قضايا وآراء

السيسي وقوائم الإرهاب وهل التقى الإخوان لأجلها؟!

عصام تليمة
رأينا في قائمة الأسماء شخصيات من الصفوف الأولى في جبهة محمود حسين، ومن الشخصيات الباقية في التصنيف الإرهابي شخصيات محسوبة على الطرف الذي يقبل بالحوار، فكيف إذن يكون هناك لقاء للسيسي مع من قبلوا الحوار، وتخرج القائمة خالية منهم؟ الأناضول
رأينا في قائمة الأسماء شخصيات من الصفوف الأولى في جبهة محمود حسين، ومن الشخصيات الباقية في التصنيف الإرهابي شخصيات محسوبة على الطرف الذي يقبل بالحوار، فكيف إذن يكون هناك لقاء للسيسي مع من قبلوا الحوار، وتخرج القائمة خالية منهم؟ الأناضول
بدون مقدمات أو إرهاصات استيقظ الناس على خبر رفع (716) اسما من قوائم الإرهاب، والتي وضعهم عليها نظام السيسي، أيضا دون مقدمات منطقية، أو بوادر قانونية، كشأن هذا النظام الذي لا تعرف له سياسة سوى التنكيل والتضييق، وكل ما يجد عليها فهو في إطار التجديد في شكل الاستبداد، ومحاولة الجري في المحل، كما يطلق عليه أهل الرياضة، حراك لا يبارح الموضع الذي أنت فيه، وإن كان حراك السيسي حراكا موهوما.

لست أحكم بذلك على الخطوة التي هلل لها الكثيرون بأنها تطور جديد، وصفحة جديدة يفتحها السيسي، فليست هناك ضغوط حقيقية لا محلية ولا إقليمية ولا دولية على السيسي، كي يقوم بأي تحريك للملف الحقوقي أو السياسي في مصر.

والفرصة الحقيقية الوحيدة التي جاءت منذ بضع شهور قليلة، حين اقترحت المخابرات عليه، بتشيجع من حلفائه أصحاب الاستثمارات الضخمة في مصر، وخوفا عليها، من أن ينفس ولو قليلا عن الشعب، سواء بصنع حزب معارض كارتوني، أو إخراج خمسة آلاف معتقل من الشخصيات العادية جدا، ويكون على رأسها شخصيتان معروفتان، من أهل الاعتدال السياسي من التيار الإسلامي، وبالفعل اقتنع السيسي بهذه الخطوة، لكن الأمن الوطني رفض بالطريقة التي يشعر بها السيسي ألا فائدة من الخطوة، فقالوا له: نحن لا نمانع لكن لو حدثت أحداث بناء على خروجهم، لا يلومنا أحد، ولسنا مسؤولين، وهي صيغة تخيف أي مسؤول، فتم إلغاء هذه الفكرة.

عدا ذلك فلا جديد في مصر في هذا الملف، وخطوة رفع أسماء من قوائم الإرهاب، خطوة عشوائية غير عقلانية، ولا يرجى من ورائها أي حلحلة للملف لا شكلية ولا حقيقية، فهو إجراء غير مفهوم حتى الآن، ولن ينبني عليه في القريب المشهود أي جديد.

واقعية لا تشاؤما:

لست من المتشائمين، ولكني لا أحب أن أكون من المتفائلين بلا أسباب من الواقع، فلا معارضة قوية تجبر السلطة على ذلك، ولا يوجد أي ضغوط محلية أو إقليمية أو دولية على هذا النظام، بل إن الأحداث الإقليمية والدولية خدمته كثيرا، فاستفاد من حرب غزة استفادة لم يكن يحلم بها، بعد أن كاد يغرق في الملف الاقتصادي والديون، جاءت المساعدات والمعونات تهطل عليه كالمطر من الشرق والغرب، فمن سيمارس ضغطا حقيقيا عليه لتحريك الملف الحقوقي؟!

لست من المتشائمين، ولكني لا أحب أن أكون من المتفائلين بلا أسباب من الواقع، فلا معارضة قوية تجبر السلطة على ذلك، ولا يوجد أي ضغوط محلية أو إقليمية أو دولية على هذا النظام، بل إن الأحداث الإقليمية والدولية خدمته كثيرا، فاستفاد من حرب غزة استفادة لم يكن يحلم بها، بعد أن كاد يغرق في الملف الاقتصادي والديون، جاءت المساعدات والمعونات تهطل عليه كالمطر من الشرق والغرب، فمن سيمارس ضغطا حقيقيا عليه لتحريك الملف الحقوقي؟!
والناظر للأسماء سيتأكد من ذلك، فعدد غير قليل منهم، قد انتقل إلى رحمة الله، وتحمل القائمة تناقضا كبيرا، فالشيخ وجدي غنيم رفع اسمه، ولم يرفع اسم الكابتن محمد أبو تريكة، ولا اسمي، ولا أسماء أخرى، كما أن هناك من رفع اسمه من القائمة ومع ذلك يظل في السجن، مثل الأستاذ حسام خلف، وهو زوج ابنة الشيخ القرضاوي، والتي خرجت بتفاهمات سياسية معروفة، وكان معها في نفس القضية زوجها، فهل بني على رفع الاسم خروج الرجل؟! ورفع اسم الشيخ القرضاوي من القائمة، ومع ذلك بقيت أسماء أولاده، رغم أن وجود أسماء معظم أبنائه وبناته، لعلة أنهم أبناء القرضاوي، ولم يخرج زوج ابنته، وتهمته أنه زوج ابنة القرضاوي.

