إخضاع الدبلوماسيين المصريين لبرامج في الجيش.. هل يسعى النظام لعسكرة البلاد؟
القاهرة- عربي2116-Jul-2411:44 AM
0
شارك
جانب من تخريج الدبلوماسيين من الكلية الحربية- الجيش المصري
حالة من الغضب انتابت
سياسيين ودبلوماسيين مصريين بعد الإعلان عن تخرج دفعة من الدبلوماسيين في
الأكاديمية العسكرية المصرية، وظهور مقاطع مصورة لتسليمهم شهادات
تخرج من مؤسسة الجيش، وسط اتهامات البعض لها بالسعي لعسكرة البلاد وتغيير عقيدة
المصريين وإخضاع مؤسسات الدولة لسيطرتها.
ونظمت الأكاديمية
العسكرية المصرية مراسم تخريج الدورة رقم (56) للملحقين الدبلوماسيين بوزارة
الخارجية والهجرة، الأحد الماضي، وذلك بعد إتمام دورتهم التدريبية بالكلية
الحربية بالتعاون مع الجهات المعنية بالقوات المسلحة.
اظهار أخبار متعلقة
مساعد وزير الخارجية
السفير علاء حجازي، أعرب عن تقديره لدور الأكاديمية العسكرية المصرية فى تأهيل
العاملين بالوزارة، لاستكمال مسيرة الدفاع عن مصالح مصر بالخارج.
وأكد مدير الأكاديمية
العسكرية المصرية الفريق أشرف سالم زاهر، على أهمية تلك الدورات التدريبية لبناء
كوادر من العاملين بمؤسسات الدولة مسلحين بالخبرات العلمية والعملية وفقا لأحدث
نظم التدريب والتأهيل الحديثة.
"ظهور
صادم" وكان إعلان الأكاديمية
العسكرية عن تخرج دفعة من المعلمين، والدعاة، والقضاة، والموظفين الحكوميين الجدد
في وزارة النقل وغيرها، منذ العام الماضي بدعم وتوجيه وحضور رئيس النظام
عبدالفتاح السيسي، وتصدره المشهد في بعض المرات، قد أثار حالة من الجدل، حول سبب
خضوع الموظفين المدنيين لمثل تلك البرامج العسكرية.
لكنه يظل صادما لدى
البعض إلزام الدبلوماسية المصرية بالخضوع لبرامج ودورات عسكرية رغم ما لوزارة
الخارجية من مؤسسات تعليمية وخبرات كبيرة عبر كبار دبلوماسييها وسفرائها، وبينها
"المعهد الدبلوماسي" بالقاهرة الذي يستقبل دبلوماسيين للتدريب من كافة
الدول العربية والإفريقية، إلى جانب المصريين.
كذلك يتخوف البعض من
سيطرة وزارة الدفاع على وزارات والخارجية والعدل رغم أنهما إلى جانب وزارة
الداخلية من الوزارات السيادية الأربعة في البلاد، تماما كوزارة الدفاع، ولهما
خصوصية وسياسات وتوجهات وتعاملات مع الخارج والداخل.
ما جعل بعض المراقبين
يرون في تدخل وزارة الدفاع كوزارة سيادية في تدريب الموظفين الجدد بوزارتي
الخارجية والعدل السياديتين أيضا، ليس له منطق مبرر غير عسكرة عقول العاملين
فيهما والسيطرة على مؤسسة القضاء والتحكم في العلاقات الخارجية بل والتغول على
الصلاحيات والمهام.
ولفت مراقبون إلى
أن تدريب الدبلوماسيين المصريين بطرق عسكرية غير مناسب، ويتزامن مع ما تمر به
مصر، والمنطقة العربية، وإقليم الشرق الأوسط، من أزمات، حيث تشتعل حدود مصر
الشرقية بعدوان الاحتلال على قطاع غزة، وتواجه الحدود الجنوبية أزمة الحرب الداخلية
بالسودان.
ولاقى ظهور شباب
الدبلوماسية المصرية وصناع علاقات مصر الخارجية بالمستقبل داخل الأكاديمية
العسكرية انتقادات حادة، من المعارضة المصرية، وعبر فضائياتها.
نشاط إجتماعى .... الأكاديمية العسكرية تعلن تخرج دفعة جديدة من الدبلوماسيين !!! pic.twitter.com/m9nxehwSdR
"عسكرة التعليم
والأوقاف والنقل" ومنذ العام الماضي،
ويثار الجدل حول تدريب المعينين الجدد بمختلف قطاعات الدولة في الأكاديمية
العسكرية، مدة 6 أشهر، يتم فيها إعداد الطالب بأساسيات الحياة العسكرية والانضباط
العسكري ورفع الكفاءة البدنية، والتركيز على المهارات الأساسية لوظيفته المقبلة
ورفع قدرته على التحمل، بحسب بيانات المتحدث العسكري المصري.
