قال المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان؛ إن المدنيين
الفلسطينيين يدفعون ثمنا باهظا؛ قتلا وتجويعا وتهجيرا، للهجوم العسكري الإسرائيلي على
رفح جنوبي قطاع
غزة، الذي يتواصل لليوم الرابع على التوالي، وسط دعم أمريكي وصمت عالمي بزعم أنه
هجوم محدود.
ووثق الأورومتوسطي في بيان صحفي له اليوم الجمعة، أرسل نسخة منه لـ
"عربي21"، ارتفاع حصيلة الهجوم الإسرائيلي على رفح منذ بداية الشهر
الجاري إلى 97 قتيلا، من بينهم 35 طفلا و17 امرأة، غالبيتهم منذ بدء التوغل
البري واحتلال معبر رفح الحدودي مع مصر في السابع من الشهر الجاري.
وذكر المرصد الأورومتوسطي، أن الحصيلة المذكورة هي للضحايا الذين
وصلوا إلى المستشفيات، فيما تتوارد معطيات عن سقوط ضحايا آخرين يتعذر انتشالهم من
مناطق التوغل، أو من تحت أنقاض المنازل التي دمرتها الغارات الجوية والمدفعية
الإسرائيلية، في ظل استهداف نحو 190 وحدة سكنية، العديد منها فوق رؤوس ساكنيها،
الأمر الذي أدى إلى ارتفاع أعداد الضحايا في صفوف الأطفال والنساء.
وأبرز المرصد الأورومتوسطي أن غالبية القتلى الذين وثقهم فريقه
الميداني، سقطوا في وسط وغرب رفح، فيما يتعذر الحصول على معلومات كافية حول ما يجري
شرق رفح، ما يدلل على أن ما تعلنه الإدارة الأمريكية بأن العملية العسكرية
الإسرائيلية في المدينة محدودة، هو مجرد تضليل واستخفاف بحياة المدنيين.
وشدد على أن الجيش الإسرائيلي يستخدم القصف المدفعي العشوائي للأحياء
المأهولة بالسكان في غربي ووسط رفح لإجبار سكانها على إخلائها، حيث طال القصف عدة
مناطق من المدينة التي كانت حتى بداية الشهر، آخر ملاذ لنحو 1.2 مليون نازح ومقيم،
تم تهجير نحو 200 ألف نسمة منهم حتى الآن باتجاه غرب المدينة ومدينتي خايونس ودير
البلح المجاورتين.
وأشار إلى أن النازحين يواجهون صعوبات جديدة، فخلال عملية النزوح
ولدى وصولهم، يجدون أنفسهم بلا مأوى ووسط واقع مدمر بلا خدمات، خاصة في خايونس
التي شهدت أطرافها الشرقية توافدا كبيرا للنازحين، ليجدوا أنفسهم صباح الجمعة في
دائرة الاستهداف الإسرائيلي، ما أدى إلى مقتل 8 مدنيين على الأقل من عائلة
"قديح".
في الوقت ذاته، أكد المرصد الأورومتوسطي، أن التداعيات الإنسانية
لإغلاق معبري "رفح" البري و"كرم أبو سالم" التجاري، ومنع
إدخال شاحنات المساعدات لليوم الخامس على التوالي بدأت تظهر سريعا، في ظل توقف
عمل العدد المحدود من المخابز في وسط قطاع غزة عن العمل، وتوقف ضخ المياه في أغلب
أحياء رفح، فيما بدأت البضائع القليلة التي كانت متوفرة في المخازن والأسواق تنفد
مع ارتفاع هائل في أسعارها.
وأعرب الأورومتوسطي عن قلقه من أن الرئيس الأمريكي "جو
بايدن" وإدارته يمارسون عملية تضليل للرأي العام العالمي، بالترويج أن عملية
رفح محدودة، وأن هناك خطوطا حمراء أمام إسرائيل، وأن معبر "كرم أبو سالم"
مفتوح أمام حركة الإمدادات الإنسانية، بينما ما يجري على أرض الواقع استباحة
بالقصف الجوي والمدفعي لكل أحياء رفح ومبانيها، على غرار ما حدث سابقا في المدن
والأحياء التي اجتاحها الجيش الإسرائيلي.
