قالت صحيفة "اوبزيرفر" إن الرئيس
الفلسطيني محمود
عباس يواجه اتهامات بالخيانة لرفضه
مقاطعة إسرائيل. وقد أثارت تصريحات الفلسطيني في جنوب إفريقيا حول المقاطعة جدلا بين الناشطين في حملة مقاطعة البضائع الإسرائيلية التي تنتج في
المستوطنات، وكذل في المؤسسات الأكاديمية المتعاونة معها. وتقول الصحافية هارييت شيروود في تقرير لها من القدس إن "تصريحات (عباس) الواضحة التي أطلقها بعد وفاة نيلسون مانديلا أثارت نقاشا مرّا حول شرعية وفعالية مقاطعة إسرائيل بسبب معاملتها للفلسطينيين".
ولم يقلل من الجدل تفريق عباس بين حدود إسرائيل والمستوطنات في المناطق الفلسطينية، حيث قال "لا ندعم مقاطعة إسرائيل ولكننا ندعو كل شخص لمقاطعة المنتجات القادمة من المستوطنات".
وتقول الصحافية إن تعليقات عباس قد "اثارت حنق حركة المقاطعة التي شعرت بالحصول على بعض الزخم بعد وفاة مانديلا؛ من خلال المقارنة بين نجاح حملة مقاطعة الابارتايد في جنوب إفريقيا وقرار جمعية الدراسات الأمريكية الأسبوع الماضي بمقاطعة المؤسسات الأكاديمية الإسرائيلية".
وتضيف الصحافية إن حركة المقاطعة ترى في تصريحات عباس تعطيلا لتدفق حملتها ونجاحاتها، في الوقت الذي كانت تشعر فيه بأنها تتقدم للأمام، خصوصا بعد قرار الاتحاد الأوروبي الأخير القاضي بحظر تقديم منح للمؤسسات ذات العلاقة مع المستوطنات الإسرائيلية، وكذلك تحذير الحكومة البريطانية للشركات بأنها قد تعرض سمعتها للخطر إذا عملت مع شركات إسرائيلية خلف الخط الأخضر( المناطق المحتلة عام 1948)، إضافة إلى قرار شركة هولندية قطع علاقاتها مع شركة المياه الإسرائيلية ميكوروت.
وكان العالم الفيزيائي البريطاني المشهور ستيفن هوكينغ رفض دعوة من الرئيس الإسرائيلي شمعون بيريز للمشاركة في مؤتمر عقد في القدس في يونيو/حزيران الماضي، مع أن القنصلية البريطانية في القدس الشرقية تمارس عملية مقاطعة غير رسمية، حيث لا تقدم منتجات المستوطنات في ضيافتها أثناء مناسباتها واحتفالاتها الاجتماعية.
وقارن البعض حملة مقاطعة إسرائيل بحملة مقاطعة اليهود في زمن النازية، حيث قالوا إنها ليست مبرأة من العداء للسامية. ولكن المسؤولين عنها يرون غير ذلك ويقولون إنها لتحقيق العدالة. والحملة التي أعلن عنها عام 2005 تضم أكثر من 170 منظمة مجتمع مدني من خلفيات مختلفة. وتتوقع الحملة -كما يقول عمر البرغوثي أحد مؤسسيها- أن "تتجاوز العام المقبل عتبة أخرى في محاولتها لعزل إسرائيل، كما تم عزل جنوب إفريقيا في ظل النظام العنصري".
ويقول البرغوثي إن قرار جمعية الدراسات الأمريكية هو "دليل واضح على وصول حملة مقاطعة إسرائيل مرحلة مهمة في الجامعات والكليات وبين الجمعيات الأكاديمية". وأعلنت جمعية المدرسين الأمريكيين الأصليين، وجمعية الدراسات الأمريكية الآسيوية قرار المقاطعة.
وقال البرغوثي إن "أي مسؤول فلسطيني يفتقد التفويض الديمقراطي والدعم الشعبي ويتحدث اليوم بوضوح ضد حملة المقاطعة؛ يظهر كم هو بعيد عن طموحات شعبه وتطلعاته للحرية والعدالة والمساواة، وكم هو غافل عن كفاح شعبه للحصول على حقوقه التي لا يمكن التنازل عنها".
ونقلت الصحافية عن سامية البطمة، وهي محاضرة في جامعة بيرزيت وناشطة رئيسية في الحملة الفلسطينية للمقاطعة الأكاديمية والثقافية لإسرائيل، قولها إن تقييد الحديث على مقاطعة المستوطنات بدلا من كل المنتجات الإسرائيلية ما هو إلا تركيز على التداعيات بدلا من التركيز على أصل المشكلة، مضيفة: "يشعر الفلسطينيون بالغضب من تعليقات عباس التي تناقض الإرادة الشعبية الفلسطينية".
وفي رد على سؤال حول عمل الكثير من الفلسطينيين في المستوطنات وقيام رجال أعمال فلسطينيين بشراء بضائع من إسرائيل، تقول البطمة "طبعا، نتعامل مع إسرائيل، فكل شيء في حياتنا تسيطر عليه إسرائيل، ولكن هناك خيارات يمكن أن نعملها في حياتنا ونطلب من العالم أن يعمل مثلها".
ونقل التقرير عن الباحثة في جامعة حيفا فانيا اوزسالزبيرغر معارضتها لأي نوع من أنواع المقاطعة لإسرائيل أو المستوطنات بما فيها جامعة أرييل، أو أي مؤسسة في العالم باستثناء كوريا الشمالية؛ "فالتعامل الإكاديمي والثقافي يجب أن يكون فوق كل الإعتبارات السياسية".
وتقول الصحيفة إن نعوم تشومسكي، الباحث والناشط الأمريكي اليهودي يدعم المقاطعة لكنه يرى فيها "هدية للمتشددين في إسرائيل وداعميهم في الولايات المتحدة".
ويتوقع مراقبون أن تحصل حملة المقاطعة على دفعة في حال فشل المفاوضات بين الفلسطينيين والإسرائيليين. وحذر أندرياس رينكيه، المبعوث الخاص للاتحاد الأوروبي لمنطقة الشرق الأوسط من أن حملة مقاطعة المستوطنات ستتطور في حال عدم التوصل لاتفاق.