هل يتنازل السيسي عن جزء من سيناء مقابل شطب ديون مصر؟ (فيديو)
عربي21- بشر شبيب30-Oct-2307:32 AM
1
شارك
يتعمد الاحتلال استهداف النازحين في مناطق جنوب قطاع غزة- "عربي21"
أعادت حرب الإبادة الجماعية التي يشنها الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة، تسليط الضوء على مساعيه الرامية إلى تصفية القضية الفلسطينية وتهجير الفلسطينيين قسريا إلى سيناء، مقابل امتيازات اقتصادية تُمنح للقاهرة في محاولة لدفعها إلى القبول بتوطين أهالي غزة على جزء من أراضيها، في ظل الأزمة الخانقة التي يمر بها الاقتصاد المصري.
ومنذ بدء العدوان في السابع من تشرين الأول/ أكتوبر الجاري، بدأ الاحتلال في تصدير تصريحات عديدة تدعو الفلسطينيين في غزة إلى النزوح إلى مصر، في خطوة تهدف إلى إكمال ما انتهت إليه طموحات معاهدة السلام المزعومة التي كشفت عنها إدارة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، وعرفت فيما بعد بـ"صفقة القرن".
وكانت وكالة "أسوشييتد برس" الأمريكية نقلت بعد أيام على بدء العدوان الإسرائيلي الأخير، عن مسؤول مصري وصفته بـ"الكبير"، قوله إن الولايات المتحدة الأمريكية اقترحت على مصر السماح للفلسطينيين في قطاع غزة الذين نزحوا من القصف الإسرائيلي العنيف بالعبور إلى الأراضي المصرية؛ إلا أن الاقتراح قوبل بالرفض بحسب المصدر ذاته.
يأتي ذلك في وقت تشهد فيه مصر أزمة اقتصادية غير مسبوقة مع تراجع قيمة الجنيه ونقص الاحتياطي من النقد الأجنبي، إضافة إلى تضاعف الدين المصري الخارجي منذ وصول رئيس النظام عبد الفتاح السيسي إلى السلطة قبل عقد من الزمان، حيث وصل إلى نحو 165 مليار دولار بنهاية الربع الأول من العام الجاري، وفقا لبيانات وزارة التخطيط والتنمية الاقتصادية المصرية المستندة لإحصاءات البنك المركزي المصري.
وأثار مراقبون في الآونة الأخيرة مخاوف حول إمكانية ميل نظام السيسي إلى اتخاذ قرارات تمس بالسيادة المصرية؛ كالتنازل عن جزء من أراضي سيناء مقابل تصفير ديونها الخارجية وتعويضها بأراض من صحراء النقب، فضلا عن تقديم معونة مالية بقيمة 12 مليار دولار، وفقا لما نصت عليه سابقا صفقة القرن التي سوّق لها جاريد كوشنر، كبير مستشاري ترامب وصهره، في مؤتمر المنامة عام 2019.
وفي السياق، نشر موقع "مدى مصر" الإخباري تقريرا أشار فيه إلى تعرض مصر لضغوطات غربية للسماح بنزوح الفلسطينيين من قطاع غزة إلى سيناء، موضحا أنه رغم الموقف الرسمي الرافض لمثل هذه الخطوة إلا أن نظام السيسي يميل إلى الموافقة بسبب الحوافز والإغراءات الاقتصادية المقدمة، بحسب ما نقله الموقع في تقريره الذي اضطر إلى حذفه لاحقا بعدما استدعى المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام مسؤوليه للتحقيق بحجة أن المعلومات الواردة في التقرير المنشور "قد تضر بالأمن القومي".
الخبير الاقتصادي الدكتور أحمد ذكر الله، أوضح أن تورط دول مختلفة حول العالم، ومن بينها مصر، في هوة سحيقة من الديون مع عدم القدرة على سدادها نتيجة عدم رشادة استخدام هذه القروض في مشاريع إنتاجية، قد يدفعها إلى القبول بسيناريوهات وتنازلات غير محببة للشعوب، وضاغطة في الوقت ذاته على الحكومات التي لا ترغب فيها ولكنها تجد نفسها مضطرة للتجاوب معها.
وأضاف في لقاء خاص مع "عربي21" أن التاريخ يحمل في طياته أمثلة عديدة على ذلك، من بينها إسقاط الديون عن نظام الرئيس المصري المخلوع، الراحل حسني مبارك، بعدما كاد أن يفلس، وذلك مكافأة على وقوفه ضد اجتياح الرئيس العراقي الأسبق صدام حسين للكويت في مطلع تسعينيات القرن الماضي.
