كتاب عربي 21

الإخوان عائدون.. أم جمال مبارك؟!

سليم عزوز
"ماذا عن جمال مبارك وشقيقه الأكبر؟!"- إكس
"ماذا عن جمال مبارك وشقيقه الأكبر؟!"- إكس
لا نعرف كم تحتاج سلطة الأمر الواقع في مصر من الوقت لتعلن أنها طوت ملف جماعة الإخوان المسلمين!

في الأيام القليلة الماضية، شاهدنا حملة إبادة إعلامية ضد الإخوان، لم تبدأ بالفنان يحيى الفخراني، ولم تنته بهجوم الرئيس السابق لحزب الوفد السيد البدوي شحاته، والوزير السابق منير فخري عبد النور، عبر فضائية "صدى البلد"، وإن كان قول الفخراني أعلنه في مجلس الشيوخ، وعضويته فيه بالتعيين، تماما كما تعيين السيدة حرمه في مجلس النواب، لتحقيق تكافؤ الفرص بين أفراد الأسرة الواحدة!

عندي معلومة، من قبل نجاح الثورة السورية وهروب بشار الأسد، أن توجيها صدر بفتح المجال لشخصيات بعينها للحديث في القنوات التلفزيونية، وتجاوز مرحلة الإغلاق التام، وبدون العودة إلى القائم على الاتصال للاستئذان، أو عرض محاور المقابلة، وذلك في محاولة للتعامل مع الغضب الشعبي المتنامي، وإن وقع التنفيذ بعد الثورة السورية، فبدا كما لو كانت هذه الانفراجة النسبية هي من إفراز حالة القلق مما جرى في سوريا!

إن توجيها صدر بفتح المجال لشخصيات بعينها للحديث في القنوات التلفزيونية، وتجاوز مرحلة الإغلاق التام، وبدون العودة إلى القائم على الاتصال للاستئذان، أو عرض محاور المقابلة، وذلك في محاولة للتعامل مع الغضب الشعبي المتنامي، وإن وقع التنفيذ بعد الثورة السورية، فبدا كما لو كانت هذه الانفراجة النسبية هي من إفراز حالة القلق مما جرى في سوريا

بطبيعة الحال، فإن الشخصيات التي يقع عليها الاختيار لن تكون محسوبة على المعارضة الجادة، ولكن من دولاب السلطة، وشاهدنا إلى الآن شخصيات مثل حسام بدراوي، وفريد زهران، والسيد البدوي شحاتة، ومنير فخري عبد النور، وربما آخرين، فهي شخصيات مستأنسة أصلا، ولن تذهب بعيدا حتى وإن لم يتم الاتفاق معها على ذلك، لإدراكهم أنهم مجرد ممثلين على المسرح السياسي!

تطلعات بدراوي السياسية:

لدى حسام بدراوي تطلعات أن يكون رئيسا في يوم من الأيام، لذا فإنه يحافظ على تماسك خطابه من حيث الشكل، وفي الوقت ذاته هو ليس بالشخصية الصدامية، وربما يقوم طموحه على أن يقع الاختيار عليه من جانب الجيش لتمثيل دور الرئيس، إذا اضطرتهم الظروف للدفع بشخصية مدنية، وهو يضمن أن الحزب الوطني كله سيصطف خلفه. ولا يسرف كذلك في الهجوم على الإخوان، فمن لا تحتاج وجهه اليوم، غدا قد تحتاج لقفاه!

ويبدو أن نجاح الثورة السورية، وما أصاب أهل الحكم في مصر من هلع واضح، غير من طبيعة هذه الاستدعاءات لقوات الاحتياط، فصار شغلها الشاغل هو الهجوم على الإخوان، وباعتبارهم البديل المحتمل، وربما لديهم تصور أن الغرب، والإقليم، على ذات القناعة القديمة بأن البديل هم الإخوان، ولم ينتبهوا إلى أن هناك جديدا ينافس ممثلا في نجل الرئيس السابق، والخارج يدرك هذا جيدا!

وظني أن هذا الإدراك وصل لأهل الحكم، فكان القرار في احتواء رجاله في مجالات مختلفة، وشاهدنا ظهور أحمد عز، أي أن الجديد هو الاعتماد على أمانة السياسات دون الأمين العام لهذه اللجنة، ولا ينتبه القوم إلى أن رجال جمال مبارك كانوا جزءا من أزمته، لأنهم مثلوا استفزازا للرأي العام، ومن يقبل جمال الآن لن يقبل بجانبه أحمد عز!

