تراجع خطر
المجاعة التي يواجهها
الفلسطينيون في شمال قطاع
غزة بشكل ملحوظ خلال الأسابيع الأخيرة مع توفر جزئي للمواد الغذائية والخضروات، رغم أن أسعارها ما زالت مرتفعة عما كانت قبل اندلاع حرب الإبادة المستمرة لليوم الـ194.
وواجه سكان الشمال مجاعة حقيقية أدت لاستشهاد العديد من الأطفال وبعض المسنين بسبب الجفاف ونقص الحليب والمغذيات وانهيار المنظومة الصحية، مع تعمد
الاحتلال استهداف شاحنات المساعدات الغذائية المحدودة التي تدخل من الجنوب عبر معبر رفح البري الحدودي مع مصر، لكن صمود الناس هناك، ورفضهم المغادرة، قاد إلى عودة الحياة تدريجيا، وتبدد خطر الموت جوعا، ولو بشكل جزئي.
اظهار أخبار متعلقة
وترصد "عربي21" أحوال الفلسطينيين وكيف استقبلوا توفر الخضروات والغذاء لأول مرة منذ شهور، مع نجاتهم حتى الآن من خطر المجاعة.
يقول زياد (48 عاما) إن الخضروات وبعض أنواع الفاكهة وصلت إلى غزة أخيرا بأسعار ليست فلكية، وأنه بعد خمسة شهور تمكن من تذوق البندورة التي وصل سعرها إلى 15 شيكلا للكيوغرام (4 دولارات) بعدما كانت غير موجودة، وإذا توفرت كانت الحبة الواحدة بثمن الكيلوغرام حاليا.
ويضيف زياد لـ"عربي21" قائلا، "الحمد لله صرنا نلاقي طحين لصنع الخبز بسعر 5 أو 6 شواكل للكيلو، والكيس الكامل بوزن 25 كيلوغراما وصل إلى 100 شيكل، والله خلال الحرب اشترينا الكيلو الواحد بسعر وصل إلى أكثر من 120 شيكلا، وكان وقتها مجرد أنك تحمل كيسا على ظهرك بالشارع هو دعوة لسرقتك على الأقل في أحسن الأحوال".
ويوضح: "الناس في غزة ليست جعانة، وتعيش حياة مستورة، (..)، أهل غزة بدبروا حالهم خلال كل الأزمات اللي مرت علينا، لكن مؤخرا وصل فينا الحال أنه نركز كل وقتنا لتوفير الأكل حتى ما نموت من الجوع".
ومستذكرا الأيام قبل الحرب قائلا: "حينما نجتمع مع الجيران والمعارف كنا نتحدث عن المطاعم الشهيرة قبل الحرب ومدى جودة الطعام لديها وأكلاتنا الجاهزة المفضلة، كنا نحكي ونتناقش، وبعدها نضحك أنه كلامنا صار زي الختايرة (كبار السن) لما كانوا بحكوا عن البلاد الحلوة قبل النكبة".
اظهار أخبار متعلقة
قضمة تفاح
من ناحيتها، تقول أسيل (28 عاما) إنها تمنت طوال الحرب فقط قضمة من التفاح الذي يعد فاكهتها المفضلة، موضحة أن الحرب "لم تقتلنا فقط وتدمر بيوتنا ومشاعرنا، إنما أنستنا طعم أكلنا المفضل والعادات اليومية التقليدية".
وتكشف أسيل لـ"عربي21"، قائلة: "أهلي يمتلكون أرضا زراعية في شمال قطاع غزة ضمن بلدة بيت حانون، وفيها كان يوجد شجرات البرتقال المميز بحبته الكبيرة والحلوة، وطبعا هذه الأراضي لا نزرع فيها أي أنواع الأشجار، إنما المميزة فقط والتي يعرف أن طرحها وثمارها ممتازة وفريدة".
وتوضح: "طبعا كل الأرض انجرفت واحترقت قبلها، ومعها اختفى كل المذاق المميز والوقت الجميل الذي نقضيه هناك خلال أسابيع الإجازات أو في نهاية الأسبوع، لذلك كنت أكتب على حسابي على انستغرام (يا رب خمشة تفاح قبل ما نموت بهذه الحرب)، وهو ما حصل فعلا لكن بطريقة لا أتوقعها".
وتذكر: "وجدت التفاح مرة في السوق وكان ثمن الحبة الواحدة 15 شيكلا، اشتريت واحدة وتذوقتها، صحيح كانت لذيذة جدا وحلوة جدا، لكن بعد شهور من المجاعة أي شيء بكون زاكي، وبعدها بدأت بالبكاء من حقيقة أن مجرد تفاحة صارت تدخل الفرحة على قلبي، وتذكرت بيارتنا والأوقات التي كنت فيها أدعو صديقاتي لقضاء يوم كامل فيها، تذكرت أنه كان في عنا حياة جميلة قبل الحرب".
"بذخ الحرب"
بدورها، تقول أمنية (27 عاما) إنه مع توفر المواد الغذائية بشكل معقول وبأسعار معقولة إلى حد ما في الأسواق؛ أعددنا وجبة فطور فاخرة لم نتناولها منذ شهور كان فيها كل الطعام خلال اليوم هو رغيف واحد سواء للكبير أو الصغير.
وتضيف أمنية لـ"عربي21": "عملنا شكشوكة (طبق من البندورة المطبوخة مع البيض)، وفتحنا علبة تونة وطبق فول وقطعنا خيارا وبندورة وكل ذلك تناولناه بخبز مصنوع من الدقيق الأبيض، وليس من الذرة أو العلف وغيرها من الأمور التي اضطررنا لتناولها في أصعب الظروف".
وتشير إلى أنها وصلت إلى وزن 42 كيلوغراما من أصل 52 قبل الحرب، مضيفة: "كان أهلي قبل الحرب يطلبون مني تناول الطعام بشكل أكبر حتى يزيد وزني القليل بنظرهم، لكن خلال الحرب كنت أمزح معهم وأقول ليش الآن بتطلتوا تحكوا لي كلي يا أمنية، رح تختفي من وزنك القليل".
اظهار أخبار متعلقة
وتوضح: "ما حدا بموت من الجوع.. يمكن هذا المثل الشعبي صار عليه سخرية كثير والناس صارت تحكي كثير عنه لأنه نفيه خلال الحرب، وبرضو كنا نمزح مع أمي اللي كانت تحكيه كثير ونقلها يما عدنا متنا من الجوع والناس ماتت من الجوع فعلا، الحمد لله إنه الأوضاع تحسنت شوي الآن".