ملفات وتقارير

"عربي21" ترصد أبرز تفاصيل زيارة ماكرون للمغرب.. هل طُويت سنوات الخلاف؟

أعلن البلدان عن توقيع 22 اتفاقية تشمل عدّة مجالات- رويترز
أعلن البلدان عن توقيع 22 اتفاقية تشمل عدّة مجالات- رويترز
"أعيد التأكيد أمامكم، في نظر فرنسا حاضر ومستقبل الصحراء يندرجان في إطار السيادة المغربية" بهذه الكلمات، أشار الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، الثلاثاء، إلى إذابة الجليد في العلاقات المغربية الفرنسية.

ومن قلب البرلمان المغربي، وبحضور أعضاء الغرفتين (مجلس النواب ومجلس المستشارين)، أبرز ماكرون أن "الفاعلين الاقتصاديين وشركاتنا سوف يرافقون تنمية هذه المنطقة، عبر استثمارات ومبادرات دائمة وتضامنية لصالح سكانها".

ويأتي خطاب الرئيس الفرنسي، من قلب البرلمان المغربي، استنادا إلى الفصل 68 من الدستور المغربي، الذي يُتيح للبرلمان عقد جلسات خاصة للاستماع إلى رؤساء الدول الأجنبية. حيث سبق ماكرون، إلى هذا المنبر كل من الرؤساء السابقين: نيكولا ساركوزي، وفرانسوا هولاند، والراحل جاك شيراك.

Image1_1020243019150417272091.jpg

ووصل الرئيس الفرنسي، الإثنين، للمغرب، فيما غادرها اليوم الأربعاء؛ وفي ثلاثة أيام أجرى ماكرون عدّة مباحثات مع الملك المغربي، محمد السادس، فيما تمّ العمل على توطيد العلاقات بين باريس والرباط، وطي صفحة توتّرات صارخة سيطرت على المشهد بين البلدين، خلال الثلاث سنوات الماضية.

زيارة دولة 
زيارة ماكرون إلى المغرب، أتت عقب استعادة دفء العلاقات بين البلدين؛ فيما تمّ استقباله في حفل ترأسه الملك المغربي، محمد السادس، الإثنين، في الرباط. أعقبتها جولة رسمية، وسط شوارع العاصمة، الرباط.

وشارك في الزيارة التي وصفت بكونها "زيارة دولة إلى دولة"، أكثر من تسعة وزراء فرنسيين، بينهم وزير الداخلية، برونو ريتايو، ووزير الاقتصاد، أنطوان رمان، ووزير التربية الوطنية، آن جينيته، ووزيرة الثقافة، رشيدة داتي، وهي من أصول مغربية.


وتعتبر "زيارة دولة" أهم أشكال الاتصالات الدولية في مجال البروتوكول الدبلوماسي، ولا تكون إلا بدعوة رسمية من رئيس الدولة المضيفة إلى نظيره رئيس الدولة الزائر، فيكون فيها ضيفه، ويسكن في أحد مقرات إقامته الرسمية، حتى نهاية الزيارة، ولا تقام لأي رئيس من نفس الدولة إلا مرة واحدة خلال فترة حكمه.

وكانت آخر زيارة دولة قام بها رئيس فرنسي إلى المغرب، في عهد فرانسوا هولاند عام 2013. 

شراكة استثنائية
بحسب بلاغ للديوان الملكي المغربي، فإنّ "المحادثات تناولت مرحلة جديدة من العلاقات القوية بين المغرب وفرنسا، في إطار شراكة استثنائية متجددة وخارطة طريق استراتيجية للسنوات المقبلة".

ووفق نص الإعلان "قرر قائدا البلدين تدشين مرحلة جديدة من التاريخ الطويل المشترك من خلال الارتقاء بالعلاقة بين البلدين إلى مستوى شراكة استثنائية وطيدة".

وأكد الطرفان على "طموحهما المشترك في أن تعكس هذه الشراكة إرادتهما المشتركة في استثمار مكتسبات الشراكة وأوجه تكاملها للدفع بها بشكل لا رجعة فيه نحو مرحلة جديدة".

وشدد الإعلان على "الرغبة في تمكين العلاقات الفرنسية-المغربية من إطار استراتيجي شامل ومستقر ودائم، من خلال شراكة متينة تتطلع إلى المستقبل".

وعبر الجانبان عن رغبتهما في "تمكين المغرب وفرنسا من رفع جميع التحديات التي يواجهها البلدان على شكل أفضل، وذلك عبر تعبئة جميع القطاعات المعنية بالتعاون الثنائي والإقليمي والدولي".

وبقيمة تناهز 10 مليارات يورو، أبرم المغرب وفرنسا عقودا واتفاقات استثمار، خلال حفل ترأسه الملك المغربي، محمد السادس والرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، مساء الإثنين، بالرباط. 

Image1_10202430191134486590277.jpg

وأعلن البلدان عن توقيع 22 اتفاقية تشمل عدّة مجالات، منها: السكك الحديدية والهيدروجين الأخضر، والتعليم العالي، والتنمية المستدامة، وتحول الطاقة، والبحث العلمي، ناهيك عن التعاون في قطاعات الماء والزراعة والاستثمار والثقافة والصناعات الإبداعية.