وأثيرت العديد من
الأزمات بعد رفض الأكاديمية العسكرية عدد من المتقدمين لوظائف المعلمين والأئمة
والعاملين بقطاع النقل وحتى الجهات القضائية والنيابية بدعوى الوزن الزائد وعدم
اللياقة البدنية والصحية.
وفي تشرين الأول/
أكتوبر الماضي، قامت الأكاديمية العسكرية المصرية بتخريج الدورة الأولى للمعلمين
المرشحين لشغل وظيفة مديري مدارس بمسابقة الـ"30 ألف معلم"، بعد إتمام
دورتهم التدريبية بالكلية الحربية، ما أثار جدلا حول علاقة المعلم ومديري المدارس
بالتدريبات والبرامج والعلوم العسكرية.
حينها جرى استبعاد
مئات المعلمين والمعلمات بسبب عدم اللياقة البدنية وزيادة الوزن، ما دفع مئات
المستبعدين للتظاهر أمام مجلس الوزراء بالعاصمة الإدارية الجديدة، والذين طاردتهم
قوات الأمن في موقف مهين للمعلم المصري.
#المتحدث_العسكرى : تخريج الدورة الأولى للمعلمين المرشحين لشغل وظيفة مديرى مدارس من الأكاديمية العسكرية المصرية بعد إتمام دورتهم التدريبية بالكلية الحربية ...
وفي تشرين الثاني/
نوفمبر الماضي، أعلن المتحدث باسم الجيش المصري تخرج أول دفعة من الأئمة المرشحين
للعمل بوزارة الأوقاف، بعد إتمامهم دورة تدريبية بكلية الضباط الاحتياط، بمدينة
الإسماعيلية شرق القاهرة، ما لاقى انتقادات واسعة حينها، ومخاوف من تغيير في
توجهات وأفكار وعقيدة أئمة المساجد في مصر.
وفي شباط/ فبراير
الماضي، جرى تخريج دفعة من المتقدمين الجدد للالتحاق بوظائف وأعمال الهيئات
التابعة لوزارة النقل، من الأكاديمية العسكرية المصرية، وهو الأمر الذي تم بحضور
السيسي، الذي شارك بنفسه في حفل التخرج.
وفي نيسان/ أبريل
الماضي، وحرصا منه على استمرار ذلك المسلك وتعزيز ذلك التوجه حضر السيسي،
اختبارات المعلمين المتقدمين للالتحاق بوظائف وزارة التعليم.
"إلزام السيسي..
ورفض القضاة" وكان لافتا أيضا،
إعلان المتحدث العسكري المصري بـ"فيسبوك"، تخريج الأكاديمية العسكرية
المصرية دفعة من المعينين بالجهات القضائية -الدفعة الأولى (ب)- بعد إتمام دورتهم
التدريبية في الكلية الحربية، 13 حزيران/ يونيو الماضي، حيث شملت المتقدمين
لوظائف معاون نيابة عامة، دفعة 2021، ومندوب مساعد بمجلس الدولة، دفعة 2020.
وهو ما مثل صدمة كبيرة
بين بعض القضاة، وسط تساؤلات حول علاقة القضاء بالمؤسسة العسكرية، ومخاوف من سلب
استقلالية القضاء المصري وإخضاعه للمؤسسة العسكرية، خاصة مع رفض رئيس نادي القضاة
ذلك التوجه.
وفي نيسان/ أبريل
2023، صدر توجيه رئاسي يلزم الراغبين في التعيين بالحكومة بالحصول على دورة تأهيل
بالكلية الحربية لمدة 6 أشهر كشرط أساسي للتعيين، وهو ما رد عليه نادي القضاة عبر
خطاب لمجلس القضاء الأعلى، في أيار/ مايو 2023، مؤكدا أنه "أمر غير متصور
بالنسبة للمرشحين للعمل في القضاء".
وأكد أنه "يجب
ألا يشارك مجلس القضاء الأعلى أو ينازعه أحد في هذا الاختصاص"، منعا
لـ"الماس باستقلال القضاء"، فيما دشن معارضون وبينهم "الاشتراكيين
الثوريين"، حملة ضد "عسكرة القضاء والوظائف المدنية".
ويتعدى هذا الإجراء
بكثير ما كانت قد فرضته حكومة السيسي، على المعينين بالوظائف الحكومية منذ تموز/
يوليو 2017، من اجتياز التحريات الأمنية التي يجريها الأمن الوطني، لقياس درجة
الولاء، والميول السياسية والدينية والجنسية للمتقدمين.
وكانت حركة
الاشتراكيين الثوريين قد أكدت "على ضرورة مواجهة عسكرة الوظائف المدنية، التي
طالت من قبل المعلمين وأئمة الأوقاف والدبلوماسيين، بإطلاق حملة منسقة تشترك فيها
القوى السياسية والحقوقية والنقابية تحت شعار لا للعسكرة".
