قضايا وآراء

"إسرائيل".. الهوية الضائعة

رجائي الكركي
"صراع متدحرج منذ سنوات"- الأناضول
"صراع متدحرج منذ سنوات"- الأناضول
كتبت صحيفة "إسرائيل اليوم": "إسرائيل باتت تعاني من فقدان للإدارة في كل المجالات تقريباً، هناك موجات من القتل في المجتمع العربي، واحتجاجات لدى الإرتريين في تل أبيب ولا حلول في الأفق، ومن يهمل معالجة الثقوب السوداء الموجودة في الحكم ستلاحقه ولو بعد حين".

وأشار باحثون في مركز "مسغاف الإسرائيلي" الى الفشل في القضايا الرئيسية، فرسموا خطة استراتيجية ووضعوها على طاولة صناع القرار، طالبوا بمعالجة القضايا من جذورها، مثل مشاكل الهجرة وجرائم القتل في الوسط العربي، وأسلوب الخاوات داخل "إسرائيل"، ومسألة بدو النقب ومشكلة السيادة والسيطرة في النقب والجليل، والأمن الغذائي.

من جهتها، كتبت صحيفة هآرتس مواجهات وقعت بين "الإسرائيليين" أنفسهم على خلفية منع إقامة صلوات تلمودية منفصلة بين الرجال والنساء في عدد من مدن الاحتلال، وعلق نتنياهو على الأحداث قائلا: "على ما يبدو ان كراهية متطرّفي اليسار لا حدود لها"، وهو تصريح مثير للانتباه، فنتنياهو يعتبر أن هناك يسارا متطرفا يقف أمام يمين متطرف.
 
أزمات "إسرائيل" ليست حديثة عهد وإنما بدأت منذ احتلالها لأرض فلسطين. مصادر تاريخية عدّة ذكرت أنه كان من المفترض أن تعلن "إسرائيل" عن دستورها في نفس العام الذي أعلنت فيه عن قيام دولتها عام 1948، لكن خلافات بين الأطراف حالت دون الإعلان عن الدستور، فامتد الأمر الى عام 1954 ليعلن عن "قوانين الأساس" والتي تضمنت قرابة 14 قانونا. تلك الخطوة لم تساعد على لملمة الخلافات من يومها، وإلى يومنا هذا لم تتفق المكونات "الإسرائيلية" على رؤية تجمعهم تحت مظلّة ديمقراطيتهم النموذجيّة حسب وصفهم، فصراع العلمانيين مع المتدينين والشرقيين مع الغربيين، وعنصرية العرق اليهودي التي استحقرت الإثيوبي وغيره، قائمة وفي ازدياد.

وأزمة التعديلات القضائية وتداعياتها المستمرة هي نتاج لِما تم ذكره آنفاً، بل كشفت عن مدى الانشقاق والتمزّق الذي يمر فيه المجتمع "الإسرائيلي"، فحكومة نتنياهو الفاشية أشعلت نار الفتنة الداخلية ببرنامجها المتطرف الذي لا يرى إلا نفسه في الساحة السياسية دون قبوله للآخر.

خلاصة القول: لن تعود "إسرائيل" إلى ما كانت عليه قبل أزمتها الحالية حتى لو تعافت مما أصابها، فهذا صراع متدحرج منذ سنوات قد يقضي على ما تبقى من هويّة "إسرائيل" المزيّفة أصلاً.

وهنا يجب أن لا ننسى ما حذّر منه رئيس المعارضة الحالي يائير لبيد بقوله: "بعد نصف سنة من الآن ستكون "إسرائيل" مفككة من الداخل ومجتمعها مليء بالكراهية الداخلية"، مضيفاً: "إن نتنياهو يذهب بنا للفوضى".
التعليقات (0)