في وقت تتوجه فيه الأنظار نحو العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، يفرض الاحتلال تشديداته العسكرية والأمنية على محافظة
الخليل في الضفة الغربية المحتلة، مغلقا مداخل المدينة، والمخيمات بالبوابات الحديدية والسواتر الترابية، مما تسبب في تعطيل حياة الكثيرين من أبناء البلدة، مستغلا الفرصة لتطبيق مخطط استيطاني تهويدي يهدف لسلخ البلدة القديمة في الخليل عن محيطها الجغرافي والاجتماعي الفلسطيني.
حظر تجول وتضييقات على الخليل
لم يغادر عامر القواسمي أحد سكان حي القواسمة في مدينة الخليل، مدينته منذ 24 يوما لسوء الأوضاع، إذ تشهد إغلاقا تاما من قبل قوات الاحتلال، ومداهمات ليلية ومواجهات واعتقالات.
ويقول القواسمي لـ"عربي21 ": "هنالك إغلاقات لكافة مداخل ومخارج المحافظة، وهناك حركة ضمن إطار المدينة لكنها محدودة جدا، والتواصل بين المحافظات صعب وخاصة على الموظفين خارجها، يرافق كل ذلك تدهور الأوضاع الاقتصادية نتيجة الإغلاقات".
الناشط ومنسق تجمع المدافعين عن حقوق الإنسان عماد أبو شميسة الموجود في تل الرميدة قال في حديثه لـ"عربي21" إنه "منذ 7 أكتوبر فرض الاحتلال منع تجول ووضعها تحت قانون الطوارئ، المنطقة مغلقة بالكامل، أغلقت مناطق عدة تماما وهي محيط الحرم الإبراهيمي وتل الرميدة وشارع الشهداء وحي السلايمة وحارة جابة ووادي حصين وصولا لمستوطنة غريات".
ويضيف: "في أول عشرة أيام كان يمنع الخروج من المنزل ويمنع فتح النوافذ، ولكن بعدها أعلن الاحتلال عن برنامج بحيث تفتح الحواجز كل أحد وثلاثاء وخميس، من السابعة صباحا للساعة الثامنة صباحا يسمح بالخروج من المنطقة، أما العودة فتنحصر فقط في الساعة السادسة مساء إلى السابعة، وما بين الأوقات الصباحية والمسائية حظر تجول تام".
ويشرح أبو شميسة أن أوضاع العائلات أصبحت سيئة وخاصا لمن لديه مريض إذ يضطر للخروج صباحا والانتظار حتى السادسة مساء ليتمكن من الدخول إلى مدينته، أما عن الصلاة فهي مغلقة تماما.
وفيما يتعلق بالمدراس، فهي مغلقة وبالتالي لا يذهب الطلاب للمدارس منذ 24 يوما، أما الطلاب ممن يدرسون في الخارج فلا يستطيعون الرجوع إلا في الموعد المسائي، لذا لا تتمكن العائلات من إرسال أبنائها للمدارس والانتظار حتى المساء، وفق أبو شميسة.
يتزامن مع تلك الأحداث موسم قطف الزيتون والذي يشكل مصدر رزق للكثير من العائلات، يقول القواسمي: "موسم الزيتون ضاع لهذا العام، لا نستطيع الذهاب لأراضينا نتيجة الإغلاقات، والمستوطنون استولوا على كثير من المزارع، ويستولون أيضا على ممتلكات العائلات وبيوتها".
تهديدات لأهالي المنطقة
وشهدت محافظة الخليل حالة من الردع التي يحاول الاحتلال فرضها بالقوة، من خلال الاعتقالات الضخمة وأوامر القتل الفوري.
ويقول أبو شميسة إن الاحتلال زاد من عدد النقاط العسكرية إلى 15 نقطة، ويتابع: "بيتي أمامه نقطة عسكرية وبعد 6 أمتار نقطة عسكرية وتواجد أمني مكثف، المنطقة تحولت لثكنة عسكرية".
وتداول ناشطون عبر منصة أكس "تويتر سابقا"، صورة لورقة يقولون إن الاحتلال وزعها على أبناء المنطقة كتب فيها "لكل سكان الخليل في حال لم تسلموا أسلحتكم وتتوقفوا عن إطلاق النار، أبواب جهنم ستفتح عليكم كما هو الحال في غزة، اعقلوا وتوكلوا".
وأكد أبو شميسة أن تلك الورقة وزعها الاحتلال فجرا على سكان المنطقة الجنوبية من الخليل، لأنها تشتهر بوجود السلاح بأيدي العائلات، لعدم وجود سلطة مدنية ما اضطر السكان أن يتسلحوا لحماية أنفسهم ولم يحدث أن استخدمها ضد الاحتلال ولكن وبالتزامن مع الأحداث في غزة بات يخشى من توجيه هذه الأسلحة ضدهم.
مخطط استيطاني تهويدي
وقال مدير عام لجنة إعمار الخليل عماد حمدان لوسائل إعلام فلسطينية إن سلطات الاحتلال ومع بداية العدوان في قطاع غزة سارعت إلى استغلال الفرص لتطبيق مخطط استيطاني تهويدي يهدف لسلخ البلدة القديمة في الخليل عن محيطها الجغرافي والاجتماعي الفلسطيني وفرض أنظمة وأوامر عسكرية تحدد الخروج والدخول منها وإليها وتقيد حركة السكان فيها.
وأشار إلى أنه لتنفيذ ذلك المخطط قام الاحتلال بفرض حظر التجوال ما تسبب في عدم قدرة السكان على الذهاب إلى أعمالهم وممارسة حياتهم الاعتيادية، ومنع حتى المنظمات الإنسانية والطواقم الطبية من الوصول إليهم، إذ باتت المنطقة محاصرة.
ويتواجد نحو 700 مستوطن إسرائيلي في 5 بؤر استيطانية منتشرة في البلدة القديمة من الخليل، بينما يتواجد الفلسطينيون في بعض تلك البلدات، يحلم الاحتلال بتهجيرهم وتحويل تلك المنطقة إلى حي استيطاني كبير.