قال المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان إن الأرقام الصادرة عن
المنظمات الدولية والأممية في ما يتعلق بالأزمة الإنسانية في
اليمن لا تعكس الحجم
الحقيقي للمعاناة اليومية للسكان في محاولاتهم اليائسة لوضع شيء على مائدات طعامهم
خلال شهر رمضان.
وأشار المرصد الأورومتوسطي في
تقرير له اليوم أرسل نسخة منه لـ
"عربي21"، إلى أن نحو سبعة من كل عشرة أشخاص في اليمن يحتاجون إلى
المساعدات الإنسانية للبقاء على قيد الحياة، في الوقت الذي يواجه فيه أكثر من 80
في المئة من السكان صعوبات بالغة في توفير الغذاء.
وبيّن الأورومتوسطي أن معدلات سوء التغذية في اليمن تبقى من بين
الأعلى في العالم، حيث يواجه أكثر من نصف السكان البالغ عددهم 33.7 مليون نسمة
انعدامًا حادًّا في الأمن الغذائي.
ووفق التقرير فإن العبء الأكبر من هذه الأزمة الإنسانية الممتدة
والمركبة يتحملها الأطفال، حيث يعاني نحو 600 ألف طفل من سوء التغذية الحاد
الوخيم، والذي يتضمن انخفاضًا حادًا في نسبة الوزن و/أو الطول، ويهدد الحياة ما لم
تتم معالجته على نحو عاجل.
وأضاف: "في الوقت ذاته، يبقى نحو 3 من كل 10 أطفال في سن
المدرسة عاجزين عن الالتحاق بمقاعد الدراسة لأسباب مركبة، بما في ذلك الفقر
والنزوح وتكدس الغرف الصفية نتيجة تقلص عدد المدارس الصالحة للدراسة بسبب
الحرب أو
بسبب استخدام بعضها كمبانٍ عسكرية".
وبحسب برنامج الغذاء العالمي، فإن 3.5 مليون شخص يعانون من سوء
التغذية الحاد، في ظل تعليق المساعدات في شمال اليمن منذ يناير/ كانون ثان الماضي
بسبب نقص في التمويل.
ونقل التقرير عن صالح الدهمي (49 عامًا)، من سكان عدن، قوله: إنه
يكافح من أجل توفير الطعام لعائلته المكونة من 7 أفراد، خاصة في ظل عدم توفر عمل
ثابت وفي الوقت الذي يستقبل فيه عددًا من عائلته الممتدة ممن نزحوا من مناطق سكنهم.
وأضاف الدهمي لفريق الأورومتوسطي: "كنت أعمل سائقًا على سيارة
اشتريتها بالتقسيط وبشق الأنفس. لكن السيارة احترقت بالكامل خلال الحرب، وبقيت أنا
بلا عمل لأشهر طويلة كنا نعتمد فيها وعائلتي على المساعدات الإنسانية الشحيحة التي
تصلنا. اليوم، أنا أكافح للاعتماد على نفسي من خلال بيع الملابس المستعملة في
الطرقات، لكن الإقبال شحيح جدًا بسبب عدم قدرة الناس على الشراء. أنا وعائلتي
نعتمد بشكل أساسي على المساعدات للبقاء أحياء".
وبحسب يونيسيف، فإن نحو 16 مليون شخص، أكثر من نصفهم من الأطفال،
يبقون بحاجة عاجلة للوصول للمياه النظيفة، وإلَّا هم عرضة لخطر الأمراض التي تنتقل
في المياه وسوء التغدية.
وعلى الرغم من توقف الأعمال العسكريَّة، فإنَّ المشاكل
الأمنيَّة في البلاد لم تتوقف، حيث تبقى السرقات والاعتداءات وأعمال العنف منتشرة
في مدينة عدن في ظل شبه غياب للمؤسَّسات المحليَّة، ما ترك اليمنيين دون سلطة
يمكنهم اللجوء إليها عند تعرّضهم لهكذا جرائم. أمّا في مدينة تعز، فأعمال العنف
والاعتداءات على الأملاك العامَّة والخاصَّة في تصاعد مستمر، والأسلحة الحربيَّة
الصغيرة منتشرة في المحال التجاريَّة ويمكن شراؤها بشكل علني.
وقال المرصد الأورومتوسطي: إن التدهور الاقتصادي نتيجة الحرب وما نتج
عنها من تدمير للبنى التحتية المدنية وانعدام الخدمات العامة الأساسية هي إحدى
المسببات الرئيسة للأزمة الإنسانية الواقعة في البلاد.
وشدَّد الأورومتوسطي على أن استهداف دول بقيادة الولايات المتحدة
الأمريكية ـ في بعض الحالات المدنيين والأعيان المدنيَّة ـ يفاقم الأزمة
الإنسانية ويشكل انتهاكًا للقانون الدولي الإنساني الذي يحظر هذا النوع من
الاستهداف.
ودعا المرصد الأورومتوسطي الأطراف المتنازعة إلى الالتزام بالقانون
الدولي الإنساني والكف عن استهداف المدنيين والأعيان المدنيَّة، مطالبًا المجتمع
الدولي بالعمل على تقديم المساعدات الإنسانيَّة والحماية واستئناف تقديم الدعم
المالي اللازم لوكالات الأمم المتَّحدة المعنيَّة في معالجة تدهور الوضع الإنساني
في اليمن.