عاد من جديد إلى الساحة الإيطالية، الحديث وبقوة، عن مشروع قانون يُعرف إعلاميا بـ"
ضد المساجد"، وهو الذي تقدم
به الحزب الحاكم "إخوة
إيطاليا" اليميني، لفرض قيود على المساجد
والمراكز الثقافية
والدينية الإسلامية.
وبحسب
وسائل إعلام إيطالية، فإن مشروع القانون المقدم للبرلمان الإيطالي يحظر استخدام مكاتب الهيئات والمراكز الدينية
والثقافية لأنشطة العبادة والصلاة، وكذلك حظر الطوائف الدينية التي ليس لديها
اتفاقيات مع الدولة، والتي يأتي على رأسها الدين الإسلامي.
ويهدف المشروع الذي اقترحه حزب
اليمين الحاكم، بالاستناد إلى المادة التي تنص على أنه يجب على الدولة الإيطالية
التعاقد مع كل الديانات والطوائف غير الكاثوليكية التي ترتبط بعلاقة رسمية؛ لمنع
استخدام المراكز الثقافية والمؤسسات الاجتماعية كمساجد للصلاة، خاصة أن الديانة الإسلامية
ليس لها اتفاق رسمي مع الدولة الإيطالية، وبالتالي يمكن تطبيق الحظر عليها.
مشروع القانون تم تقديمه في حزيران/ يونيو 2023، إلا أنه عاد من جديد مع اشتعال الوضع الداخلي والإقليمي، خاصة مع استمرار
الحرب على غزة التي دخلت شهرها السابع، ودعم الحكومة الإيطالية اليمينية للاحتلال الإسرائيلي.
في الوقت ذاته، فإن اقتراب انتخابات
البرلمان الأوروبي المزمع إقامتها في حزيران/ يونيو القادم، وكذلك الانتخابات
المحلية الإيطالية، أيلول/ سبتمبر القادم، يأتي وسط دعوات للجاليات الإسلامية والداعمين
لفلسطين وغزة بانتخاب أعضاء للبرلمان الأوروبي، مؤيدة لحقوق الشعب الفلسطيني ومقاطعة
الداعمين للاحتلال.
ويرى البعض أن إثارة الجدل من جديد
حول هذا القانون والتي تأتي مع اقتراب الانتخابات، جاءت من أجل تشتيت المسلمين الرافضين
للحكومة اليمينية، وتأجيج الشارع الإيطالي ضد الجاليات المسلمة لزيادة مكاسبها السياسية.
اظهار أخبار متعلقة
يذكر أن إيطاليا بها فقط أربعة
مساجد مرخّصة بهيئة المسجد، وعدد 50 مصلى، وأكثر من 1500 مركز ثقافي إسلامي، يُستخدم
لأنشطة اجتماعية ومنها إقامة الصلاة نظرا لصعوبة الحصول على تراخيص إنشاء مساجد.
وفي تصريحات خاصة لـ"عربي21" أكّد رئيس اتحاد الهيئات
الإسلامية بإيطاليا، ياسين لفرم، أن "الحزب اليميني الحاكم عادة ما يطرح مثل تلك
القوانين التي تحارب الإسلام والمسلمين، كمنع الحجاب، ومنع دخول المحجبات في الأماكن
العامة وغيرها، ولكن الخطورة تكمن هذه المرة من خلال القانون المعروف إعلاميا في
إيطاليا بـ"ضد المساجد" لأن الحزب اليميني أصبح لديه أغلبية داخل
البرلمان الإيطالي، وأصبح لديه نفوذ وسلطة لتنفيذ القانون".
وأضاف لفرم، أن "مشروع القانون يستهدف بشكل مباشر مصلّيات المسلمين التي
تقع داخل مقرات الجمعيات والمراكز الثقافية الإسلامية، التي يعتبرها قانونيا غير
مرخصة للصلاة وإقامة الشعائر رغم أنها تقوم بأنشطة اجتماعية وتجمعات، والصلاة جزء
منها".
وقال إن "مشروع القانون يعدّ تقييدا لحرية المعتقد والشعائر الدينية التي
كفلها الدستور الإيطالي"، مشيرا إلى أن "القانون يستهدف ما لا يقل عن 1500 مركز ثقافي
إسلامي، تُقام به الصلاة والشعائر الدينية للمسلمين، نظرا لصعوبة الحصول على ترخيص إقامة
مسجد في إيطاليا (التي تضم أربعة مساجد فقط) بشكل قانوني تتصف بالتصميم المعماري
الإسلامي".
