أغلقت جوامع الطائفة السنية في العاصمة
العراقية بغداد أبوابها، بعد أداء صلاة الجمعة، وذلك استجابة لقرار "المجمع الفقهي العراقي لكبار العلماء والدعوة والافتاء" بإغلاق جميع
مساجد بغداد حتى إشعار آخر؛ احتجاجاً على اغتيال أحد الخطباء
السنة.
واغتيل قاسم المشهداني، أحد قادة الحراك الشعبي المناهض لحكومة نوري المالكي، وعضو رابطة أئمة وخطباء بغداد، على مقربة من أحد الحواجز الأمنية.
وفي بيان نشره موقع المجمع الفقهي (أعلى مرجعية دينية للسنّة في العراق) على الإنترنت، قال الناطق باسم المجمع عدنان العاني ساخراً: "دولة القانون (ائتلاف دولة القانون بزعامة المالكي) تمارس يومياً خروقات للقانون، برفضها الاستجابة للمطالب المشروعة العادلة التي خرج لأجلها المعتصمون، بل وفسح المجال لميليشات حليفة (لم يسمها) لتصفية رموز أهل السنة وقادة الحراك"، في إشارة إلى اغتيال المشهداني، مساء الثلاثاء، من قبل مسلحين هاجموا سيارته في منطقة الغزالية، غربي بغداد.
واتهم قياديون في الحراك الشعبي المناهض للمالكي ما أسموها بـ"الميليشيات الطائفية" والحكومة العراقية بالمسؤولية عن اغتيال المشهداني، خاصة أن عملية الاغتيال جرت على مقربة من حاجز أمني.
وأكد العاني أن المجمع "تحمّل المسؤولية الشرعية جراء إغلاق المساجد؛ احتجاجاً على استهدافها واستهداف أئمتها وروادها؛ وذلك من بعد صلاة الجمعة وحتى إشعار آخر".
وفي خطبة الجمعة، قال خطيب جامع "العساف" في مدينة الأعظمية شمالي بغداد، سعد الجومرد، إن المجمع الفقهي هو المرجعية لأهل السنة وخلص قراره إلى إغلاق المساجد في بغداد، والجميع يطبّق هذا القرار "احتجاجا على مقتل الائمة ورجال الدين السنة وممارسة سياسة التطهير الطائفي ضد أهل السنة في بغداد وباقي المحافظات"، الأمر الذي دفع أهالي بغداد للتوجه إلى مجمع الفقهي من أجل "حماية أنفسهم من الأيادي الغادرة التي تطالهم"، على حد قوله في خطبة صلاة الجمعة اليوم.
من جانبها، حمّلت "رابطة أئمة وخطباء جامع الحديثي" بالغزالية غربي بغداد، الحكومة العراقية المسئولية عن اغتيال المشهداني، وهو إمام وخطيب جامع الحديثي.
واتهمت "الرابطة" في بيان "ميليشيات طائفية" بالوقوف وراء الهجوم، وقالت: "هناك ميليشيات تريد إسكات الصوت الذي يدافع عن حقوق السنة في العراق تحت غطاء أمني، وإن رابطة الغزالية تحمل الأجهزة الأمنية في المنطقة المسئولية الكاملة لاغتيال المشهداني وتطالب بالتحقيق العادل وإنزال القصاص بمرتكبي الجريمة التي تستهدف إبادة قادة الحراك الشعبي والرموز السنية".
ودعت "الرابطة" الحكومة العراقية إلى "الكف عن السكوت عن هذه
الاغتيالات، والعمل من أجل حماية علماء ومشايخ السنة في العراق".
وكشفت "الرابطة" أن قادة الحراك الشعبي السني في العراق، أطلق بناء على سلسلة الاغتيالات الأخيرة التي طالت علماء السنة حملة باسم "حماية علماء أهل السنة في العراق"، وتتضمن: تشكيل فرق حماية شعبية للعلماء والرموز الدينية من السنة، بتجنيد مجموعات من الشباب تتناوب على حماية الشيوخ داخل المسجد وخارجه.
إلى ذلك، استنكر سياسيون عراقيون مقتل المشهداني بنيران "الميليشيات الطائفية"، داعين الحكومة لتوفير "الحماية الحقيقية" للعماء، وعقد جلسة طارئة حول استهداف السنة في العراق. ومن بين الذين استنكروا الحادث، رئيس البرمان العراقي أسامة النجيفي، حيث وصفه بـ"الإجرامي".
ومنذ كانون الأول/ ديسمبر 2012، تشهد ست محافظات عراقية (الأنبار، صلاح الدين، كركوك، ديالى، الموصل، بغداد) تظاهرات وحركة اعتصامات مناهضة لسياسات نوري المالكي، تتهمه بـ"المسؤولية عن انتهاكات تحصل تجاه معتقلين من أتباع المذهب السني في سجون الحكومة"، و"التضييق على الكتل والجماعات السنية"، وهو ما تنفيه الحكومة، التي تتهم بعض المتظاهرين بالسعي لإحداث "فتنة طائفية".
ويشهد العراق تصعيدا في أعمال العنف خلال الأشهر الماضية، تشمل تفجيرات بسيارات مفخخة، وعبوات ناسفة، إضافة إلى عمليات اغتيال، عادة لا تعلن جهة مسؤوليتها عنها، فيما تشير السلطات بأصابع الاتهام إلى عناصر "إرهابية" مسلحة، وفي مقدمتها تنظيم القاعدة.