رفع من القائمة وحرمان من الأوارق الثبوتية!

الأمر المهم في الموضوع كذلك بما يثبت صحة رأينا، أن رفع الأسماء من هذه القوائم، يعطيهم على الأقل الحق في الأوراق الثبوتية، فمثلا وجدي غنيم والمهندس هيثم أبو خليل رفع اسميهما وآخرين من القائمة، وكلهم جوازات سفرهم منتهية، فهل سيتم التجديد لهم بعد رفع الأسماء؟ علما بأن هناك أشخاص بالخارج لهم أبناء ولدوا خارج مصر- بعد الانقلاب - إلى الآن ترفض السفارة المصرية في هذه البلدان استخراج شهادات ميلاد لأبنائهم، فضلا عن جوازات السفر، ومعظمهم ليس على قوائم الإرهاب، فما بالنا بمن كان عليها وحذف أو بقي، فهل سيتم استخراج أوراقهم الثبوتية؟!

إلى الآن لم يتم، ولن يتم في القريب العاجل، وليس هناك جديد في سياسة هذه السلطة في هذا الملف، فهذا معناه أنه كلام للاستهلاك الإعلامي، وهو أشبه بما تقوم به بعض الوزارات، حين يكون لديها بعض موظفين من أصحاب الواسطة المهمة، ولكي يكون تعيينهم قانونيا، يتم الإعلان عن وظائف خالية في الوزارة، ويتقدم أصحاب المؤهلات والخبرات، والأمر مقضي فيه تماما، بتعيين بعض المحاسيب، ولكن لأجل اكتمال الشكل الديكوري للعمل، تقوم الوزارة بعمل إعلان، واستفادة الصحف التي ينشر فيها الإعلان، عملا بالشعار الدائر في مصر: أهم من الشغل تزبيط الشغل، هذا هو شعار نظام السيسي.

العجيب أن البعض ذهب من فرط سعادته، راح يبشر بأن صفحة جديدة فتحت من النظام، ومع ذلك لم نر مسجونا واحدا يبشر بالخروج، ولا تسهيل الزيارات، لا يزال بعض أمهات يكتبن عن إلحاح بعض أبنائهن المسجونين بالسماح لهم بالانتحار، كأحد الحالات التي نشرتها أم معتقل، لا يمنعه من تنفيذ فكرته سوى رفض أمه ذلك، فلا زيارات متاحة، ولا حقوق للمعتقل، وكل من ينهي مدته تجدد له قضايا أخرى، وعلاء عبد الفتاح نموذج واضح وقريب لذلك.

هل التقى نظام السيسي بالإخوان لأجل القائمة؟!

ومما شجع هؤلاء على التنجيم بأن انفراجة حدثت، علل ما حدث من حذف أسماء من القوائم، بأن ذلك تم بناء على تواصل من نظام السيسي مع الإخوان، وهذه بقدر ما هي أكذوبة، فهي ضرب من الهبد كذلك، والأسماء المحذوفة من القائمة خير دليل على ذلك.

فبنظرة عجلى على الأسماء، سنجد أن عددا من الأسماء المحذوفة، هم محسوبون على كفة عدم الحوار مع السيسي ولا أي من طرفه، فعندنا أطراف في الإخوان المسلمين المصريين، الطرف الذي يقبل الحوار ويعلن به، هو طرف الدكتور صلاح عبد الحق، والطرف الذي يعلن بالرفض هي كل الأطراف الأخرى، وعلى رأسها الدكتور محمود حسين ومن معه، حتى الآن هذا موقفهم.

ومع ذلك، فقد رأينا في قائمة الأسماء شخصيات من الصفوف الأولى في جبهة محمود حسين، ومن الشخصيات الباقية في التصنيف الإرهابي شخصيات محسوبة على الطرف الذي يقبل بالحوار، فكيف إذن يكون هناك لقاء للسيسي مع من قبلوا الحوار، وتخرج القائمة خالية منهم، أو من المقربين منهم، وإن شملت بعض أسماء منهم وهي قليلة، وعشوائية، وكثير منهم انتقل إلى رحمة الله؟!!

لا جديد لدى النظام في الملف إذن، ولأننا نتعامل مع نظام الشخص الواحد الذي بيده كل المقاليد، فالسياسة بقراره وحده، والمعونات لا يتسلمها سواه، ولا يتصرف فيها أيضا سواه، لا يعلم أحد كم دخل البلد وخزانتها من المال، ولا كم خرج، فكذلك نظامها القضائي، حتى القائمة بعد أن خرجت، أعلن أنه بناء على توجيهاته، وهو أمر يؤكد ما بدأنا به مقالنا، وما زلنا مؤمنين به تجاه هذا النظام، أنه قام أقام شرعية حكمه على البطش والاستبداد، ولن يرده عنه سوى ضغط حقيقي فوق طاقته، من الخارج أو الداخل، وكل ما يجري سوى ذلك شكليات، لا تعبر عن تغيير جوهري، أو حقيقي للأسف.

[email protected]
التعليقات (0)