قال رئيس الحكومة السابق والأمين العام لحزب
العدالة والتنمية، عبد الإله بنكيران، إن "القرآن الكريم مليء بالحجج والبراهين على أن المعاصي والذنوب قد يُعاقب عليها بشكل أو بآخر".
جاء ذلك في تصريحات لبنكيران، على الصفحة الرسمية لحزب العدالة والتنمية في "فيسبوك"، وذلك بعد البلاغ الذي ربط بين "
زلزال الحوز" و"ارتكاب المعاصي السياسية"، والذي أثار جدلا.
وأوضح بنكيران: "يوم أتيت إلى تارودانت، كان هناك أكبر تجمع في تاريخ الحزب، بكيت فيه، حيث أدركت آنذاك ولو أنني كنت رئيسا للحكومة، قلة حيلتي ناحية ساكنة تلك المناطق، ممن يعيشون في ظل فقر وسوء الطرق".
بنكيران: لم أتكلم عن إخواننا في الحوز
أضاف بنكيران، عبر البث المباشر الذي تابعته "عربي21": "أنا قلت، بعد التذكير بكل ما يجب العمل عليه، يجب أن نراجع كذلك الآية القرآنية "وبشر الصابرين الذين إذا أصابتهم مصيبة، قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون".. إذن سنرجع إليه من خلال بناء مواقفنا، حيث أن المؤمنين عبر التاريخ كلما أصابتهم مصيبة راجعوا أنفسهم، وقصة أصحاب الكهف خير دليل، لأنه يمكن مراجعة الكربات من خلال العمل الصالح".
وفي السياق ذاته، تابع بنكيران بالدفاع عن نفسه، عبر البث المباشر: "أنا قلت إن الصواب هو أن نراجع كأمة"، وبذلك لم أتكلم عن إخواننا في الحوز، الذين بالنسبة إلينا هم ضحايا في الأغلب، بسبب ذنوبنا جميعا؛ بل قلتُ إنه يجب علينا أن نراجع أنفسنا كأمة، وأن نتبين أن الذي وقع قد يكون كذلك بسبب ذنوبنا ومعاصينا ومخالفاتنا، ليس فقط بمعناها الفردي، بل كذلك بمعناها العام والسياسي".
وأشار المتحدث نفسه، إلى أنه: "نحن كمسلمين إذا أصابنا شيء جيد نقول الحمد لله وإذا أصابنا ما هو سيء قلنا نستغفر الله" مردفا بأنه: "كلامي في مصلحتهم من أجل مراجعة أنفسهم، فتم تحوير كلامي على أنني أشمت بهم؛ أنا لست أحمق من أجل أن أشمت، فأنا أحب المغاربة، ولا يمكنني إيذاء حتى قط أو كلب، وإن لم أستطع المساعدة أتألم؛ كلامي كان موجها لكافة من لهم مسؤوليات".
وأكد بنكيران على أنه "قد يكون الذي حصل بناء على الذنوب والمعاصي بمفهومها السياسي، حيث إنني أتكلم عن الذين يدافعون عن الخيانة الزوجية وعن العلاقات خارج الزواج وعن الذين يسرقون المال العام، وعن الذين جيء بهم دون تكوين ولا صلاح إلى المسؤوليات، ومن يبيعون المخدرات.. وغيرهم".
واستطرد الأمين العام لحزب العدالة والتنمية: "من يحرضون ضدي هم أشخاص علمانيون، لا يريدون أن يذكر اسم الله، كأنهم يودون أن المواطن
المغربي يشاهد المنكر ويصمت، وإن حصل هذا الأمر، فإن ما سيصيبنا سيكون أكبر من الزلزال" مؤكدا على أن هناك فئة كبيرة من المغاربة "حتى في صلاة الاستسقاء تقوم بجعل الأطفال في الصفوف الأولى لأنهم خالين من الذنوب، ناهيك عن إخراج حفظة القرآن، هذه دولتنا الإسلامية".
وختم بنكيران كلمته في البث المباشر بالقول: "لا يمكنني أن أسكت إلا إذا غُلبت" مضيفا: "تلك الفقرة أنا أتحمل مسؤوليتها لوحدي، والإخوان في الأمانة العامة غير معنيين بها، إلا لمن أراد".
هل ضرب "الزلزال" حزب العدالة والتنمية؟
تسبّب بيان حزب العدالة والتنمية الذي وصف بـ"المثير والصادم" في موجة غضب داخل الحزب، حيث قام القيادي في الحزب والوزير السابق، عبد القادر اعمارة، بتقديم استقالته من التنظيم، وذلك فيما لا يقل عن 24 ساعة فقط من إصدار الوثيقة.
وكتب عبد القادر اعمارة، على حسابه في "فيسبوك": "بقلب يعتصره الألم على ما آلت إليه تجربة حزب العدالة والتنمية فإني أعلن عن استقالتي من الحزب وكل هيئاته منذ هذه اللحظة"؛ فيما علمت "عربي21" أن موجة الغضب من البيان الأخير، سرت لدى جل أعضاء حزب العدالة والتنمية.