الذي يعنيني بشكل كبير هو تزوير التاريخ القريب، عندما يستغل السيد البدوي شحاتة هذا الاستدعاء في إثبات خصومته مع الإخوان، وقد جاء لمنزله (هكذا) محمد مرسي وسعد الكتاتني لطلب التحالف معه على أن يحصل الوفد على 40 في المئة من مقاعد مجلس الشعب، ويحصلون هم على 50 في المئة، وتوزع الـ10 في المئة على الأحزاب الصغيرة!

إنه يزور التاريخ في حياتنا، مستغلا أن معظم الذين تخطوا الرقاب ويتصدرون المشهد الآن هم مواليد ما بعد حزيران/ يونيو 2013!

الوفد يخرق السفينة:

بعيدا عن النسب التي تذكر لأول مرة، فإن فكرة البحث عن التحالف تنصف الإخوان، وفضلا عن ذلك فلم يكن هذا التحالف سرا، ولم ينفض بعد جلسة واحدة في منزل البدوي شحاتة (البديل لبيت الأمة)، فالاجتماعات عقدت في مقر حزب الوفد، وفي اللقاء الأخير تم الإعلان عن فض التحالف في مؤتمر صحفي بالوفد، وفي حضور قيادات جماعة الإخوان، وحرص كلا الطرفين على عدم قول الحقيقة، فقد غلبت المجاملات على المتحدثين، وما جرى في الاجتماع الأخير لم يعلن حتى الآن!

وقد اعتبرت أن ما جرى هو إفساد لفكرة كنت أعلق عليها آمالا عريضة، فقد كتبت مقالي: "الوفد يخرق السفينة"، وللحرص على عدم إساءة أي طرف للآخر تم إخفاء سبب الخلاف!

سألت أطرافا في الإخوان فقالوا إن السبب يرجع إلى أن الوفد يصر على ترشيح فلول الحزب الوطني، الأمر الذي رفضه الإخوان، لكن تجربة الانتخابات تنسف ذلك، فلم يكن هناك مرشحون على قوائم الوفد من الفلول؛ ربما واحد أو اثنان!

وقيل لي، ما أعتقد أنه أقرب للصواب، أن الوفد اشترط للاستمرار في التحالف خوض الانتخابات باسم الحزب، بالنظر إلى عراقة تاريخه، فلا يجوز أن يدخل مرشحوه على قوائم حزب وليد هو "الحرية والعدالة"، ومن جانبهم فإن الإخوان الذين خاضوا انتخابات البرلمان في سنة 1984 على قوائم الوفد، يريدون الآن أن يقدموا حزبهم الجديد في مرحلة البناء وتعريف الناس به، والتخلص من عقد الماضي، ففي عام 1987 خاضوا الانتخابات على قوائم حزب العمل!

وإذا صح هذا، فهي أنانية من الطرفين، لأن النموذج المنافس حل الإشكال بين القديم (حزب التجمع الوطني التقدمي الوحدوي) والجديد ممثلا في حزب نجيب ساويرس (المصريون الأحرار) بأن خاضوا الانتخابات باسم جامع، هو "تحالف الكتلة" وليس باسم حزب بعينه، وكان ساويرس يستطيع بأمواله أن يفرض اسم حزبه، لكنه لم يفعل، وكان يمكن لتحالف الوفد والإخوان والأحزاب الصغيرة الأخرى خوض الانتخابات باسم "التحالف الوطني"، لكن بدا الانفصال رغبة الطرفين!

ومهما يكن الأمر، فإن هذا التزوير للحاضر، أمر مقلق للغاية، فماذا ننتظر من التاريخ، وكل ما يشغل السيد البدوي أن يلفت الانتباه إلى أنه كان مطلوبا للقرب من الإخوان، لكنه كان يؤثر البعد عنهم فيأتون لمنزله، ويرفض هو طلبهم!

