم المبادرات التي تساعد في صنع مستقبل جديد لمصر خصوصا أن مراحل
التحول تكون فيها البلاد في أضعف حالاتها، وأن ذلك هو سبب هذه الكوارث التي سيخلفها
هذا النظام والأزمات التي عملها في العشرية السوداء".
وأشار رشدي إلى أنه على الرغم من أن "الإسلاميين
هم أكثر الناس معاناة من المجازر الجماعية وقتل الأبناء والإخوة والنساء والشيوخ
وعشرات الآلاف منهم موجودون في السجون الآن ودفعوا أثمانا كثيرة بعد أن تكالبت
عليهم الدنيا ليتمكنوا من إعادة مصر إلى حظيرتها كدولة تابعة مستهلكة غير منتجة أي
دولة وظيفية، ومع ذلك فقد كانت هناك أخطاء في الممارسة سهلت لخصوم الثورة ما قاموا
به، وسهلت لهم تحقيق النتيجة التي وصلوا إليها".
وأضاف: "يجب أن يعترف التيار الإسلامي
والإسلاميون السياسيون أن هناك أخطاء حدثت، وأن يبادروا بتصويبها.. وأن يقدموا
مبادرات واضحة للمساهمة في صنع المستقبل، الذي نريده جميعا لمصر".
وتابع: "بالتأكيد الجميع أخطأ، وليس
فقط الإسلاميين، والجميع يعرف أخطاءه، فمنهم من خُدع بحسن نية ومنمهم كان جزءا من
المؤامرة.. هؤلاء كانوا يعرفون ماذا يعملون.. وهم مستمرون في هذه المؤامرة حتى
الآن.. لكنني أعول على الجزء الذي كان فاهما للأمور بشكل خاطئ وتبينت له الحقيقة
الآن".
ورأى رشدي أن "الخطوة الأولى المطلوبة
من التيار الإسلامي أن يتداعى لإصدار وثيقة يوقع عليها الجميع بحسن نية أيضا،
لإصلاح منظومة العمل السياسي الإسلامي".
وقال: "لا شك أن منظومة العمل السياسي
في مصر محتاجة إلى إصلاح لكن ما يلزمنا منها هو هذا الجزء، وهذا الجزء كل المطلوب
منه أن يقوم بما يستطيع تقديمه".
وذكر رشدي أن "الثورة باغتت الإسلاميين
في عهد مبارك وأن التيار الإسلامي دخل في العمل السياسي بشكل سريع بالوضع الذي كان
عليه قبل الثورة".
وقال: "كانت هناك جماعات للأسف دخلت
كما هي إلى ساحة العمل السياسي، ربما كان هذا خطيئة كبرى يجب الآن التعهد والعمل
على إنهائها.. الدولة المدنية الحديثة التي نتفق جميعا على ضرورة بنائها تقوم على
مؤسسات، والأحزاب السياسية هي جزء من بنية هذه المؤسسات، وهذه الأحزاب تعبر عن
اتجاهات فكرية وسياسية متنوعة، أي مجتمع فيه تنوع.. لكن لا يمكن قبول أحزاب سياسية
هي جزء من جماعات، يعني الحزب يقوم بدورين، فهو حزب سياسي من ناحية وهو جماعة
إسلامية من ناحية أخرى.. طبعا هذا الأمر سيكون من الصعب أن يكون متاحا في
المستقبل، لا بد أن تكون هناك أحزاب سياسية حقيقية مهما كانت أفكارها طالما أنها
تتفق مع الدستور والقانون.. فالتفرغ بالنسبة للأحزاب السياسية كأحزاب لها وظائف هذا
الأمر مطلوب.. أما الجماعات فلها وظائف أخرى في العمل الدعوي والأهلي والخيري، وكل
له مجاله الذي يتسع له".
ولفت رشدي الانتباه إلى أن الحوار داخل
مؤسسا الجماعات الإسلامية بشأن الفصل بين المجالين الديني والسياسي موجود منذ فترة
لدى عدد من الجماعات الإسلامية، لكنه قال: "نحن بحاجة لصدور مراجعات بشكل
رسمي ومؤسسي ونحتاج أن أن تبنى الأمور على هذا الأساس".
وعن الجهة المعنية بتلقي هذه
المبادرة، قال رشدي:
"هي مبادرة ليست موجهة لأحد وإنما موجهة لجمهور الإسلاميين وإلى الشعب
المصري، وليست موجهة إلى النظام، وهي دليل حيوية وقدرة على تحديد الأخطاء وتصويبها..
وهي خطوة مهمة لتشجييع الشركاء السياسيين للاعتراف أيضا بأخطائهم، وهي خطوة مهمة لإعادة
تأسيس المظلة الوطنية الجامعة بين كل الكيانات السياسية الوطنية حتى نستعيد بها
روح ثيورة يناير مرة أخرى.. بدون ذلك لن تتمكن مصر من مواجهة تحديات التغيير
وإصلاح ما أفسده الطاغية".
وأضاف: "أنا لا أدعو إلى فصل الدين عن
الدولة، فالدين يحكم سلوك الفرد وتصرفاته سواء كان مسيحيا أو مسلما، ويؤثر في
قراراته وتوجهاته، وكل شخص حر في ذلك.. هناك حرية كاملة للمعتقد.. لكن المطلوب أن
تكون برامج الأحزاب المطروحة وأساليب عملها متفقة مع الدستور والقانون كما هو
معمول في كل دول العالم".
وتابع: "الجميع الآن يدفع ثمن الفرقة والخلاف
وعدم تمكننا من الحفاظ على ثورة يناير رغم التضحيات العظيمة التي بذلها شباب يناير
من حرياتهم ودمائهم بما سمح للمتآمرين أن يحققوا ما أرادوا.. المطلوب من الجميع
الآن أن يراجع أخطاءه، فنحن نحتاج إلى جبهة حقيقية لإنقاذ مصر وليس جبهة لإسقاط
الديمقراطية"، وفق تعبيره.