أعرب المرصد الأورومتوسطي عن قلقه البالغ
إزاء استمرار تصاعد حملات قمع التظاهرات والحق في التجمّع السلمي وحرية التعبير في
تونس، في وقت تكرس فيه السلطات في البلاد تجريم هذا الحق عبر عمليات اعتقال ومحاكمات
النشطاء والمتظاهرين.
وأبرز المرصد الأورومتوسطي، في
بيان له
اليوم أرسل نسخة منه إلى
"عربي21"، تزايد حدة المخاوف في تونس بشأن
التضييق المستمر على الحق بالتظاهر، سواء على قضايا نقابية أو سياسية، أو حتى في ما
يتعلق بالحريات العامة.
وأشار في هذا الصدد إلى توقيف السلطات
التونسية "جمال الشريف"، الكاتب العام للاتّحاد المحلّي للسبيخة، على
خلفيّة نشاطه النّقابي. ففي 21 نوفمبر/ تشرين الثاني الجاري، قضت المحكمة بسجن
"الشريف" وثلاثة عمّال من مصنع للأحذية كانوا متواجدين معه خلال تنظيمهم
احتجاجًا داخل المصنع، لمدّة ستة أشهر مع تأجيل التنفيذ في خطوة أثارت مخاوف من
تصعيد محتمل.
وأكّد المرصد الأورومتوسطي أن توقيف
"الشّريف" والحكم بسجنه يعتبر انتهاكًا صارخًا للحق في حرية العمل
النقابي الذي يلازمه الحق في الإضراب، وهو حق نصّ عليه الدستور التّونسي في الفصل
الحادي والأربعين منه، إلى جانب كونه حقا منصوصا عليه في العهد الدولي الخاص بالحقوق
المدنية والسياسية وتحديداً المادّة (22) منه، والذي انضّمت إليه تونس في العام
1969.
وشدد المرصد الأورومتوسطي على أن هذا النّوع
من الانتهاكات يرسّخ سياسة القمع ويتعارض مع التزامات الدّولة التونسيّة
الدّستوريّة والدّوليّة.
وعبّر الأورومتوسطي عن مخاوفه من تصاعد
حملات القمع ضد المتظاهرين والمعارضين والمدافعين عن حقوق الإنسان في تونس منذ
استحواذ رئيس الجمهورية "قيس سعيد" على السلطات في البلاد صيف عام 2022،
والتي تزايدت بشكل مثير للقلق خلال العام الجاري مع اعتقال وتوقيف عدد كبير من
المحامين والصحافيين والنشطاء، ما يشكّل انتهاكًا خطيرًا للحق بحريّة التعبير
والحق بالتّجمّع السلمي.
وعبّر الأورومتوسطي عن تخوفه من اتجاه
السّلطات التونسيّة إلى تجريم هذه الحقوق مع تصاعد التضييق وحملات الاعتقال
والأحكام القضائية ضد ممارسيها.
ودعا المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان، الحكومة التونسيّة إلى ضرورة احترام التزاماتها الدستورية والدولية بحماية الحق
بحريّة التعبير والحق في التجمّع السلمي، والقضاة التونسيين إلى ممارسة دورهم كحماة
للحقوق والحريّات.
وحث على ضرورة الإفراج الفوري وغير المشروط
عن جميع المدافعين عن حقوق الإنسان والمعتقلين الذين يقضون أحكامًا على خلفية
ممارسة الحق في حرية الرأي والتعبير في السجون التونسية، ووقف مسلسل الاعتقالات
التعسفية والملاحقات غير القانونية، وإلغاء كافة التشريعات التي تتعارض مع قواعد
حقوق الإنسان، وبخاصة المرسوم 54/2022 المتعلق بمكافحة الجرائم المتصلة بأنظمة
المعلومات والاتصال، والذي ينتهك الحق في الخصوصية ويقيد الحق في حريّة الرأي
والتعبير ويفرض على هذا الحق عقوبات جنائيّة تعسفية.
ودعا الأورومتوسطي المجتمع الدولي إلى
الدّفع باتجاه احترام السلطات التونسيَّة لحقوق الإنسان والكرامة الإنسانيَّة وحكم
القانون، بالإضافة إلى الضمانات الدستوريَّة التونسيَّة والالتزامات الدوليَّة ذات
الصلة.
وتشهد البلاد منذ فبراير/ شباط 2023 حملة
توقيفات شملت إعلاميين ونشطاء وقضاة ورجال أعمال وسياسيين، بينهم رئيس
"النهضة" راشد الغنوشي، وعدد من قياداتها، منهم علي العريض، ونور الدين
البحيري، وسيد الفرجاني.
واتهم الرئيس قيس سعيد، بعض الموقوفين
بـ"التآمر على أمن الدولة والوقوف وراء أزمات توزيع السلع وارتفاع
الأسعار"، وهي اتهامات تنفي المعارضة صحتها.
وتتهم المعارضة سعيد باستخدام القضاء
لملاحقة الرافضين لإجراءات استثنائية بدأ فرضها في 25 يوليو/ تموز 2021، بينما
يقول سعيد إن منظومة القضاء مستقلة ولا يتدخل في عملها.
ومن بين تلك الإجراءات الاستثنائية حلّ
مجلسي القضاء والبرلمان، وإصدار تشريعات بأوامر رئاسية، وإقرار دستور جديد عبر
استفتاء شعبي، وإجراء انتخابات تشريعية مبكرة.
وتعتبر قوى تونسية هذه الإجراءات
"انقلابا على دستور (2014) الثورة وتكريسا لحكم فردي مطلق"، بينما تراها
قوى أخرى مؤيدة لسعيد "تصحيحا لمسار ثورة 2011"، التي أطاحت بالرئيس
آنذاك زين العابدين بن علي (1987- 2011).
اقرأ أيضا: انتقادات لأحكام قضائية في تونس تخالف التزامات الدولة بحماية حرية التعبير