-
الصراع الحالي داخل كيان الاحتلال، يشار إليه على أنه محطة من محطات صراع متدحرج
منذ سنوات، فنتنياهو الذي بدأ مشواره السياسي منذ عام 1996، عمل على تجسيد رؤية
أبيه "بن صهيون" القائلة؛ "إن التاريخ لا تصنعه إلّا الأحذية
الثقيلة". هو اليوم كما كان بالأمس، لا يؤمن بالشراكة السياسية مع أحد، فلطالما
تلاعب وخدع شركاءه السابقين في السياسة (مثل أرئيل شارون- وأفيغدور ليبرمان–
ونفتالي بينت- وتسيبي ليفني- وغيرهم)، وبنظره كرسي الحكم، أولا وأخيرا حتى لو
تفكك أو ازداد المجتمع "
الإسرائيلي" تمزّقا أكثر مما عليه الآن.
-
الصحفي والكاتب "بن كسبيت": "
نتنياهو وحكومته يدمرون وبشكل منهجي دولة
إسرائيل، من بدايتها لنهايتها".. عبارات كتلك باتت تتكرر على ألسنة الكتّاب
والأكاديميين والعسكرين والسياسيين "الإسرائيليين"، الكل يُجمع على أن حكومة
اليمين المتزمتة تقود المشهد السياسي بعنجهية وتطرّف دون النظر لمكونات المجتمع "الإسرائيلي"، الرافضة لمسيرة الإصلاح القضائي، التي يسميها البعض الانقلاب القضائي. حكومة
فاشية لا ترى إلا نفسها ولا تستمع إلا لصوتها تحت قبة الكنيست، وتطرف فعلي عبّر
عنه عضو الكنيست المتطرف "تسفيكا فوغل" من حزب عوتسما يهويديت، الذي دعا
لاعتقال زعيم المعارضة "يائير لبيد"، مما أحدث مشهدا عكسيا للصورة
المتداولة بأن كيان "إسرائيل" عنوان للديمقراطية الأصدق من بين دول
الشرق الأوسط.
-
قيادة نتنياهو للحكومة "الإسرائيلية" باتت هاجسا يؤرّق غالبية
"الإسرائيليين". ببساطة الكيان يتهاوى سياسيا واقتصاديا واجتماعيا، والمنظومة
السياسية أصبحت في خطر محدق، فما حدث من صدع وانقسام ليس من السهل مداواته، أو حتى
عودته كسابق عهده.
-
وجه الحقيقة يفيد أن تعليق خطوات الإصلاح القضائي التي أعلن عنها من طرف الحكومة،
ليست إلا مناورة مفضوحة مارسها نتنياهو من قِبل. ومما يؤكد ذلك، أن المظاهرات
الرافضة للإصلاح القضائي لا زالت قائمة في شوارع الكيان حتى كتابة هذه السطور، مما
يعني أن فجوة الصراع الداخلي مستمرة وقد تتزايد وتيرتها.
-
ختاما: في خطاب لنتنياهو ألقاه أمام مؤتمر دولي في "معهد
سياسة مكافحة الإرهاب" في هيرتسليا عام 2014، أشار فيه إلى أن "الشرق
الأوسط يتمزق أشلاء؛ لأن بعض الدول انهارت فيه". لكن عين الحقيقة اليوم تقول
وبلسان "إسرائيلي" قبل غيره؛ إن نتنياهو هو ذاته من يمزّق كيان
"إسرائيل" برفقة شركائه الفاشيين (سموتريتش وبن غفير)، لينطبق عليهم قول الفيلسوف فولتير: "أفضل حكومة هي تلك التي يوجد فيها
أقل عدد من الأشخاص عديمي الفائدة".