أثارت جولة المشاورات المحلية التي أعلن عنها نجل ولي عهد ملك
ليبيا، محمد
السنوسي، مؤخرا والتي بدأها من شرق البلاد تساؤلات حول موقف اللواء الليبي، خليفة
حفتر، الذي ساهم في الانقلاب ضد الملك الليبي الراحل.
وأعلن السنوسي الابن أنه سيقوم بعدة جولات ومشاورات محلية للاستماع لشيوخ وأعيان القبائل حول المشهد السياسي الراهن ومشروعه لعودة
الملكية الدستورية، مؤكدا أنه بدأ جولته بالفعل بلقاء عقده مع مشايخ وقيادات وأعيان القبائل من المنطقة الشرقية ضمن جولة المشاورات المحلية التي يجريها.
"صمت وترقب"
ولم يصدر عن حفتر أو مكتبه الإعلامي أو مؤيديه ردود فعل حتى الآن على هذه الجولات رغم أنها لاقت قبولا وحضورا واسعا من أعيان قبائل كبرى في شرق ليبيا أغلبها كان مؤيدا لحفتر مشروعه العسكري.
وساهم حفتر في الانقلاب الذي حدث في الأول من أيلول/ سبتمبر 1969 ضد الملك إدريس السنوسي، حيث كان مكلفا من قبل القذافي باقتحام قاعدة "هويلس" الأمريكية (قاعدة معيتيقة حاليا) في طرابلس، وتمكن بالفعل من السيطرة لينضم إلى القادة العسكريين الذين أسهموا مع معمر القذافي في الانقلاب العسكري الذي أوصل الأخير إلى سدة الحكم، وتم تعيين حفتر عضوا في مجلس قيادة الثورة الذي انبثق عن هذا الانقلاب.
فهل يواجه حفتر تحركات نجل السنوسي بالقوة ويمنعه من استكمال جولاته والتسويق للملكية؟ أم إنه سيحتويه ويستغل شعبيته لصالحه؟
اظهار أخبار متعلقة
"تنسيق ومشاورات سرية"
من جهته، قال وزير التخطيط الليبي السابق ونائب رئيس حزب العمل الليبي، عيسى التويجر، إن "من أهم القضايا التي لم يحسمها الليبيون هي قضية نظام الحكم وما زال البعض يبحث عن الحل في الماضي، ولو كان الحل في الملكية لما انهارت، وسواء كانت الملكية أو حكم القذافي أو الحكم الحالي فكله حكم فرد يعتمد على العائلة والقبيلة والمدينة، ولن يؤدي إلا إلى مزيد من هدر الثروة والتسلط الأمني وحشد الأنصار للاستمرار في الحكم".
وتوقع خلال تصريحات لـ"عربي21" أن "تكون زيارة ولي العهد إلى المنطقة الشرقية وجولاته هناك قد تمت بالتنسيق مع حفتر فلا يمكن أن تحدث دون علمه، أما ردة الفعل فستعتمد على أبعاد الزيارة وتفاصيلها، لكن بشكل عام عودة الملكية لن تكون سهلة لأنها ببساطة لا تملك حلولا لقضايا اليوم"، وفق تقديراته.
"عودة قريبة للملكية والسيادة"
في حين، رأى المستشار السياسي السابق لحفتر والكاتب السياسي المقيم في أمريكا، محمد بويصير، أن "الملكية الدستورية أو العودة إلى دستور 51 مع إدخال التعديلات الواجبة عليه حتى يصبح الملك أبا للجميع ورمزا للسيادة، لكنه لا ينخرط في العمل السياسي بغض النظر عمن يتولى رئاسة الحكومة الذي يجب أن يأتي بالانتخابات، أي فصل السيادة عن السياسة".
وأوضح في تصريحه لـ"عربي21" أن "الأسرة السنوسية ببعدها التراثي الديني كحركة صوفية يحترمها الجميع فى ليبيا، فالتراث الديني ما زال فاعلا مهما في السياسة الليبية، والشخص نفسه (الأمير محمد) الذي أعرفه هو شخص خلوق بعيد عن السلوكيات التعيسة التي نراها في المشهد اليوم، وهو فى نفس الوقت على درجة عالية من الذكاء والحكمة"، وفق تعبيره.
وتابع: "لذلك أراه مناسبا جدا أن يكون بؤرة حل سياسي ليبي على نمط الحل السياسي فى كمبوديا عندما عاد الأمير نوردوم سيهانوك ليكون ملكا على كمبوديا الجديدة بعد حرب أهلية وحكم ديكتاتوري استمر لعقود، فالأمير الليبي يتحرك بتأن لكن الزمن يعمل لصالحه، وقد تحدثت إليه وأنا مطمئن لخطواته واستعادة الاستقرار فى ليبيا بإقامة الملكية الدستورية"، كما رأى.
اظهار أخبار متعلقة
"فقاعات لخلط الأوراق"
الخبير الليبي في السياسات الدولية، أسامة كعبار، قال من جانبه إن "القبضة الأمنية والهيمنة السياسية لحفتر وأبنائه في المنطقة الشرقية لا تسمح بأي
حراك سياسي أو اجتماعي خارج رغباتها، وحقيقة لا تتجرأ أي شخصية اجتماعية أو قبلية أن تتصرف دون العلم المسبق والموافقة من قبل حفتر شخصيا، وقد رأينا ما حدث لوزير الدفاع السابق المهدي البرغثي والعواقير حين حاولا التمرد على سلطة ورغبات حفتر شرقا".
وأوضح أن "زيارات حفيد الملك السنوسي تقع ضمن ترتيبات معينة وتدابير جديدة في المشهد السياسي الليبي وبموافقة حفتر، كونه الراعي لها لأغراض غير واضحة بعد، ولا أتصور أن ينتج عن هذه الجولات أي شيء، وإنما هي من باب خلط الأوراق وإلهاء الشعب وصرف نظرهم من خلال فقاعات مثل هذه الأمور"، بحسب قوله وتصريحه لـ"عربي21".
"حفتر أكبر عقبة أمام الملكية"
لكن عضو القوى السياسية لإقليم فزان "الجنوب الليبي"، وسام عبدالكبير، رأى أن "انطلاقة ولي العهد لعودة الملكية الدستورية الثانية من المنطقة الشرقية جاء لوجود حنين كبير إلى السنوسية في كافة مدن ومناطق برقة (الشرق الليبي)، الحاضنة الشعبية للحركة السنوسية وكون تاريخها النضالي والوطني له مكانة خاصة عند أهل برقة".
وبخصوص الصدام مع حفتر، قال عبد الكبير لـ"عربي21": "بعد سيطرة حفتر على الشرق لم يقطع خط الرجعة مع دولة الاستقلال التي عادت ملامحها مع ثورة فبراير، لكن على المدى البعيد وفي حال ما أصبح حراك العودة للملكية الدستورية واقع على الأرض بكل تأكيد فسيكون هناك صدام بين حفتر وأنصار الملكية، فالاختلاف واضح بين المشروعين والمصالحة متعارضة وأكبر عقبة ستواجه ولي العهد في الترويج للملكية الثانية هي القيادة العسكرية في الشرق"، بحسب رأيه.