في كل دول العالم، عندما يطرح دستور للاستفتاء يكون هناك مؤيدون له ويقابلهم معارضون له، ويحاول كل فريق إقناع أكبر عدد من المواطنين بوجهة نظره ودعوتهم للانضمام إلى معسكره. لكن المتابع لوسائل الإعلام
المصرية في الأيام الأخيرة يلاحظ استخدامها ألفاظا "عدائية" عند الحديث عن رافضي الدستور، فتطلق عليهم أوصاف مثل العملاء والمأجورين، ولا تصورهم باعتبارهم مواطنين مختلفين في الرأي مع السلطة الحاكمة.
وأصبحت محاولات إقناع المصريين بمقاطعة الدستور أو التصويت عليه بـ"لا"، توصف في الإعلام بـ"التحريض" على رفض الدستور، في تناقض مع أبسط قواعد الديمقراطية، كما يقول مراقبون.
القبض على "المحرضين"
وأصبح توزيع أعضاء جماعة الإخوان مطبوعات تدعو المواطنين إلى مقاطعة الدستور يستوجب مطاردة أجهزة الأمن لمرتكبيه.
ففي الإسكندرية ألقت قوات الأمن القبض على 20 من أعضاء الإخوان بغرب المحافظة، وبحوزتهم حقيبتان بها "منشورات" تحث على مقاطعة
الاستفتاء.
ونقلت صحيفة الأهرام خبراً عن تمكن قوات أمن دمياط، من ضبط كميات كبيرة من "المنشورات" الرافضة للدستور، وما أسمته "ملصقات تحريضية"، ومطبوعات من شعار رابعة في أثناء مداهمتها لشقة قيادى فى جماعة الإخوان المسلمين بمدينة رأس البر.
ويعرف المصريون مصطلح "المنشورات" - سيئ السمعة - منذ ثلاثينات القرن الماضي حين كان يطلق على المطبوعات التي تتناول بيانات الأحزاب والقوى السياسية، وكان ضبط تلك المنشورات مع شخص ما كفيل بإلقائه في السجن وتعرضه للتعذيب على أيدي أجهزة الأمن.
وقالت الصحيفة إن قوة أمنية داهمت إحدى الشقق في المدينة، يمتلكها القيادي أسعد زهران، وأنها كانت تدار لعقد اجتماعات سرية خلال الفترة الماضية لتنظيم "حملات رفض الدستور"، على حد وصف الصحيفة، ولم يُعثر على أي من أفراد الجماعة داخل الشقة.
المحافظ يهدد رافضي الدستور
ولم يجد محافظ الوادي الجديد غضاضة في أن يعلن بكل وضوح أن أي شخص يتم ضبطه أثناء وضع ملصقات "منافية ومضادة" للدستور الجديد ويدعو من خلالها للتصويت بـ"لا" سيعاقب بالقانون.
وبرر محمود خليفة - وهو لواء سابق بالقوات المسلحة - تهديده هذا بأن الملصقات واللافتات الداعية لرفض الدستور تشوه وتستغل المنشآت العامة بالمحافظة، لكن المحافظ لم يشر إلى الملصقات المنتشرة في المحافظة وتدعو المواطنين بالتصويت على الدستور بنعم، والتي لا يعرف أحد الجهة التي تقف ورائها.
وللمفارقة، فقد جاء تصريحات المحافظ أثناء مشاركته في مؤتمر بمدينة الخارجة للتعريف بالدستور الجديد ودعوة مواطني الوادي الجديد للموافقة عليه.
وأشار إلى أنه يشارك في أغلب المؤتمرات ليس من أجل الدعوة للتصويت بنعم، لكن للتعريف الصحيح بمواد الدستور والدعوة للخروج في الاستفتاء عن قناعة على مواد الدستور الجديد.
وكانت الأجهزة الأمنية في الشهور الماضية قد ألقت القبض على عدد كبير من رافضي الانقلاب لمجرد إعلانهم عن موقفهم المعارض للسلطة الحالية. وتعرض أطفال وطلاب وسيدات للاعتقال والمحاكمة لحيازتهم بالونات أو ملصفات عليها شعار رابعة أو حتى رفعهم صور الرئيس محمد مرسي.
وفي شهر تشرين الأول/ أكتوبر الماضي أصدرت نيابة بالدقهلية قرارا بحبس سيدة 15 يوما بتهمة حيازة صورة مرسى، بعد أن تمت مداهمة منزلها وعثور قوات الأمن أثناء التفتيش على تلك الصورة.
وفي الفيوم تم اعتقال صاحب مكتبة من محل عمله رغم عدم انتمائه لأي تيار سياسي، بعدما اتهمه الأمن بحمل صورة مرسى ذات مرة في الشارع.
تحالف الشرعية يقاطع الدستور
وكان التحالف الوطني لدعم الشرعية قد أعلن في مؤتمر صحفي عقده الأحد؛ مقاطعته للاستفتاء على الدستور.
وقال عمر فاروق، مساعد رئيس حزب الوسط وعضو التحالف
دعم الشرعية، الذي ألقى بيان "التحالف" أنهم تأخروا في إعلان مقاطعتهم للاستفتاء على الدستور حتى يعودوا إلى قواعدهم ويعرفوا رأي الأغلبية، مشيرا إلى أن السلطة التي تجري الاستفتاء هي المجلس العسكري الذي ضيع خمسة استحقاقات انتخابية سابقة".
وأكد مجدي قرقر، القيادي بتحالف دعم الشرعية، أن كافة القوى المكونة للتحالف أجمعت على ضرورة مقاطعة الاستفتاء، رفضا للنظام
الإنقلابي القائم وكل ما يصدر عنه من قرارات وإجراءات".
وقال خالد سعيد، وكيل مؤسسي حزب الوطن وعضو التحالف دعم الشرعية، إن السلطة الحالية تبيت النية لتزوير الاستفتاء على الدستور، وهو ما يجعل المشاركة في الاستفتاء نوع من العبث".