"عسكرة وتغيير
جينات" وفي قراءته لدلالات
إخضاع الدبلوماسيين الجدد لبرامج تعليم وتدريب بالمؤسسة العسكرية، قال مساعد وزير
الخارجية المصري الأسبق السفير الدكتور عبدالله الأشعل: "إذا كان الهدف هو
عسكرة مصر فإن مصر لن تتعسكر أبدا، وإذا كان الهدف هو تدمير مصر وتدمير السلك
الدبلوماسي، فالداخلين الجدد إلى وزارة الخارجية منتبهون جيدا لهذا الأمر".
وبشأن خطورة ذلك على
تعامل الدبلوماسيين المصريين في الخارج وفقا للقواعد الدبلوماسية، أضاف الأشعل لـ"عربي21": "نحن
في وزارة الخارجية من كان يدرب العسكريين، وأبدا لم يكن يدرب العسكريون
الدبلوماسيين، بل نحن من كان يحضر العسكريين لمهامهم".
اظهار أخبار متعلقة
ولفت إلى أن "أكاديمة
ناصر العسكرية أنشأت قسما للماجستير والدكتوراه والعلوم العسكرية، لأجل أن يقال
إن العسكري دارس للعلوم السياسية، لكن الأمر لا يستوي بهذه الطريقة نظرا لكبر سن
أغلب العسكريين الدارسين".
ومضى يقول:
"لاحظت من خلال عملي في وزارة الخارجية أن القادمين للوزارة من خلفيات شرطية
وعسكرية حتى ولو كان عمره 25 سنة، من الصعب أن يكون دبلوماسيا كما يجب أن يكون،
لأن الدبلوماسي ينشأ داخل الوزارة ويدرس موادّ وعلوما مدنية متخصصة من سن الـ21
سنة".
واستدرك :"لكن
الآخر؛ تم تكوينه في سنوات التكوين كضابط شرطة أو ضابط جيش، حتى الذي يعمل في سلك
القضاء يصعب أن يكون دبلوماسيا ،حيث واجهت هذا الموضوع، أثناء عملي كمدير للمعهد
الدبلوماسي التابع للخارجية المصرية".
وعن هدف إخضاع
الدبلوماسيين المصريين الجدد لبرامج تعليم وتدريب بالمؤسسة العسكرية المصرية، وهل
هو تغيير العقيدة الدبلوماسية كما تغيرت العقيدة العسكرية للجيش المصري في عهد
السيسي؟، أشار إلى أن "العسكرة قائمة في الدولة، ومنها عسكرة المحافظين
والوزراء".
وبين أن "هذا ليس
معقولا"، موضحا أن "الهدف من العسكرة هو تغيير عقيدة المصريين،
أساسا".
ولفت إلى أن
"السفير الإسرائيلي، قال في حديث مطول مع صحيفة (المصري اليوم)، المحلية، إن
علاقتنا ممتازة بالسلطة السياسية، ولكن مهمتي هي تطويع الشعب المصري نحو قبول
إسرائيل".
وقال في نهاية حديثه،
إن "النظام الحالي يحاول تغيير جينات المصريين، وهذا لا يصح"، محملا
"المسؤولين المصريين تبعات تلك الحالة".
"على النمط
العسكري" من جانبه قال السياسي
المصري الدكتور عمرو عادل، إن "طريقة نمط تفكير العسكريين المختلفة عن
المجتمع المدني بأكمله نظرا لطبيعة المنظومة العسكرية، تجعل من الصعب جدا التعامل
بينهم".
رئيس المكتب السياسي
للمجلس الثوري المصري المعارض، أضاف لـ"عربي21": "ويصبح من
الضروري إخضاع أحدهما للآخر"، مشيرا إلى أن "الطبيعي أن تكون المؤسسة
العسكرية تحت تصرف القيادة السياسية".
ولفت إلى أنه
"عندما يحدث العكس؛ وتصبح المؤسسة العسكرية صاحبة السلطة ولها السيطرة على
كافة مؤسسات المجتمع المدني، تحاول تنميط المؤسسات المدنية علي النمط العسكري في
التفكير والإدارة".
ضابط الجيش المصري
السابق، أكد أنه "كلما زادت سيطرة المؤسسة العسكرية تزداد رغبتها في
التنميط"... "ورأينا قبل الدبلوماسيين الكثير من القطاعات يحدث
معها ذلك".
وأوضح أنه "كانت
الوسيلة سابقا هي تجنيد الأفراد كجنود أو ضباط احتياط؛ ولكن لم تعد كافية من
رغبتهم في التنميط التام، فدخلوا مرحلة جديدة الآن من العسكرة".
ويعتقد عادل، أن
"القضية ليست الدبلوماسيين، القضية في عدم قدرة العسكر على تحمل أي اختلاف
في أنماط التفكير".
ومضى في نهاية حديثه
للقول: "الخطورة أن الدبلوماسية هي أحد أهم الأدوات السياسية بالمجتمع،
والتعامل معها بهذه الطريقة يدمر واحدة من أهم مؤسسات المجتمع".