وأشار رئيس اتحاد الهيئات الإسلامية بإيطاليا، إلى أن "تمرير هذا
القانون يؤدي إلى ارتباك كبير لدى المسلمين في إيطاليا ويعزز خطاب الكراهية للإسلام
والمسلمين، الذي تنامى بشكل واضح في ظل وصول الحزب اليميني للحكم".
اظهار أخبار متعلقة
وقال لفرم إن "هناك ردود أفعال قوية
لرفض هذا القانون خاصة من الأحزاب اليسارية التي أعلنت رفضها للقانون، وأكدت أنه
مخالف للدستور الإيطالي الذي يكفل حرية العبادة والمعتقدات الدينية".
من ناحية أخرى، قال رئيس الجالية
الإسلامية في صقلية، عبد الحفيظ خيط، في تصريحات خاصة لـ"عربي21" إنه "في بداية التعليق على مشروع القانون المعروف باسم "ضد
المساجد" لا بد من الإشارة إلى أن عدم وجود اتفاقية رسمية بين الدولة الإيطالية وممثلي
المسلمين، لعدم وجود جهة إسلامية تمثل الجميع، ما هي إلا "حجة" غير صحيحة".
"حيث تم الاعتراف بجماعة دينية هندية، رغم وجود العديد من الجماعات الهندية، وأن اتحاد الهيئات الإسلامية في إيطاليا هو الممثل الرسمي للمسلمين، لكن
تعنت صناع القرار وخوفهم مما يسمونه الإسلام السياسي تسبب في عدم إبرام الاتفاقية
حتى الآن" تابع المتحدث نفسه.
اظهار أخبار متعلقة
وأضاف رئيس
الجالية الإسلامية في صقلية، بأنه "من ضمن أسباب عدم الاعتراف باتحاد الهيئات
الإسلامية في إيطاليا الذي يعد من أكبر المنظمات الإسلامية في أوروبا، أن هناك
العديد من الكيانات تدعم استمرار هذا الصراع داخل الصف المسلم في إيطاليا".
أما ما يخص القانون
وحظر الصلاة، أكد خيط، أنه "بالفعل هناك الكثير من المساجد لا تستوفي الشروط الصحية والقانونية،
لإنشاء مسجد مرخص لكن دائما ما كانت المؤسسات الإسلامية تطالب المسؤولين بحوار
مباشر وإيجاد السبل القانونية لضمان حرية الممارسة الدينية ولكن دون جدوى".
وأشار إلى أن "عدم
إعطاء تراخيص لبناء مساجد وإقامتها، دفع الكثير إلى اللجوء لإنشاء مراكز ثقافية
إسلامية وشراء أو إيجار مخازن ومحال أو حتى ورش في المناطق الصناعية لتجنب التضييق
على هذه المراكز داخل المدن لممارسة الأنشطة الاجتماعية والشعائر الدينية".
اظهار أخبار متعلقة
وتابع خيط، أن "هذا القانون المقدم لم يجد طريقه إلى المصادقة كونه مجحفا ومخالفا للدستور
الإيطالي"، مضيفا أن "الأمر لم يتعد سوى مناوشات انتخابية، مع قرب انتخابات البرلمان الأوروبي
واستحقاقات أخرى حيث تحاول بعض الأحزاب اليمينية العزف على وتر المسلمين والمهاجرين
لاستقطاب الناخبين، لكسب أصواتهم خاصة في مناطق تواجد المهاجرين والتي
في الغالب سلوكياتهم تسيء كثيرا للإسلام وقيمه السمحة".
إلى ذلك، اعتبر رئيس الجالية
الإسلامية في صقلية، أن "فتح هذا الملف يُعد مجازفة سياسية، للحكومة الحالية، خاصة
أنه مع الحكومات المتعاقبة لم يحصل أي تقدم في هذا الملف، ومن الصعب الموافقة على هذا المشروع،
كونه فقط استغلالا لبعض الأوضاع الجيوسياسية منها الحرب على غزة وحالة الغليان لدى
قطاع شعبي كبير من النواب المؤيدين للحرب على أهالي غزة".