وثقت وحدة متخصصة 66 حالة لشلل الأطفال في المناطق "المحررة" في
سورية، غالبيتها في دير الزور، في حين لم تقم
منظمة الصحة العالمية أو
اليونيسيف بتزويد المناطق السورية المتضررة باللقاحات ضد المرض الذي يمكن أن يهدد ملايين الأطفال في سورية والدول المحيطة بها.
وقال برنامج الإنذار والاستجابة المبكرة للأوبئة التابع لوحدة تنسيق الدعم في الائتلاف الوطني السوري إنه رصد 66 حالة رخود حاد (شلل أطفال) تأكدت منها 5 حالات مخبريا حتى الآن. وتعتبر محافظة دير الزور المتضرر الأكبر، حيث بلغت عدد الحالات فيها 52 حالة، فيما توزت باقي الحالات على محافظات إدلب وحلب وحماة والحسكة والرقة.
وكان اسم سورية قد أدرج رسميا من قبل منظمة الصحة العالمية عام 1998 على قائمة الدول الخالية من مرض شلل الأطفال.
وتعتقد منظمة الصحة العالمية أن الفيروس ربما يكون قد انتقل من باكستان، وهي إحدى دول ثلاث التي لا تزال ضمن الدول الموبوءة بهذا المرض.
وكانت الأمم المتحدة قد أعلنت مرارا أن النظام السوري يقيّد حركة المنظمات الدولية وقوافل الإمدادات الغذائية والطبية إلى المناطق التي لا تخضع لسيطرة قواته بما فيها تلك المحاصرة، في حين ترفض الأمم المتحدة والصليب الأحمر الدخول إلى المناطق "المحررة" التي تخضع لسيطرة الثوار عبر المنافذ الحدودية مع تركيا، غير الخاضعة لسيطرة النظام السوري، وتصر على ان الوصول لهذه المناطق يجب أن يتم بالتنسيق مع السلطات السورية وعبر الممرات التي تحددها.
وفي حين أن منظمة الصحة العالمية واليونيسيف أعلنتا عن تلقيح نحو 650 ألف طفل في سورية منهم 116 ألف في دير الزور، يقول الائتلاف إن هذه الحملة تمت بالتنسيق مع السلطات السورية وشملت فقط المناطق التي تخضع لسيطرتها، علما بأن وزارة الصحة التابعة للنظام السوري هي الجهة الوحيدة التي تحصل على
اللقاحات. لكن بعض العاملين والممرضين في المراكز الطبية التابعة للنظام السوري يغامرون بحياتهم عبر محاولتهم تهريب كميات محدودة من الأدوية واللقاحات إلى المكاتب الطبية في المناطق المحررة.
ونقل المكتب الإعلامي للائتلاف عن مدير برنامج الإنذار والاستجابة الدكتور محمد السعيد قوله إن حملة منظمة الصحة العالمية "غير شاملة ولا تتم وفق المعايير الصحيحة، ولم تصل اللقاحات إلى مناطق الإصابة بالمرض".
ويقول الدكتور السعيد إن البرنامج يحصل على تقارير مستمرة من خلال 100 مركز طبي في مختلف أنحاء سورية، حيث تتم متابعة الحالات وزيارتها ولكن "دون تقديم اللقاحات اللازمة للمرضى وذلك بسبب عجز منظمة الصحة العالمية ومنظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف) عن تقديم اللقاحات لوحدة تنسيق الدعم أو أي جهة طبية تتبع للثورة السورية".
وتقول رئيسة وحدة الدعم والتنسيق في الائتلاف سهير الأتاسي إن المنظمات الدولية "مكبلة ومقيدة"، حيث أنها لا تقدم الأدوية واللقاحات للمكاتب الطبية للثوار أو لوحدة الدعم، بحجة عدم الاعتراف بهذه الهيئات، معتبرة أن "الأطفال أصبحوا رهينة من أجل الذهاب إلى جنيف من خلال الربط بين تسليم الوحدة اللقاح ضد شلل الأطفال والذهاب إلى جنيف لطرح هذه القضية على طاولة الحوار".
ويُرجع عضو المكتب الطبي لمدينة دير الزور الدكتور مصطفى الديري، المتخصص في طب الأطفال، انتشار شلل الأطفال في المحافظة لأسباب أهمها غياب اللقاحات، حيث كانت تصل نسبة التلقيح إلى 95% بينما الآن لا تكاد تصل إلى 40%. كما أن سكان دير الزور وريفها يشربون من مياه نهر الفرات التي تصب فيه مجاري الصرف الصحي، وهذه المياه ملوثة نتيجة خلل كبير في محطة تصفية المياه، كما تلقى في النهر مخلفات حرق النفايات. ويضاف إلى ذلك تراكم النفايات الذي تنتشر معه الأوبئة.
وتظهر الإصابة بمرض شلل الأطفال نتيجة الإصابة بفيروس البوليو "Poliovirus". وهو يصيب الأطفال ممن هم دون الخامسة من العمر، ويستهدف الجهاز العصبي فيصيبه بالألم عند الأطراف وارتخاء العضلات وتصلب الرقبة، كما أن ارتفاع الحرارة والتقيؤ من بين أعراضه الشائعة أيضا.
ويحذر الدكتور مثنى العيسى من أن المرض شديد العدوى، وأن انتقاله سهل عن طريق التنفس أو اللمس وكذلك عبر الغذاء والماء الملوثين. ويدخل الفيروس إلى الجسم عبر الفم أو الأنف، ثم يتكاثر في الحلق والأمعاء وبعدها يتم امتصاصه في الجسم وينتقل عبر الدم إلى باقي أجزائه. وفي العادة تظهر الأعراض خلال فترة 5 أيام إلى 35 يوما من الإصابة بالفيروس، وفي المتوسط ما بين أسبوع إلى أسبوعين. وفي 99% من الحالات تصاب الأطراف السفلية فقط وفي أغلب الحالات يتعرض طرف واحد للإصابة.
ولتقليل احتمال الإصابة بالمرض، يجب إعطاء الطفل خمس جرعات من اللقاح، الأولى منها خلال فترة 45 يوما من الولادة.
وأعلن القسم الطبي في الائتلاف الوطني السوري عن إتمام التجهيزات لإطلاق حملة تلقيح ضد شلل الأطفال تشمل سبع محافظات (دير الزور، حلب، الحسكة، الرقة، إدلب، اللاذقية، وحماة)، وبمشاركة أكثر من 7 آلاف متطوع بينهم 200 طبيب، وبكلفة خمسة ملايين دولار.
وقال نائب رئيس الحكومة المؤقتة (تابعة للمعارضة) إياد قدسي إن الحكومة تسعى لإجراءات إسعافية عاجلة في القطاع الصحي، كبناء المشافي وتأمين الكوادر الطبية وتوفير الأدوية واللقاحات. وذكر أن شركات يابانية عرضت إنشاء مشافٍ وتقديم كامل التجهيزات الطبية للجراحات المستعجلة، لكنه أوضح أن هذه الأمور سيبدأ تنفيذها عند توفير الأمن داخل الأراضي السورية.