قصة منير فخري:
يبدو أن نجاح الثورة السورية، وما أصاب أهل الحكم في مصر من هلع واضح، غير من طبيعة هذه الاستدعاءات لقوات الاحتياط، فصار شغلها الشاغل هو الهجوم على الإخوان، وباعتبارهم البديل المحتمل، وربما لديهم تصور أن الغرب، والإقليم، على ذات القناعة القديمة بأن البديل هم الإخوان، ولم ينتبهوا إلى أن هناك جديدا ينافس ممثلا في نجل الرئيس السابق، والخارج يدرك هذا جيدا! وظني أن هذا الإدراك وصل لأهل الحكم، فكان القرار في احتواء رجاله في مجالات مختلفة

ولأن الزفة منصوبة، والغاوي ينقط بطاقيته كما تقول الشحرورة، فإن منير فخري عبد النور، يروي أن السفيرة الأمريكية عرضت عليه أن يكون نائبا لرئيس الجمهورية، ليضرب أكثر من عصفور بحجر!

فعرض السفيرة كان هو أن يصنع سياقا مزيفا عن أن الأمريكان هم من يديرون محمد مرسي، وقد قال إن مرسي اعتقد أن الولايات المتحدة الأمريكية ستحميه، وكأن الحكم العسكري جاء على غير إرادة أمريكا، وكأن المجلس العسكري الذي عينه وزيرا كان يقف على خط النار في مواجهة البيت الأبيض!

الحقيقة أن الأمريكان عرضوا على الرئيس محمد مرسي أن يستعين باثنين؛ الأول هو عمرو موسى والثاني هو البرادعي، وأن الألمان اقترحوا عليه أن يستعين باثنين؛ الأول هو البرادعي والثاني عمرو موسى، ولم يأخذ بهذا الاقتراح أو ذاك، وظني أن هذا كان خطأ كبيرا، وليس هذا هو الموضوع!

فلم نسمع في أي مرحلة أن أحدا عرض على منير فخري عبد النور هذا المنصب، فلماذا أفصح عن ذلك بعد أحد عشر عاما؟!

وكيف يرفض منصب نائب رئيس الجمهورية، وقد كان "عبده مشتاق" فقبل منصب الوزير، ولم يكن له من صلاحيات الوزير إلا الموقع! وسألت حينئذ عنه، فقيل لي إنه لا يستطيع أن يوقع ورقة إلا بعد العرض على المشرف على الوزارة من المجلس العسكري!

قلت: إنه وكيل وزارة إذا؟!

وقالوا: أقل قليلا!

وهو الذي فصله د. نعمان جمعة من عضوية حزب الوفد (المعارض)، فخرج يفصح عن رغبته في الانضمام لأمانة السياسات برئاسة جمال مبارك، لكن الأمانة لم تلق له بالا، وتركته في العراء السياسي إلى أن قامت الثورة، فلم يجدوا أضعف منه لاختياره وزيرا للسياحة، وفي النهاية هو محسوب على عائلة مسيحية عريقة هي عائلة "عبد النور"، لكن شتان بين الرعيل الوطني الأول من العائلة، وبين هذه الشتلة الباحثة عن أي تربة!

سألت عن سابق معرفة للمشير محمد حسين طنطاوي بالوزير السابق عصام شرف ليختاره رئيسا للحكومة، فقالوا: لقد علم أنه عندما أقاله مبارك أغلق بابه على نفسه باكيا لمدة أسبوع، وتم التوسل أسريا بالأصدقاء لإخراجه من هذه الحالة!

ومن هنا يتم اختيار منير فخري عبد النور وزيرا لأنه كان يبحث عن أي موقع ولو في لجنة السياسيات، ويتم اختيار عصام شرف لأنه رجل ضعيف، ليأتي أبو النور الآن ليقول إنه عرض عليه منصب نائب رئيس الجمهورية بترشيح من السفيرة الأمريكية.. فماذا يريد الآن بالضبط؟! بل ماذا يريدون بالضبط من العودة إلى أسطوانة الإخوان، هل التخويف من البديل بعد نجاح الثورة السورية؟ وهل الإخوان لا يزالون إلى الآن بديلا محتملا؟!

ماذا عن سامي عنان؟.. وماذا عن أحمد شفيق؟.. وماذا عن عمرو موسى؟! كبروا في السن؟! ليسوا أكبر سنا من بايدن وترامب! بل وماذا عن جمال مبارك وشقيقه الأكبر؟!

متى يتوقف هذا العزف؟!

x.com/selimazouz1
التعليقات (0)

خبر عاجل