وفي سياق كلام الخبير الاقتصادي، كان السيسي قد تحدث عام 2016 عن إسقاط ديون مصر في عهد مبارك، منوها إلى أن حجم الأموال التي أسقطت في ذلك الحين بلغت نحو 43 مليار دولار.
وأشار السيسي إلى "الدفعة الصحية" التي يخلفها إسقاط الديون على الاقتصاد، قائلا إن "إسقاط الديون عام 1991 أعطى فرصة للاقتصاد المصري"، وتابع: "هي الحكاية كده".
إلى ذلك، أكد الخبير أحمد ذكر الله أن "اتخاذ الحكومات المتعثرة قرارات تتعلق بالتخلص من أعباء القروض وإسقاط الديون عبر تنازلات تمس بالأمن القومي أو السيادي، ليس مستبعدا إلى حد كبير لا سيما في أوضاع راهنة ضاغطة".
وأردف: "رغم أن هناك أيضا مجموعة من الفواعل الدولية الضاغطة في اتجاهات متعددة إلا أن ورقة الديون تبقى الضغط الأكبر الذي يشكل رافعة للقبول بممارسات قد لا تكون مقبولة لا على المستوى الشعبي ولا حتى على المستوى الحكومي".
وللتعليق على ما تتعرض له القاهرة من ضغوطات مصحوبة بمغريات من شأنها أن تنتشل الاقتصادي المصري من الهوة السحيقة التي انتهت إليها على مدى السنوات العشر الماضية، فقد تحدثت "عربي21" مع عضو المجلس المصري للشؤون الخارجية ومساعد وزير الخارجية الأسبق، السفير رخا أحمد حسن، الذي أوضح أن قضية تهجير الفلسطينيين إلى سيناء عُرضت مرتين على السيسي منذ توليه الحكم.
وكشف الدبلوماسي المصري أن "كلا العرضين قوبلا برفض الجانب المصري جملة وتفصيلا، رغم أنهما أتيا مصحوبين بإغراءات مالية كبيرة، مع منح الدولة المصرية أراضي بنفس المساحة التي تتنازل مصر عنها في صحراء النقب"، بحسب قوله.
وأضاف رخا في تصريحاته لـ"عربي21" أن "إسرائيل لديها منذ زمن طويل مُخطط حقيقي وخطير للغاية يقضي بتهجير الفلسطينيين إلى سيناء، وربما إلى الأردن ولبنان أيضا؛ وهذا المخطط سبق وأن تم عرضه على الرئيس مبارك، وكان يرتكز على أن تُقدّم مصر 600 كيلومتر مربع من مدينة رفح المصرية إلى أهل عزة، وفي المقابل تمنحنا إسرائيل 600 كيلومتر مربع مماثلة في منطقة العوجا بصحراء النقب التي تقع على الحدود بين البلدين، بالإضافة إلى 12 مليار دولار".
اظهار أخبار متعلقة
وعلى ضوء حرب الإبادة التي يشنها الاحتلال على غزة، أكد السفير رخا أن هناك مخططا للتحايل على مخطط التهجير السابق من خلال محاولة تنفيذه بالقوة والأدوات العسكرية من أجل التهجير القسري للفلسطينيين إلى سيناء، وبضغوط أمريكية وأوروبية متصاعدة، مؤكدا على "رفض الحكومة المصرية القطعي لمثل هذه المخططات".
وكان السيسي شدد في تصريحات سابقة على أن بلاده لن تسمح بتصفية القضية الفلسطينية على حساب مصر، مشيرا إلى أن تهجير الفلسطينيين في غزة إلى سيناء سيتبعه تهجير الفلسطينيين في الضفة الغربية إلى الأردن.
ولم يبد السيسي رفضا لفكرة التهجير القسري بحق الفلسطينيين إنما اكتفى بمعارضة نقلهم إلى سيناء، حيث اقترح على دولة الاحتلال تهجير سكان غزة إلى صحراء النقب إلى حين انتهائها من تصفية فصائل المقاومة في غزة، ومن ثم "إذا شاءت إسرائيل فيمكن لها أن تعيدهم"، بحسب تعبيره.
ومنذ السابع من تشرين الأول/ أكتوبر الجاري، يواصل الاحتلال عدوانه على غزة، في محاولة لإبادة أشكال الحياة كافة في القطاع المحاصر منذ نحو 17 عاما، وذلك بهدف تهجير سكانه قسريا من أراضيهم، وهو ما أكدت كل من فصائل المقاومة الفلسطينية وأهالي القطاع، استحالة حدوثه.