تمكنت قوات الأمن
المغربية من
منع مئات
الشباب المغاربة من عبور الحدود الشمالية للمغرب باتجاه مدينتي سبتة ومليلية
المحتلتين من طرف إسبانيا.
ورأى سياسيون وحقوقيون مغاربة، أن فعل
الهجرة بالأساس هو قرار اضطراري ما كان له أن يحدث لولا حالة الفشل السياسي
والاقتصادي الذي تعيشه البلاد، وهو أمر تتحمل مسؤوليته السلطات الرسمية.
فقد أكدت شبيبة العدل والإحسان أن ما تعيشه المدن
المحاذية لمحيط سبتة المحتلة من أحداث الهجرة الجماعية للشباب؛ يُعد عنوانًا لفشل
سياسات دولة تنشغل ببناء الملاعب الضخمة وتنظيم الحفلات الباذخة واستضافة
المهرجانات، بينما يواجه شبابها تهميشا، ويقتل الطموح أمام أطفالها.
وشددت شبيبة "العدل والإحسان"
كبرى الجماعات الإسلامية في المغرب، في بيان لها اليوم نشرته على صفحتها الرسمية، على
أن هذه الأحداث المتلاحقة تشكل "عنوانًا لفشل سياسات التنمية والاهتمام
بالشباب، وتدق ناقوس الخطر المحدق بمستقبل البلاد".
ولفت شباب الجماعة إلى أن الاندفاع بإصرار
نحو الهرة "يعكس فقدان الثقة والأمل في إمكانية تحقيق حياة كريمة داخل
البلاد، وهو ما يهدد استقرار الوطن ومستقبله".
وجاء في البيان: "في ظل غياب معطيات
رسمية، تشير التقديرات إلى توقيف ما يقارب الخمسة آلاف شاب وقاصر في التدخلات
الأمنية التي رافقت هذه الدعوات للهجرة الجماعية، وأغلب هؤلاء الموقوفين قاصرون،
وتزداد الخطورة بوُجود أطفال في عمر تسع وعشر سنوات بين الموقوفين!؟".
وأضاف البيان: "لقد تناقلت وسائل
التواصل الاجتماعي مشاهد الشباب والأطفال وهم يخاطرون بحياتهم عبر محاولات جماعية
للعبور إلى سبتة المحتلة، وهي مشاهد تعكس حجم اليأس والإحباط الذي وصل إليه جيل
المستقبل، كما تعكس بكل وضوح فشل دولة بمؤسساتها ومسؤوليها بكل درجاتهم في توفير
حياة كريمة وآمنة لأبنائها".
وتساءل البيان: "كيف لدولة تدّعي
التقدم والتنمية أن تغض الطرف عن هذا الواقع، وتنشغل بتلميع صورتها الخارجية على
حساب أبنائها الذين يبحثون عن أي فرصة للهروب من واقعهم البائس؟".
وأكد بيان شبيبة العدل والإحسان، أن المقاربة
الأمنية وحدها لن تحل هذه الأزمة ولا غيرَها، وقال: "ليفهم من يهمه الأمر أنّ
استحواذ طبقة أو طبقات على ثروة المغاربة بدل توزيعها بعدل على كل أبناء الشعب
لهو من الاختلالات الوطنية الكبرى، وأن السياسات الاقتصادية والاجتماعية الفاشلة
هي التي دفعت بهؤلاء الشباب إلى حافة اليأس. ويجب على الدولة أن تتحمل مسؤوليتها
التاريخية في توفير فرص عمل حقيقية، وتعليم جيد، وتأهيل مهني يضمن للشباب حياة
كريمة ومستقبلًا مشرقًا داخل وطنهم، والعمل على وضع سياسات فعالة تعيد للشباب
ثقتهم في وطنهم وتوفر لهم فرص العمل والعيش الكريم".
وأكد البيان أن "الأزمة أعمق من مجرد
رغبة في الهجرة من بلد إلى بلد، بل هي رغبة في البحث عن كرامة مفقودة وبحث عن
حياة آمنة وذات معنى في سياق تفاقم الفشل في تدبير هذا البلد على كل المستويات".
وشدد على أن "معالجة ملف الشباب ليس
معزولا عن كافة القضايا الأساسية للشعب المغربي الذي يفتقد حياة كريمة وآمنة في
بلده الغني بخيراته، بينما يكتوي صباح مساء بالزيادات الخيالية للأسعار وضرب
القدرة الشرائية، وغياب فرض جادة لعمل يوازي غلاء المعيشة".
