نشر موقع
"المركز الروسي الاستراتيجي للثقافات" تقريرا، تحدث فيه عن الزيارة الخاطفة التي أداها الرئيس الروسي إلى كل من
الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية
السعودية، في وقت تشهد فيه المنطقة توترا نتيجة العدوان الإسرائيلي على
غزة.
وقال الموقع، في تقريره الذي ترجمته "عربي21"، إن الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي دُعي بشكل عاجل إلى مفاوضات احتضنتها موسكو في السابع من كانون الأول/ ديسمبر.
في إطار المفاوضات، تمت مناقشة العديد من المواضيع الهامة الأخرى، بما في ذلك التعاون الثنائي. وفي حين سلطت صحيفة "ديلي صباح" التركية الضوء على دعوة
روسيا والسعودية لأعضاء "أوبك بلس" الآخرين للانضمام إلى حملة خفض إنتاج النفط، تميل بعض وسائل الإعلام الغربية مثل صحيفة "نيويورك تايمز" إلى اعتبار زيارة بوتين محاولات للخروج من العزلة الدولية، التي ليس لها سوى "أهمية رمزية".
اظهار أخبار متعلقة
لكن سيناريو العزلة لم يحدث؛ لأن المجتمع الدولي لا يحتاج إليها، ويعتبرها الكثيرون، حتى الدول الموالية للولايات المتحدة، عبئا مفروضا عليها. وقد أظهرت حفاوة استقبال الرئيس الروسي من طرف قيادات دول الخليج ضرورة الأخذ بعين الاعتبار اهتمام هذه الدول بتطوير العلاقات مع روسيا، بحسب التقرير.
وذكر الموقع أنه في سياق تفاقم آخر للأزمة في الشرق الأوسط، تزايدت خيبة الأمل من السلوك السلبي للغرب بين دول المنطقة. وفي ظل هذه الظروف، تبحث الدول العربية الرائدة عن نقاط دعم جديدة، وترى في مزيد من التقارب مع روسيا وسيلة للضغط على واشنطن، وإجبارها على اتخاذ موقف أكثر صرامة تجاه "إسرائيل".
في أبوظبي، أجرى فلاديمير بوتين محادثات مع رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة محمد بن زايد آل نهيان، حيث مثل الموقف الذي اتخذته القيادة الإماراتية بشأن القضايا التي تمت مناقشتها مفاجأة غير سارة للبيت الأبيض، الذي يعتبر هذه الدولة -على الرغم من إرادتها الذاتية الأكيدة- طرفا تابعا للولايات المتحدة، وفقا للموقع.
وأشار الموقع إلى أن الإمارات تحولت في السنوات الأخيرة إلى إحدى نقاط الوساطة الرئيسية لروسيا في سياق الحصار التجاري الذي يفرضه الغرب عليها. ويناهز حجم المبادلات التجارية الروسية مع الإمارات العربية المتحدة حوالي 10 مليارات دولار سنويًا. لهذا السبب، تسلط واشنطن ضغوطا جدية على أبوظبي، مطالبة إياها بالتوقف عن تقويض الحصار الدولي المفروض على موسكو.
بعد استقباله بوتين وتأكيد خطط لتوسيع التعاون الاقتصادي مع روسيا، أعرب رئيس الإمارات العربية المتحدة عن إحجامه عن الامتثال للمطالب الأمريكية. وبذلك، انتهى زمن الديكتاتورية الأمريكية غير المشروطة في الشرق الأوسط.
وأورد الموقع، أنه حتى مع استمرار اعتماد السعودية على الولايات المتحدة في المجال العسكري، فقد اتفقت الرياض وموسكو على تعزيز التعاون في مجال الدفاع بما يهدف إلى دعم وتحقيق المصالح المشتركة للدولتين. وقد أكد الطرفان التزامهما من جديد بتعزيز التعاون والتنسيق الأمني الحالي بشأن القضايا ذات الاهتمام المشترك، بما في ذلك مكافحة الجريمة بجميع أشكالها، ومكافحة الإرهاب والتطرف وتمويلهما، وتبادل المعلومات من أجل مواجهة المنظمات الإرهابية بما يضمن الأمن والاستقرار في البلدين.
ثمّن الجانب الروسي عقد السعودية للقمة العربية الإسلامية الطارئة المشتركة في الرياض والقرارات الصادرة فيها بشأن الأحداث التي تشهدها فلسطين، كما أشاد بالدور القيادي للمملكة في تنفيذ قرارات القمة الهادفة إلى تحقيق السلام في فلسطين وإطلاق تحرك دولي لوقف العدوان على غزة.
في حضور بوتين، أكدت السعودية رغبتها المشاركة في تطوير مشروع الممر الدولي "شمال جنوب" الذي تروج له روسيا وإيران، ما ينذر بالفشل التام للمشروع الأمريكي الممر الاقتصادي بين الهند والشرق الأوسط وأوروبا، الذي قُدم في وقت سابق من هذه السنة. ومن خلال تنفيذ هذا المشروع، تسعى الولايات المتحدة للحد من الوصول إلى الطرق العالمية الرئيسية لكل من الصين وروسيا. كانت بكين الراعي الرئيسي لإعادة بناء أرصفة المياه العميقة في حيفا، مقابل ذلك، كان من المفترض أن تحصل على عقد إيجار طويل الأجل لأحد هذه الأرصفة، على غرار ميناء بيرايوس اليوناني، بحسب ما أورده التقرير.
اظهار أخبار متعلقة
وأردف الموقع أن هناك ظاهرة جديدة نسبيا في الوضع الإقليمي ينبغي أن تثير قلق الولايات المتحدة أيضاً، وهي التقارب المتزايد بين الحركات الدينية والسياسية في المنطقة التي كانت تشهد خلافات فيما بينها مثل السنة والشيعة، والتي تمثلها في المقام الأول المملكة العربية السعودية وإيران. ففي بيان مشترك عقب زيارة بوتين إلى السعودية، رحّب الجانب الروسي باستئناف العلاقات الدبلوماسية بين المملكة وإيران، معربًا عن أمله في أن تساعد هذه الخطوة على تعزيز الأمن والاستقرار في المنطقة مع احترام سيادة الدول وعدم التدخل في شؤونها الداخلية.
ومن الواضح، بحسب التقرير، أن المفاوضات التي جمعت بين بوتين والرئيس الإيراني وعُقدت في موسكو في السابع من كانون الأول/ ديسمبر مباشرةً بعد وصوله إلى السعودية، كانت بمثابة استمرار للاجتماعات السابقة مع إبلاغ رغبات الشركاء العرب إلى المحاور الجديد. في الأثناء، غطت الأجندة الثنائية الإيرانية الروسية العديد من المواضيع.
ذكر الموقع أن إيران أعلنت عن اقتراب موعد استلامها أحدث نماذج المعدات العسكرية، مثل طائرات "سو35 " ومروحيات من طراز "ميل مي 28" وطائرة تدريب مقاتلة من طراز "ياكوفليف ياك 130". في المقابل، تتلقى روسيا من هناك المنتجات التي هي في أمس الحاجة إليها في ظروف العملية العسكرية الخاصة. مع ذلك، من غير الواضح ما إذا كانت إيران قد وافقت على الدعوة إلى خفض إمدادات النفط إلى السوق العالمية إلى جانب روسيا السعودية من أجل تحديد سعر أكثر ملاءمة للموردين، نظرا لاضطرارها إلى تقييد إنتاجها طيلة سنوات عديدة من العقوبات.