افتتح الخميس في مدينة
قرطبة التاريخية بإسبانيا، "مؤتمر قرطبة التشاوري الوطني السوري"، بحضور نحو 150 من مختلف تيارات
المعارضة السورية، وذلك للتشاور حول مؤتمر "
جنيف2" المزمع عقده في 22 كانون الثاني/ يناير المقبل في مدينة مونترو الإسبانية.
من ناحيته، قال الشيخ محمد أبو الهدى اليعقوبي، في كلمة ألقاها في الجلسة الافتتاحية للمؤتمر "إننا نجتمع هنا لنحاول وقف الدماء التي تسيل في بلادنا من النساء والاطفال والرجال".
وقال اليعقوبي: "لقد سئمنا من الاتّجار بقضايا شعبنا وثورة أمتنا... وتعبنا وملِلنا ونحن نرى المال يرفع أقواما ويضع آخرين، ونرى وسائل الإعلام تقدم هذا وتؤخر ذاك". وأضاف: "أصوات تباع وأصوات تُشرَى، وصوت الشعب يكاد يختفي... صوت الشعب هو الذين لا يباع ولا يشرى، لأن ثمن صوت الشعب إنما هو الدماء التي تقدم في ساحات المعارك والحرب دفاعا عن الحرية والكرامة والدين والشرف".
واعتبر اليعقوبي أن "سورية دولة إسلامية... شاء ذلك من شاء وأبى من أبى... هوية هذه الدولة تجمع الأديان والثقافات والأعراق... تاريخ سورية خير نموذج للحلم والتسامح والتعايش المشترك... لا نقبل استعمال السلاح لفرض هذه الهوية أو لرفض هذه الهوية".
ودعا اليعقوبي إلى أن يخرج الاجتماع "بخطوات تمهد للوصول إلى طريق النصر، سواء في ساحات المعارك أو ميادين المفاوضات". وأضاف: "الحرب ضرورة وليست تجارة.. ولن تجد شعبا ، ولن تجد عاقلا يستطيع الوصول إلى أهدافه بالحوار والكلمة يختار السلاح والقتل".
وفي كلمته خلال جلسة الافتتاح، رحب ممثل وزاة الخارجية الاسبانية، مانويل غوميس اسيبو، المدير العام لقسم الشرق الاوسط، بالمشاركين في المؤتمر، وتحدث عن "أهمية اللقاء في هذه الظروف". كما تحدث عن "موقف الحكومة الاسبانية المؤيدة للحل السياسي ومؤتمر جنيف 2، واعتبارها نظام الرئيس بشار الاسد فاقدا للشرعية بعدما استخدم العنف ضد شعبه". وقال: "نتمنى أن يكون هذا الاجتماع أول خطوة نحو السلام" في سورية.
وألقى المعارض محمد برمو، كلمة اللجنة التحضيرية، أكد فيها على "أهمية أن يجتمع معارضون سوريون في مدينة قرطبة التاريخية، بهدف الخروج برؤية سياسية لاستعادة القرار الوطني، والهدف هو إسقاط نظام الاستبداد والظلم، وإقامة دولة الحرية والعدالة"، على حد تعبيره.
كما ألقى العميد زياد فهد، الرئيس السابق للمجلس العسكري في دمشق، كلمة باسم الجيش الحر، أكد فيها على أن "نظام الإجرام أرهب الجميع من مدنيين وعسكريين، واستخدم ويستخدم كافة أنواع الإرهاب لقمع الثورة، من بينها السلاح الكيمياوي، والبراميل المتفجرة، فضلا عن سياسة التجويع والحصار" على حد وصفه.
وشدد فهد على أن النظام "لم ولن ينجح في قمع الثورة"، مطالبا المجتمع الدولي "بمساعدة السوريين، وأن يجد حلا لمشكلته، والمتمثل بإسقاط نظام الاسد بكافة رموزه وأشكاله".
من جانب آخر، ألقى سمير سطوف، كلمة باسم الأب سبيريدون طانيوس، أعرب فيها عن مشاركته جميع السوريين في "بناء سوريا السلام والمحبة، بلد التعايش"، لافتا إلى أن "رؤيته لا ترتبط بأي تيار سياسي، بل بالانسان، وما حصل في سورية من إقصاء للبشر، وإجرام بحقه، أمر يندى له جبين الانسانية".
وأضاف قائلا: "كل ذلك أدى الى التشدد والتطرف، والثورات تأتي تلبية لكرامة ووجود الانسان" داعيا إلى "حوار واع بين الاسلاميين السوريين".
ولا يشارك في في الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارض السورية أو المجلس الوطني في الاجتماع، في حين تشارك هيئة التنسيق الوطنية بنحو 25 ممثلا.
من حهة أخرى، مصادر حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي أن المعارضين السوريين المشاركين في المؤتمر منعوا الرئيسة المشتركة لما يسمى بـ"مجلس غربي كردستان" التابع للحزب سينم محمد من المشاركة في اللقاء بعد وصولها إلى قرطبة.
وحزب الاتحاد الديمقراطي الكردي هو الفرع السوري لحزب العمال الكردستاني. ويُتهم الحزب بأنه موال للنظام السوري وأنه قواته تقاتل كتائب الجيش السوري الحر، وتسعى لإقامة مناطق حكم ذاتي في المناطق التي تسيطر عليها في شمال وشمال شرق سورية.
وتتمثل أهم محاور النقاش في المؤتمر حول: "استقلالية القرار السيادي الوطني، دعم وتمكين الحراك الثوري على الأرض، تشكيل تحالف واسع لأحزاب وتيارات المعارضة السورية، ضمان وحدة سورية أرضا وشعبا، الدعوة إلى مؤتمر وطني جامع، وضع حل سياسي واضح لنقل السلطة، تشكيل هيئة حكم انتقالية ليس لبشار أسد ونظامه أي دور فيها، طرد المليشيات الأجنبية وقوات المرتزقة الطائفية من أراضي سورية، رفض القرارات والاتفاقيات التي أبرمها النظام بعد الثورة، إعادة هيكلة كاملة قطاعات الجيش وأجهزة الأمن الوطنية، تشكيل هيئة قضائية للعدالة الانتقالية ومحاسبة المجرمين، العمل على تعويض المتضررين وضمان حقوقهم".
وتستمر جلسات المؤتمر بمناقشة الرؤية السياسية للمعارضة، وإقرارها بعد ظهر الخميس، ثم الخروج باعلان مبادئ المؤتمر. والجمعة، يناقش المؤتمر تشكيل "هيئة عمل وطنية"، والدعوة لمؤتمر وطني عام، إضافة إلى مناقشة إمكانية تشكيل لجنة للمتابعة، على أن يختتم اللقاء بمؤتمر صحفي.
ومؤتمر قرطبة ينظمه "البيت العربي في مدريد" وترعاه الخارجية الإسبانية، وذلك لـ"مناقشة خارطة الطريق المقترحة لإنهاء معاناة الشعب السوري وسبل تحقيق أهداف ثورته المندلعة منذ آذار/ مارس 2011"، وذلك بحسب الدعوة التي وجهت للمدعويين إلى المؤتمر.
و"البيت العربي في مدريد"، هو مركز للدراسات أنشأ عام 2006، بدعم من الحكومة الإسبانية والوكالة الإسبانية للتعاون الدولي، وعدد من البلديات في البلاد، بهدف توطيد العلاقات السياسية الثنائية والمتعددة الأطراف في مختلف المجالات.