ونبه إلى أن معبري "رفح" و"كرم أبو سالم" مغلقان
بالكامل وحركة إمدادات المساعدات متوقفة، بل إن الجيش الإسرائيلي أقدم على تدمير
خزانات للغاز في المنطقة التي توغل فيها.
وأكد أن عدم إدخال إمدادات الوقود ونفاده من المخازن، سيؤدي إلى توقف
الجهود الإنسانية في غزة خلال أيام، وستكون له تداعيات خطيرة على عمل المستشفيات
وخدمات الإسعاف والإنقاذ التي تعمل بالأساس بشكل جزئي.
وأبرز الأورومتوسطي أن استمرار منع حركة سفر الأفراد عبر معبر رفح
الحدودي، يعني قطع شريان الحياة الوحيد المتبقي لسكان قطاع غزة، وحرمان الأفراد
والعائلات المغادرين قسرا وخوفا من القطاع، من حقهم في التنقل ومن فرص نجاتهم من
ويلات الإبادة الجماعية، وكذلك حرمان المرضى والجرحى من فرصهم لتلقي العلاج خارج
القطاع، مما يعرض حياتهم لخطر الموت المحدق، لاسيما في ظل ضعف الخدمات الطبية
المقدمة في قطاع غزة، بفعل جريمة الإبادة الجماعية التي ترتكبها إسرائيل هناك، والتي
جعلت من تدمير القطاع الصحي في القطاع عنوانا لها.
وأعاد التذكير بأن رفح تعد مركز عمليات الإغاثة الإنسانية ونقطة دخول
الإمدادات الإنسانية المنقذة للحياة، وتخزن فيها العشرات من منظمات الإغاثة
العاملة الإمدادات التي تقدمها للمدنيين في جميع أنحاء قطاع غزة، بما في ذلك
الغذاء والمياه ومستلزمات الصحة والصرف الصحي والنظافة، وهو ما ينذر بتصعيد نهج
التجويع بحق سكان القطاع، وتفاقم انتشار الأمراض المتوقعة الناجمة عن العملية
العسكرية.
ونبه الأورومتوسطي إلى أن الجيش الإسرائيلي رفع من وتيرة غاراته، ليس في
رفح فقط، بل في كل أرجاء قطاع غزة، خاصة في حي الزيتون وأحياء مدينة غزة وشمالها،
مركزا على قصف المنازل على رؤوس ساكنيها، ما أدى إلى عدد كبير من القتلى والجرحى.
وجدد المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان مطالبته المجتمع الدولي
بالتدخل العاجل والحاسم لوقف الهجمة العسكرية على رفح وسكانها والنازحين إليها،
ووقف جريمة الإبادة الجماعية التي ترتكبها إسرائيل في قطاع غزة، والتي تدخل شهرها
الثامن، وتفعيل أدوات الضغط الحقيقية لإجبارها على وقف جميع جرائمها، بما في ذلك
جريمة التهجير القسري، والامتثال لقواعد القانون الدولي ولقرارات محكمة العدل
الدولية لحماية المدنيين الفلسطينيين في قطاع غزة.
ومنذ الاثنين، يشن الجيش الإسرائيلي هجوما بريا شرق مدينة رفح، زاعما
أنه "محدود النطاق"، ما أسفر عن حركة نزوح لنحو من 110 آلاف فلسطيني إلى
جنوب غرب القطاع.
وخلفت الحرب الإسرائيلية على غزة التي بدأت في 7 تشرين الأول/ أكتوبر عشرات آلاف القتلى والجرحى من الفلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وحوالي 10 آلاف
مفقود، وسط دمار هائل ومجاعة أودت بحياة أطفال ومسنين.
وتواصل إسرائيل الحرب رغم صدور قرار من مجلس الأمن الدولي بوقف
القتال فورا، ورغم أن محكمة العدل الدولية طالبتها بتدابير فورية لمنع وقوع أعمال
"إبادة جماعية"، وتحسين الوضع الإنساني في غزة.