تملك أجهزة
المخابرات الأمنية العديد من الوسائل لمعرفة المعلومات عن شخصيات أو مؤسسات داخل
حدودها الجغرافية أو خارجها، لترسم من خلال المعلومات خطة طريق في تعاملها مع تلك
الشخصيات أو المؤسسات، ومن تلك الأجهزة ما يعرف بجهاز كشف الكذب.
ومن
أجهزة المخابرات التي تملك ذلك الجهاز، هي أجهزة الأمن الإسرائيلية التي تدعي أنها
تعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور.
وتقوم
فلسفة جهاز كشف الكذب، على إخضاع الشخص المطلوب للفحص لاكتشاف ومعرفة مدى مصداقية
كلامه، فمنهم من يقع في الفخ ومنهم من يفلت منه.
وخلال
مرحلة النضال
الفلسطيني ضد
الاحتلال، كان وما زال العدو يستخدم جهاز كشف الكذب مع
الأسرى، للحصول على اعتراف منهم ومطابقة ما لديه من معلومات مع ما لدى الأسير،
ونجاح الفكرة وفشلها يعتمد على ذكاء الأسير، وما لديه من معرفة سابقة بأساليب
التحقيق وظروف الاعتقال.
قد يقول
قارئ وما علاقة المقدمة بالعنوان؟
معلوم،
أنه منذ بداية الاحتلال والنضال ضده لم يتوقف، والخسائر فيه متعددة الأوجه، لذا
لجأ العدو لإخفاء حجم خسائره ليتفادى معارضة داخلية من جمهوره، وليزرع الإحباط في
صفوف الشعب بأن
المقاومة لا تحقق أي شيء، ولا تقتل أو تصيب أحدا من الجنود، وأن كل
محاولات المقاومين "الإرهابيين" حسب زعمه، هي عبارة عن عمليات "فشنك"؛ يعني عالفاضي.
لكن، ومع تطور تقنيات الإعلام وامتلاك المقاومة لها، لم يعد بإمكان العدو إخفاء خسائره؛
لأن الإعلام المقاوم يوثق العمليات العسكرية في مراحل العملية كافة، منذ
بدء التخطيط وصولا إلى مرحلة التنفيذ، وهذا ظهر جليا في معركة طوفان الأقصى، حيث برز
السهم الأحمر ليوضح المشاهدَ للمُشاهِد، وهذا يمكن تسميته جهاز كشف الكذب الذي
يعمل لصالح المقاومة، ويكشف زيف وكذب العدو الذي يبخس من العمل المقاوم ونتائجه.
لم
يستطع العدو إنكار ما يوثقه السهم الأحمر، فعرف الجمهور الإسرائيلي ضعف وجبن جيشه
الكرتوني، وحجم الكذب والتضليل الذي تمارسه عليه قيادته حول جدوى عمليات الفلسطينيين.
إن
السهم القسامي الأحمر، قد أدى دورا كبيرا في المعركة، حيث رفع معنويات الشعوب
المؤيدة للمقاومة؛ لأنه أشعرهم بصدق المقاومة وكذب جيش الاحتلال، وبأن ثمة رجالا
يعدون العدة ويثخنون في العدو، وبشكل موثق لا يمكن إنكاره.
إن
لجوء المقاومة لتوثيق العمليات لم يكن عبثا، بل هو ذكاء رغم صعوبة الظروف الأمنية،
فالمقاومة تدرك أن الإعلام نصف المعركة؛ لذا اهتمت بهذا الجانب فنجحت نجاحا باهرا.
إن الأثر
الذي زرعه السهم القسامي الأحمر في قلوب الصهاينة، كان يظهر بعد كل فيديو تنشره
المقاومة، حيث نلاحظ اشتداد همجية الجيش تجاه الشعب كنوع من الانتقام، ويصنع حالة إرباك
وفوضى في الساحة الصهيونية الداخلية، حيث ينظم الجمهور الصهيوني مظاهرات مطالبة
بوقف الحرب، ليس حبّا في أهل
غزة، بل حرصا على أبنائهم الجنود، ورغبة في استعادة
الجنود الإسرائيليين الأسرى لدى المقاومة.
ومن
الواجب قوله، بأن المطلوب من الإعلام العربي الرسمي والشعبي وكافة مواقع التواصل
الاجتماعي كافة، العمل على نصرة القضية الفلسطينية باللغات كافة لإيصال الرسالة واستثمار
اليقظة، التي حصلت في الغرب على المستويين الشعبي والرسمي، حتى لا تذهب تضحيات أهل
غزة هباء منثورا، ولمن لم يرغب بأن يقول خيرا فليصمت، هو أضعف الإيمان.