يعد
برج ساعة "بيج بن" المشيد فوق جبل "البنجسار" المطل على خليج
عدن، جنوب
اليمن، من أبرز المعالم التاريخية، ويشبه برج الساعة الشهير الموجود في العاصمة البريطانية لندن.
وشيدت
بريطانيا التي احتلت جنوب اليمن عام 1839 وبقيت هناك حتى عام 1967، عدداً من المعالم الشبيهة بالمعالم البريطانية ومنها ساعة "
بيغ بن" وتمثال للملكة فيكتوريا.
وانتهى المهندسون الإنجليز من بناء البرج عام 1890، مستخدمين الأحجار السوداء ومادة الإسمنت، وأطلق الإنجليز على الساعة التي كانت حينها ثاني أكبر ساعة في العالم بعد ساعة جوهانسبيرج في جنوب أفريقيا (1870) اسم "بيغ بن العرب"، أو بيغ بن الشرق".
وتشير كلمة "البنجسار" للمنطقة التي كان يسكنها عمال النظافة الهنود، وهي تشير إلى الحي الذي تطل عليه الساعة من جهة البحر وتسمى باسمه، وحسب بعض المصادر فإنها تتألف من كلمتين هنديتين هما "بنجي" وتعني عمال النظافة، وسار أو سير ومعناها سيد.
ويأخذ برج الساعة شكلا مستطيلا يشبه الصاروخ وله سقف أشبه بمثلث متساوي الأضلاع، ومبني بالطوب الأحمر، وينتهي في شكل هرم.
ويبلغ ارتفاع البرج 22 مترا، بينما يصل قطره مترا واحدا من الجهات الأربع، وعرضه 1,5 متر، ويوجد بداخله سلالم حديدية تمكن الزائر من الإطلالة على البحر والمناطق الحيوية والتاريخية بمنطقة "التواهي"، الواقعة جنوب غرب عدن والتي أنشأها البريطانيون كمنطقة إدارية تزامنت مع إعلان عدن منطقة حرة في عام 1850.
وبالقرب من "بيغ بن عدن"، وعلى وقع دقاتها أقامت الملكة البريطانية "اليزابيث الثانية" نحو ستين يوما منتصف العام 1954، حيث مكثت بفندق "كريسنت"، الذي أنشئ سنة 1930، وكانت تسمع في مقر إقامتها دقات الساعة المطلة عليه.
وافتتحت الملكة البريطانية خلال فترة إقامتها بعدن العديد من المشاريع أهمها مستشفى الملكة الذي أعيدت تسميته بعد الاستقلال ليصبح مستشفى الجمهورية التعليمي.
ومازال جهاز الاتصال الذي جلبته الملكة معها لتستخدمه في اتصالاتها، موجوداً إلى جانب جهاز الراديو الذي ما يزال يعمل حتى الآن، وعبر جهاز الاتصال الذي كان الأول من نوعه الذي يدخل إلى مدينة عدن، تابعت الملكة أخبار بلادها وكل مستعمراتها في الشرق والغرب.
وتتحدث مصادر تاريخية في عدن أن الساعة كان لها حراس يقومون بتحريك عقاربها كل ستين دقيقة، وبعد انقضاء الساعة تصدر رنة قوية يسمع صوتها في المناطق القريبة، لكنها توقفت لأول مرة بعد الثورة ضد الاستعمار الانجليزي منتصف ستينيات القرن العشرين.
وعادت الساعة للعمل بجهود حكومية سنة 1983، لتتوقف بعد ثلاث سنين إبان نشوب المواجهات الدامية بين الفصائل المشاركة في الحكم فيما عرف بـ"أحداث كانون ثاني/ يناير 1986".
وفي حزيران/ يونيو 2002، واحتفاء بالذكرى الـ50 لتولي الملكة اليزابيث الثانية الحكم، زار مسؤول بريطاني الساعة، ومعه فريق من المهندسين البريطانيين الذين قاموا بإصلاحها بعد أن ظلت متوقفة عن العمل نحو ربع قرن.
وعادت عقارب الساعة للعمل في شباط/ فبراير 2012، بعد جهود بذلتها السلطة المحلية في متابعة السفارة البريطانية، خاصة المدير العام السابق لمديرية التواهي محمد جباري، وحسب مساعده عبدالخالق علي، فإن الحكومة البريطانية تولت إصلاح الساعة لتعود للعمل بداية العام الماضي.
وتكلّفت الحكومة البريطانية نحو 20 ألف دولار، بإشراف مهندسين بريطانيين مختصين لإصلاح الساعة.
إلّا أن فترة عمل الساعة لم تدم طويلا، حيث قام مخربون بتخريبها من جديد، في أعمال تخريب طالت الساعة من طرف مجهولين منتصف العام الماضي.