ودعا البيان إلى رص الصفوف وبناء جبهة
شبابية موحدة تهدف إلى مواجهة سياسات التهميش والفساد والتفقير، والعمل سويًا من
أجل بناء وطن يحتضن أبناءه ويحقق طموحاتهم، وفق تعبير البيان.
من جهتها استنكرت الجمعية المغربية لحقوق
الإنسان، "المشاهد الصادمة الآتية من شمال المغرب، التي تجري أحداثها، منذ
يوم 14 أيلول/ سبتمبر الجاري، على الحدود الاستعمارية الفاصلة بين سبتة المحتلة
ومدينة الفنيدق، لمئات وربما آلاف المغاربة بينهم قاصرين، الذين وفدوا ويفدون إلى
المنطقة من مختلف جهات المغرب من أجل الهجرة الجماعية غير النظامية إلى مدينة سبتة
المحتلة".
وقالت الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، في
بلاغ لها، إنه "إذا كان الموقف الإسباني مفهوما لأنه يسعى الى تكريس استمرار
استعمار المدينتين إلا أن الموقف الرسمي المغربي يثير الكثير من الغضب لأنه يكرس
الموقف الإسباني؛ وهو ما نعتبره تخليا للدولة المغربية عن المطالبة المشروعة
باسترجاع المدينتين السليبتين".
وأكدت الجمعية، أن "تطلع المغاربة
للهروب الجماعي من بلدهم والرحيل إلى مدينتين محتلتين من طرف الدولة الإسبانية،
يجد تفسيره في كون الفساد في جميع المجالات وصل إلى مستويات قياسية يجعل الغالبية
العظمى من الشعب تعيش الفقر المدقع في الوقت الذي تغتني فيه قلة من الفاسدين
والمفسدين بسبب نهب خيرات البلد وتكديس الأموال وتهريبها إلى خارج الوطن".
وأضافت الهيئة الحقوقية، أن "عسكرة
المنطقة وكأننا في حرب، ومنع المواطنات والمواطنين من حقهم في التنقل كما هو منصوص
عليه في المواثيق الدولية لحقوق الإنسان المصادق عليها من طرف الدولة المغربية
واعتقال العشرات من المواطنين بموجب قوانين مجحفة لن يحل أبدا معضلة التفكير في
الهروب من البلد ومحاولة البحث عن ملاجئ آمنة توفر لهم الحد الأدنى من العيش
الكريم".
ودعت الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، إلى "رفع
العسكرة عن الشواطئ والسماح للمواطنين بالولوج اليها، واحترام حرية التنقل والتجول
كما هو منصوص عليه في الصكوك الأممية لحقوق الانسان، وإطلاق سراح المواطنين
المغاربة المعتقلين ومتابعة المسؤولين الحقيقيين عن هاته الوضعية التي يعيشها
البلد والتي تؤدي إلى نشر اليأس وعدم الاستقرار، وتفعيل مبدأ عدم الافلات من
العقاب في الجرائم الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، مع وقف التوقيف والترحيل
التعسفيين لشباب وقاصرين يتواجدون بمنطقة الناظور والمضيق والفنيدق.
وكانت مواجهات قد اندلعت مواجهات، مساء أول الأحد،
بين قوات أمن مغربية ومئات المواطنين الراغبين في الهجرة إلى أوروبا؛ إثر منعهم من
اقتحام السياج الحدودي مع مدينة سبتة التابعة للإدارة الإسبانية، وفق وسائل إعلام
محلية.
وأظهرت مقاطع فيديو بثها ناشطون مغاربة
ووسائل إعلام محلية، قوات الأمن في مدينة الفنيدق (شمالا) وهي تطارد شبانا راغبين
في الهجرة غير النظامية إلى سبتة.
ووفق وسائل إعلام مغربية، فإن قوات الأمن منعت الشبان من الاقتراب من السياج الحدودي الفاصل بين الفنيدق وسبتة، عقب دعوات
لاقتحام جماعي في 15 أيلول/ سبتمبر الجاري.
وفي 23 كانون الثاني/ يناير الماضي أعلنت
وزارة الداخلية المغربية عن إحباطها 75 ألفا و184 محاولة هجرة غير نظامية خلال عام
2023، بارتفاع 6 بالمئة مقارنة بـ2022.
ويحاول أفارقة من دول عديدة، بينها المغرب،
الهجرة بطريقة غير نظامية؛ بحثا عن حياة أفضل في أوروبا، في ظل أزمات اقتصادية
ونزاعات مسلحة في بلادهم.
اقرأ أيضا: هدوء في المغرب عقب مواجهات إثر محاولات لهجرة جماعية إلى سبتة