تجدر الإشارة إلى أن قيمة التبادل التجاري بين فرنسا والمغرب، قد بلغت نحو 14.1 مليار يورو في عام 2023، بزيادة قدرها 5 في المئة عن العام السابق. وفيما تعد فرنسا أكبر مستثمر أجنبي في المغرب، فإنّ المغرب يعتبر الشريك التجاري الأول لفرنسا في شمال أفريقيا.

احتجاجات بقلب الزيارة
علت أصوات الانتقادات، بخصوص زيارة الرئيس الفرنسي للمغرب، تأجّجت أكثر عقب تصريحه بخصوص "طوفان الأقصى" من داخل البرلمان، حيث وصف عملية حماس في 7 تشرين الأول/ أكتوبر 2023 على الاحتلال الإسرائيلي بـ"الهمجية"، فيما دافع عما اعتبره: "حق إسرائيل في الرد".

وأبرز ماكرون: "لا شيء يبرر حصيلة القتلى في غزة من المدنيين"، مطالبا بـ"وقف فوري للحرب"، بالقول: "الشرق الأوسط يعيش في متاهة، لذلك يجب وقف إطلاق النار في غزة ولبنان".

وأشار بالقول: "طالبنا بذلك منذ نوفمبر الماضي، من أجل تحرير الأسرى وحماية السكان والسماح بوصول المساعدات الإنسانية لقطاع غزة"، فيما دعا إلى "وقف إطلاق النار ووقف العمليات العسكرية".

وأردف: "نحن نعمل على ذلك منذ عدة أسابيع بالتنسيق مع شركائنا الأمريكيين وعدة أطراف أخرى. ولهذا السبب، دعوت إلى وقف صادرات الأسلحة المستخدمة حاليا في غزة، والضفة الغربية، ولبنان".

مضيفا: "طريق الدبلوماسية ممكن، وهو طريق يتطلب التزامات كبيرة، وهذا هو الطريق الذي تدعمه فرنسا لتمكين الشعبين الإسرائيلي والفلسطيني واللبناني أيضا من تحقيق تطلعاتهم نحو السلام والأمن، وعودة جميع النازحين بسلام إلى ديارهم".

وكانت "عربي21" قد رصدت عددا من التغريدات والمنشورات، التي أعرب أصحابها عن غضبهم من تصريحات ماكرون؛ فيما وثّقت عدد من المقاطع، احتجاجات أمام القنصلية الفرنسية في مدينة طنجة، مساء الاثنين، للتنديد بعدوان الاحتلال الإسرائيلي على غزة ولبنان.

إثر ذلك، علت أصوات المحتجين، بعدد من الشعارات الرافضة لزيارة الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، للمغرب، وذلك بسبب مواقفه الداعمة للإبادة السّارية على كامل قطاع غزة المحاصر، وكذا على لبنان.


أي دلالة للخنجر الذهبي؟
مساء الاثنين، أهدى الملك محمد السادس، للرئيس الفرنسي، خنجرا ذهبيا، كتذكار يحمل دلالة تاريخية في الوعي العسكري المغربي، يرتبط أساسا بفرق "الكوم المغاربة"، الذين تولى محمد المعزوز الدفاع عنهم في روايته "حرب الكوم". 

وبولائهم للوطن عُرف هؤلاء الجنود، حيث استجابوا لدعوة سلطان البلاد آنذاك، محمد الخامس، للدفاع عن فرنسا أمام الاحتلال النازي. فضحّوا بحياتهم، من خلال التحاقهم بالجيش الفرنسي، لتحرير أول المناطق الفرنسية "كورسيكا".

Image1_102024301974588137415.jpg

وأتى "الخنجر الذهبي" بحسب عدد من المؤرّخين، بمثابة: "تذكير رمزي، بالحضور الوازن الذي لعبه الجيش المغربي في صراع العالم الأوروبي، وخاصة الفرنسي".

تجدر الإشارة إلى أنه في المغرب، تعمل 6 قنصليات فرنسية بكل من أكادير، والدار البيضاء والرباط، وفاس ومراكش وطنجة، إضافة إلى سفارة فرنسا بالرباط. كما توجد 42 مؤسسة تعليمية فرنسية في المغرب.

اظهار أخبار متعلقة


أما بخصوص الجالية المغربية في فرنسا، فتعدّ الأكبر من بين الدول العربية، حيث يوجد أكثر من مليوني مغربي من إجمالي 5 ملايين مغترب حول العالم. كما يتابع 45 ألف طالب مغربي دراستهم العليا بفرنسا، ويحتلون المرتبة الأولى في لائحة الطلاب الأجانب في البلد الأوروبي.

غير أنّه خلال السنوات الأخيرة، عاشت العلاقات المغربية الفرنسية على إيقاع توترات كانت توصف بـ"القوية"، انطلاقا من قرار فرنسا خفض عدد التأشيرات للمغاربة، وصولا إلى اتهامات التجسس ببرنامج "بيغاسوس"، فضلا عن إدانة البرلمان الأوروبي لتدهور حرية الصحافة في المغرب.
التعليقات (0)