أنتج مركز العمل التنموي (معا) مؤخرا، بالشراكة مع مؤسسة "هينريش بل" الألمانية وتنفيذ تلفزيون "وطن"، فيلما وثائقيا يكشف خلفية الكارثة الإنسانية-البيئية الناتجة عن شح الكهرباء في قطاع غزة والناتج عن الهبوط الهائل في تزويد الكهرباء، بسبب الحصار الإسرائيلي على قطع الغيار، والوقود اللازم لتشغيل محطة توليد الطاقة التي هبط إنتاجها إلى أقل من الربع بالمقارنة مع أوائل عام 2006.
ويذكر أن الطائرات الحربية الإسرائيلية قصفت المحطة في ذات العام، كما أن نقص التمويل لشراء الوقود اللازم لتشغيل المحطة فاقم الأزمة، ونتيجة ذلك، يعاني أكثر من 1.7 مليون فلسطيني في قطاع غزة من انقطاعات يومية في الكهرباء تتراوح بين 10-12 ساعة، وبخاصة أثناء الليل؛ ما أدى إلى انتشار عشرات آلاف مولدات الكهرباء التي تعمل على البنزين في مختلف أنحاء قطاع غزة، وينبعث منها غازات سامة ملوثة للهواء وروائح كريهة وضجيج خطير.
ويبين الفيلم أنه منذ عام 2010، ونتيجة استعمال المولدات في المنازل، أصيب مئات الأفراد وتوفي العشرات، بمن فيهم الأطفال في قطاع غزة؛ وذلك بسبب الحرائق والانفجارات والصدمات الكهربائية واستنشاق غاز أول أكسيد الكربون السام الناتج عن الاحتراق غير المكتمل للبنزين الذي يشغل المولدات؛ إضافة إلى تفاقم الكثير من الأمراض، مثل ارتفاع ضغط الدم وأمراض القلب والربو والسرطان والتوتر العصبي والصداع الحاد ومشاكل التنفس والأرق والسعال والحساسية والحكة والضبابية في الرؤية وفقدان التوازن والأمراض الجلدية والضعف في السمع.
ويوضح الفيلم كيف أن المولدات تتسبب في مستوى تلوث ضوضائي مرتفع، بسبب تجاوز مستوى الضجيج لـِ 100 "ديسيبل"، علما بأن المستوى الطبيعي للضجيج هو 40-50 "ديسيبل" حسب منظمة الصحة العالمية. والتعرض المتواصل لمستوى أعلى من 80 "ديسيبل" قد يتلف حاسة السمع، أو قد يؤدي إلى الطرش المؤقت والتوتر العصبي المزمن والصداع وفقدان التركيز والأرق وغير ذلك.
ويعرض الفيلم أيضا بعض التجارب الناجحة في قطاع غزة والمتمثلة ببدائل بيئية وصحية نظيفة، تحل مكان المولدات والكهرباء الأحفورية الملوِّثة، وذلك من خلال توليد الكهرباء من الطاقة الشمسية أو من أمواج بحر غزة.
وبالتالي، فإن الآفاق المستقبلية لهذا التوجه الطاقوي النوعي، تعد باتجاه نحو التحرر من التبعية لكهرباء ووقود الاحتلال الإسرائيلي وعدم الاستسلام للحصار التجويعي الوحشي المفروض على غزة.