وجاء في بيان الأمانة العامة لحزب العدالة والتنمية، بعد التنويه بالمجهودات الملكية والحزم في احتواء الضرر الناتج عن الزلزال العنيف الذي ضرب عددا من المناطق المغربية، وكذا بتدخل السلطات العسكرية والمدنية، وبالهبة الشعبية والتضامن والتعاطف الوطني النبيل، الذي عبر عنه مختلف رجال ونساء المغرب، بمختلف فئاتهم وأعمارهم، لتقديم المساعدات لضحايا الزلزال بكل الأقاليم المتضررة؛ أنه "بالرغم من أننا ما زلنا تحت هول الصدمة، وجب علينا أن نسائل أنفسنا عن دورنا كحزب سياسي وطني ومسؤول، وأن نصارح شعبنا ونتحمل مسؤوليتنا".
وأضاف البيان الذي وصل "عربي21" نسخة منه: "لأن الملاحظ أن الكل اليوم يتحدث ويشيد بالقرارات التي اتخذت والمساعدات التي قدمت والميزانية المهمة التي خصصت، وهذا واجب من باب الشكر والاعتراف بالفضل لأهله، لكن في المقابل لا أحد ينبه أو يذكر بما ينبغي أن يراجع على ضوء ما كشفه هذا الزلزال من خصاص وتفاوتات مجالية".
اظهار أخبار متعلقة
وتابع: "من واجبنا كحزب سياسي أن نعتبر، وأن ندعو إلى الاعتبار مما وقع استحضارا لقوله سبحانه وتعالى: "وبشر الصابرين الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون"، والذي يردده المسلمون كلما حلت بهم مصيبة، وعلينا أن ننتبه إلى أن من معاني “الرجوع إلى الله” ما يفيد أننا مبتعدون عنه في أمور معينة، وعليه وجب أن نرجع إلى الله سبحانه وتعالى كي يضمد جراحنا ويعوضنا عن مصيبتنا خيرا".
وأضاف المصدر نفسه: "لكن يجب أن نراجع كذلك كي نرجع إلى الله لأن كل شيء يصيب الإنسان فيه إنذار، والصواب هو أن نراجع كأمة ونتبين هل الذي وقع قد يكون كذلك بسبب ذنوبنا ومعاصينا ومخالفاتنا ليس فقط بمعناها الفردي، ولكن بمعناها العام والسياسي، لأن السؤال المطروح ليس فقط عن المخالفات الفردية، وإنما عن الذنوب والمعاصي والمخالفات بالمعنى السياسي، وتلك الموجودة في الحياة السياسية عامة والانتخابات والمسؤوليات والتدبير العمومي وغيرها".
إلى ذلك، تساءل بنكيران عما أثير في سياق الزلزال حول "صندوق تنمية المناطق القروية والجبلية، والذي رصدت له ميزانية كبيرة تفوق 54 مليار درهم، وعن أثرها على واقع ساكنة هذه المناطق وبنيتها التحتية ومعيشها اليومي" مذكرا إثر ذلك بـ"ما وقع من نزاع بين وزيري الداخلية والفلاحة سنة 2016 حول الإشراف على هذا الصندوق"؛ مستفسرا عن "الإنجازات الحقيقية لهذا الصندوق".
وأشار بنكيران إلى أنها "أسئلة مطروحة على الجميع، بما في ذلك حزب العدالة والتنمية، وتحتاج إلى التوضيح والبيان واستخلاص الدروس للمستقبل"، مؤكدا في السياق ذاته على أن "الحزب مطالب بالحفاظ على هويته والتشبث بمرجعيته وتميزه، لا سيما في ظل ما تعرفه الساحة السياسية الوطنية، التي ابتليت ببعض الأحزاب التي لا تتنافس في خدمة المواطن والمصلحة العامة بقدر ما تتنافس على جلب المناصب والمصالح الذاتية ولذوي القربى حتى ترسخ في ذهن المواطن أن الدولة تسعى من جهتها للقيام بما يجب".
اظهار أخبار متعلقة
وتابع: "تظل المؤسسات الأخرى، من حكومة ومجلس النواب ومجلس المستشارين والجماعات الترابية وغيرها، غائبة وعاجزة عن القيام بواجبها، لكونها مؤثثة على العموم بكائنات لا تمثل الإرادة الشعبية، ولا علاقة لها بالعمل السياسي النبيل والمسؤول، وعاجزة كليا عن التواصل المباشر والمسؤول مع المواطنين".
فيما وجّه انتقادات لـ"بعض الأصوات الإعلامية المغرضة، التي لا تتوقف عن مهاجمة الحزب وتحميله المسؤولية عن كل ما وقع ويقع، مؤكدا أن الحزب قام بواجبه بشرف ومسؤولية في إطار الصلاحيات المخولة له، بالرغم من كل الإكراهات المعروفة".