نشرت صحيفة "
الإيكونوميست" تقريرًا، قالت فيه "إن هناك سؤالًا ظل يخيم على
أرامكو السعودية في الأسابيع الأخيرة، وهو هل توقفت السعودية عن الإيمان بمستقبل مشرق للنفط؟".
وأضافت الصحيفة في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، أن "شركة
النفط الوطنية العملاقة في المملكة الصحراوية تتمتع بموقع مركزي في أسواق النفط العالمية. وتعتمد قيمتها السوقية التي تبلغ تريليوني دولار، أي خمسة أضعاف قيمة ثاني أكبر شركة نفط، إكسون موبيل، وتقييمها الغني مقارنة بالأرباح، إلى حد كبير على احتياطياتها الوفيرة من النفط الخام وقدرتها التي لا مثيل لها على الاستفادة منها بثمن بخس ومع نظافة النفط".
وذكرت الصحيفة، أن "وزارة الطاقة السعودية أثارت انتباه العديد من مراقبي الصناعة في كانون الثاني/ يناير عندما علقت خطط الشركة المكلفة التي روجت لها منذ فترة طويلة لتوسيع القدرة على إنتاج النفط من 12 مليونا إلى 13 مليون برميل يوميا؛ فهل كان ذلك دليلاً على أنه حتى إمبراطور النفط قد قبل أخيرًا أن الطلب على النفط سيبلغ ذروته قريبًا ثم يبدأ في الانخفاض؟".
وتابعت: "للحصول على لمحة من إجابة أرامكو، اتجهت الأنظار نحو نتائجها المالية لسنة 2023، التي صدرت يوم 10 آذار/ مارس. ولم يتوقع أحد تكرار السنة السابقة، عندما أدى ارتفاع أسعار النفط وزيادة الطلب إلى دفع صافي أرباح أرامكو السنوية إلى 161 مليار دولار، وهو أعلى مستوى على الإطلاق لأي شركة مدرجة في أي مكان، لكن المحللين والمستثمرين ما زالوا مهتمين بشدة بمدى التراجع في إيرادات الشركة وأرباحها، وفي أي تغييرات تطرأ على خطط إنفاق رأس المال، وربما في الكشف عن استراتيجية جديدة تمامًا".
وأفادت الصحيفة أنه "في هذه الحالة، انخفضت الأرباح بشكل حاد، من 161 مليار دولار في سنة 2022 إلى 121 مليار دولار في السنة الماضية، على الرغم من أن هذا لا يزال ثاني أفضل أداء في تاريخ الشركة. وبفضل توزيعات الأرباح الخاصة التي تم تقديمها مؤخرًا، دفعت أرامكو ما يقرب من 100 مليار دولار للمساهمين في السنة الماضية، أي أكثر بنسبة 30 بالمائة مما كانت عليه في خضم الازدهار في سنة 2022، كما وعدت بتسليم المزيد في سنة 2024".
وأضافت
الصحيفة أن "نقل جزء أكبر من البضائع الأصغر إلى المالكين يمكن أن يعني، في حد ذاته، أن الشركة في الواقع أقل حماسًا بشأن مستقبلها النفطي. إلا أن المكاسب الكبيرة كانت مصحوبة بتطورين يشيران إلى الاتجاه المعاكس. أولاً، يشاع أن أرامكو تقوم بإعداد طرح ثانوي للأسهم يمكن أن يجمع ربما 20 مليار دولار في الأشهر المقبلة، وهي خطوة ترتبط عادة بالتوسع بدلاً من الانكماش. ثانيًا، وبشكل أكثر وضوحًا، تعمل أرامكو بالفعل على زيادة الإنفاق الرأسمالي".
وأوضحت الصحيفة أن "نتائجها السنوية تكشف أن الاستثمارات ارتفعت من أقل من 40 مليار دولار في سنة 2022 إلى نحو 50 مليار دولار في السنة الماضية. وفي اتصال مع المحللين في 11 آذار/ مارس، أكدت أرامكو أن تعليق توسعة طاقتها المخطط لها سيوفر حوالي 40 مليار دولار من الإنفاق الرأسمالي من الآن وحتى سنة 2028، لكنها أضافت أن هذا لا يعني أن أرامكو لا تستثمر، بل على العكس من ذلك؛ فإن الهدف هو إنفاق ما بين 48 مليار دولار إلى 58 مليار دولار في سنة 2025، وربما أكثر في السنوات القليلة التي تلي ذلك".
وأضافت الصحيفة أن "جزءا من هذه الأموال سوف يذهب إلى مشاريع نظيفة مثل الهيدروجين، واحتجاز الكربون، والطاقة المتجددة، وغيرها من تقنيات الطاقة النظيفة. وسوف يذهب البعض إلى الاستراتيجيات النظيفة، مثل توسيع إنتاج أرامكو من الغاز الطبيعي بأكثر من 60 بالمائة من مستواه في سنة 2021 بحلول سنة 2030، ودعم مشاريع الغاز الطبيعي المسال في الخارج، لكن معظمها يهدف إلى ضمان قدرة أرامكو على الحفاظ على قدرتها على ضخ ما يصل إلى 12 مليون برميل يوميًا من النفط الخام".
وقالت الصحيفة إنه "نظرًا للإنتاج الفعلي للشركة الذي يبلغ حوالي 9 ملايين برميل يوميًا؛ فإن هذا لا يؤثر على قدرتها على تحريك الأسواق. وإذا كان هناك أي شيء آخر، فهو يعزز موقف أرامكو لأنه يعني ضمنًا قدرة احتياطية تبلغ 3 ملايين برميل يوميًا، وهو أعلى من المتوسط التاريخي للشركة الذي يتراوح بين 2 مليون إلى 2.5 مليون برميل يوميًا، وفقًا لشركة وود ماكنزي الاستشارية. وبعبارة أخرى؛ فإن أكبر شركة نفط في العالم ملتزمة بضخ النفط والحفاظ على دور السعودية باعتبارها المنتج المتأرجح في السوق".
اظهار أخبار متعلقة
وأرجعت
الصحيفة ذلك جزئيًا إلى أن الشركة مُلتزمة أيضًا بضخ الأموال في الرؤية الاقتصادية للسعودية التي يرعاها محمد بن سلمان، ولي عهد المملكة والحاكم الفعلي. وأصبح ذلك أكثر وضوحًا في 7 آذار/ مارس، عندما أعلنت أرامكو نقل 8 بالمائة من أسهمها، بقيمة 164 مليار دولار، من أيدي الحكومة إلى صندوق الاستثمارات العامة، وهو أداة للثروة السيادية السعودية التي تولى الأمير محمد إدارتها، ويتولى مهمة تنويع الاقتصاد.
وهذا يترك صندوق الاستثمار العام يملك 16 بالمائة من شركة أرامكو، مقارنة بنسبة 2 بالمائة أو نحو ذلك المملوكة لمساهمي الأقلية والمتداولة في بورصة الرياض (ويظل الباقي في أيدي الحكومة مباشرة).
واختتمت الصحيفة تقريرها مشيرة إلى أن "خطط السعودية لتعليق التوسع في الطاقة الإنتاجية لا تعكس تراجعًا عن الهيدروكربونات؛ بل إن هذا التوقف وليد تقييم متشدد لحقائق السوق: ارتفاع إنتاج النفط في الأمريكتين، والطلب الضعيف في الصين، وتخفيضات الإنتاج من منظمة أوبك التي تعد السعودية أقوى أعضائها".