كشف تحقيق صحفي عن تورط شبكة تجسس تتخذ من
هولندا مقرا لأنشطتها في استدراج المعارضين للنظام السوري المخلوع، ما أدى إلى مقتل الناشط
مازن حمادة بعد استدراجه للعودة إلى سوريا.
وأوضح التحقيق الذي نشره موقع "
أليكس نيوز " الهولندي، أن شبكة التجسس كان يقودها شخص يُدعى "ماجد أ."، الذي تظاهر باللجوء إلى هولندا عام 2014، واستخدم متجرًا للأثاث في مدينة آيندهوفن كواجهة لعملياته التجسسية.
وكشف التحقيق أن ماجد تلقى ما يقارب الـ800 ألف يورو خلال ثلاث سنوات نظير خدماته المقدمة للمخابرات السورية، مشيرا إلى أنه تعاون مع مسؤولين سوريين آخرين، أبرزهم محمد السموري، الملحق بالاستخبارات السورية في بروكسل.
وأفادت الوثائق بأن السموري لعب دورا رئيسيا في إصدار جواز سفر مزور لمازن حمادة تحت اسم مستعار، ما ساعد في استدراجه للعودة إلى سوريا في عام 2020.
وأضاف التحقيق أن الفيلا الفاخرة التي كان يسكنها “ماجد أ.” في منطقة Maarssen-Dorp الهولندية كانت تُستخدم مقرا لاجتماعاته. وشهدت الفيلا في شباط/ فبراير عام 2020 آخر لقاء لمازن حمادة قبل مغادرته هولندا.
اظهار أخبار متعلقة
وأكد مصدر أمني منشق أن “ماجد أ.” كان مقاولا أمنيا مرفوضا سابقا من قبل المخابرات السورية بسبب سجله الجنائي، لكنه استغل موجة لجوء السوريين إلى أوروبا لتقديم خدماته للنظام.
وكشف المصدر أن "ماجد" كان مكلفا باستدراج المعارضين البارزين تحت ذرائع كاذبة، مثل تحقيق المصالحة وتأمين عودتهم الآمنة.
وفي سياق التحقيق، أفاد أحمد الأشقر، وهو معارض سوري مقيم في هولندا، بأنه كان على تواصل مع أحد المنشقين من الداخل السوري الذي أكد دور "ماجد أ." في هذه العمليات.
وأوضح الأشقر أن "ماجد" عمل على إقناع معارضين آخرين، لكنهم رفضوا عروضه المشبوهة، على عكس مازن حمادة، الذي وقع ضحية لهذه اللعبة.
ولفت الأشقر إلى أن الشبكة تستخدم عقودا سرية تتضمن بنودا تنص على “العثور على الضحايا”، مع تعويضات مالية في المقبل تصل إلى 7000 يورو شهريا.
أثار هذا التحقيق تساؤلات حول فعالية الرقابة على شبكات التجسس الأجنبية في أوروبا، ودور السلطات الهولندية في تتبع مصادر الأموال التي استخدمتها الشبكة. ودعا نشطاء حقوقيون إلى اتخاذ إجراءات صارمة ضد الأفراد المتورطين، وتقديمهم للمحاكمة لضمان عدم تكرار هذه الجرائم.
واختتمت شقيقة مازن حمادة، لمياء، في حديثها مع وسيلة إعلامية في سوريا، بأن "هذه الشبكة لم تستهدف مازن فقط، بل كانت تهدد عائلتنا بالكامل.
النظام السوري لا يتوانى عن استخدام أي وسيلة لإسكات أصوات معارضيه".
اظهار أخبار متعلقة
وفي كانون الأول/ ديسمبر الماضي، عُثر على جثة مازن حمادة في مستشفى حرستا بريف دمشق وسط عشرات الجثث التي يُعتقد أنها نُقلت من سجن صيدنايا سيئ السمعة، وذلك بعد سقوط النظام وتحرير المعتقلين في السجون التي وصف كثير منها بأنها عبارة عن "مسالخ بشرية".
اشتهر مازن حمادة، الذي كان يُفترض أن يبلغ 47 عاما، بمعارضته لنظام
بشار الأسد منذ انطلاق الثورة السورية عام 2011. وكان حمادة قد اعتُقل مرات عديدة وتعرض للتعذيب الوحشي قبل أن يغادر سوريا لاجئًا إلى أوروبا، حيث عاش في هولندا ونشط هناك لكشف جرائم النظام السوري.
في شباط/ فبراير عام 2020، اختفى حمادة ثم ظهر لاحقا في دمشق وسط ظروف غامضة. ووفقًا لتقرير نشرته "واشنطن بوست" عام 2021، فإن حمادة أبلغ أصدقاءه بأنه يشعر بخيبة أمل من عدم اكتراث العالم بجرائم النظام السوري، وكان مصمما على العودة رغم التحذيرات التي تلقاها من عائلته وأصدقائه.