ألقت ما باتت تعرف بـ"حادثة الجامعة
اليسوعية" بمزيد من التوتر على المشهد السياسي
في لبنان، مفاقمة من الاحتقان الطائفي والمذهبي في البلاد، ولكن هذه المرة اتخذت بعدا شيعيا- مسيحيا، في ظل احتقان سني- شيعي متصاعد، على خلفية انخراط
حزب الله وحلفائه في القتال إلى جانب النظام السوري ضد المعارضة، وتباين مواقف القوى السياسية من ذلك.
وحلّ ناشطو حزبي
الكتائب والقوات اللبنانية مكان ناشطي تيار المستقبل هذه المرة في مواجهة ناشطي حزب الله وحركة أمل والحزب السوري القومي الاجتماعي، حلفاء النظام السوري وإيران في لبنان
ساحة المواجهة هي "الجامعة اليسوعية" في منطقة الأشرفية ذات الأغلبية المسيحية ببيروت.
توتر لم يرتق لمستوى اشبتاكات، ولكنه كشف عن احتقان كامن في النفوس، وذلك عقب الإعلان عن خسارة كتلة قوى الثامن من آذار في الانتخابات الطلابية، لحساب قوى الرابع عشر من آذار في جامعة يقول معارضو حزب الله إنها جامعة مسيحية تاريخيا، حيث يسعى الحزب وحلفاؤه إلى ترسيخ وجودهم فيها كما هو الحال في باقي الجامعات.
وبينما أكدت رواية حزب الله أن ما جرى هو اعتصام سلمي للطلبة جرى الاعتداء عليه، تفيد رواية ناشطي الكتائب والقوات أن طلبة من الحزب وحلفائه تجمعوا داخل وخارج الجامعة مطلقين شعارات وشتائم بحق رموز الكتائب، وذلك بعد أن عمد طلبة من القوات والكتائب إلى إزالة شعارات خطها عناصر من الحزب السوري القومي الاجتماعي تحيي فيها "حبيب الشرتوني" المتهم باغتيال الرئيس اللبناني الأسبق بشير الجميل.
وبعد أن اقترب التلاسن بين الطلبة إلى حافة الاشتباك بالايدي، تدخلت قوات من الجيش اللبناني للفصل بين الطرفين، دون أن ينجح في تخفيف حدة التوتر الذي تحول إلى تشاحن طائفي مسيحي – شيعي، وجد طريقه إلى صفحات التواصل الاجتماعي ووسائل الإعلام المحسوبة على كل طرف.
اتهامات متبادلة
فريق الرابع عشر من آذار سارع إلى اتهام حزب الله وحلفائه بمواصلة "سياسته في الهيمنة على مؤسسات ومرافق الدولة، وفي مقدمتها الجامعات مستخدما قوة السلاح والتهديد"، حيث وصف النائب سامي الجميل في تصريحات صحفية ما حصل بأنّه "محطة جديدة لمسلسل استفزاز حزب الله
للبنانيين بشكل دائم"، مهاجما حزب الله بالقول: "لماذا تزرعون الكره في نفوس مناصريكم؟ ما دخلكم ببشير وحبيب الشرتوني؟ من أين أتيتم بهذا الحقد وإلى أين تجرون البلد؟".
حزب الله بدوره، وعلى لسان النائب حسن فضل الله، سعى إلى تبسيط ما جرى واعتبره في خانة "مشاحنات تحصل أينما كان"، معتبرا أن الطرف الآخر هو من سعى إلى تحريض الطلبة على بعضهم. وأضاف في مؤتمر صحفي للتعليق على الحدث: "سمعنا خطابا تجييشيا وتحريضيا ورأينا خوض معارك وهمية في شأن موضوع بسيط حصل (..) العمل السياسي توقف بالأمس وأصبح الإشكال الشغل الشاغل للبعض بسبب إفلاسهم السياسي".
غياب الدولة
ورغم أن الحدث انتهى في مكانه، حذر سياسيون من أن مثل هذه الأحداث يمكن أن تتحول إلى شرارة لأحداث أمنية، لا سيما في ظل الانقسامات السياسية جراء المواقف المتباينة من الملفات
الداخلية والإقليمية، وفي مقدمتها الموقف من الأزمة السورية، وهو ما يشدد عليه المسؤول السياسي للجماعة الإسلامية في
بيروت ربيع دندشلي، الذي أكد أن حادثة الجامعة اليسوعية تأتي في إطار "غياب الدولة".
ويؤكد دندشلي في حديث لـ"عربي21" أن الجامعات "هي في الأصل مكان للديموقراطية والحوار
والتلاقي، ومهمتها نقل هذه الروح إلى المجتمع الفاسد بسبب السياسي، لكن ما يحصل في لبنان هو العكس، في ظل إصرار بعض الفرقاء على اعتماد منطق فرض الأمر الواقع بقوة السلاح".
وفي إشارة إلى حزب الله وحركة أمل والحزب السوري القومي الاجتماعي، يضيف دندشلي أن مشاركة بعض الفرقاء السياسيين في الأزمة السورية لصالح طرف ضد طرف، فاقم من مستوى الاحتقان الطائفي الموجود أصلا، "لكن الخشية أن يتحول هذا الأمر إلى ردود أفعال لدى أطراف أخرى رفضا لهذه المواقف، كما حصل في تفجيري السفارة
الإيرانية وتفجيرات الضاحية الجنوبية".
ويبدي المسوؤل في الجماعة الإسلامية خشيته من أن "ترتقي حالة الاحتقان الطائفي والمذهبي الموجودة في الشارع إلى عدوى تنتقل من طرف إلى أطراف أخرى تعيدنا إلى كانتونات الحرب الاهلية".