ما إن أعلنت الولايات المتحدة الأمريكية مقتل أسامة
بن لادن زعيم تنظيم
القاعدة في الثاني من أيار/ مايو عام 2011 حتى سارع رئيس الوزراء
الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بتهنئة رئيس الولايات المتحدة باراك أوباما، من خلال رسالة رسمية، واصفا هذا الحدث باليوم التاريخي، وقال إن" هذا النجاح له انعكاس على قضايا العدل والحرية في العالم، وهو انتصار مشترك لكل الدول الديمقراطية التي تحارب جنبا إلى جنب ضد الإرهاب".
لم يتوقف الأمر عند نتنياهو فقد سارع وقتها وزير الجيش إيهود باراك بتهنئة الرئيس الأمريكي ووزير الدفاع الأمريكي روبرت غيتس والقادة العسكريين في واشنطن ورؤساء البنتاغون على اغتيال بن لادن، وقال إن "هذا الأمر يعد انجازا مهما للولايات المتحدة في طريق مكافحة الإرهاب الدولي".
كما هنأ حينها أفيغدور ليبرمان وقال: "تلقينا هذا النبأ بعد نصف ساعة فقط من إعلان رئيس الولايات المتحدة الأمريكية"، مشيرا إلى أن لاغتيال بن لادن انعكاسات ميدانية على أرض الواقع تطال إسرائيل. وأضاف أنه "ينبغي الذكر أن إسرائيل كانت على رأس أهداف بن لادن المعلنة، ودائما كان بن لادن يذكر تحرير القدس وفلسطين".
وتبعهم ترحيب الرئيس الإسرائيلي شمعون بيرس، وزعيمة المعارضة تسيفي ليفني التي قالت إن "العمل الناجح يغير المعادلة في الكفاح ضد الإرهاب العالمي، حيث تشترك إسرائيل مع العالم في هذه القيم، وفي مكافحة الإرهاب الذي يحارب في حلبات مختلفة في العالم".
تصريحات القادة الإسرائيليين وقتها عبرت عن السياسة الإسرائيلية المتبعة في تعاطيها مع الأحداث والية الاستفادة منها لتحقيق مكاسب سياسة بحسب ما عبر عنه مختصون في حديثهم لـ(عربي21)، فما فتئ الاعلام الاسرائيلي عن ذكر تهديدات تنظيم القاعدة وتواجده بين الفلسطينيين، منذ سنوات وازداد هذا الحديث خلال السنوات الاخيرة.
وكان آخر تلك الأنباء الحديث عن اعتقال خلية تابعة للقاعدة في القدس والضفة الغربية، كانت تخطط حسب زعم جهاز "
الشاباك" الإسرائيلي القيام بعمليات إطلاق نار وتفجير شاحنة في "مباني الأمة" في القدس وفي السفارة الأميركية.
الخبير في الشأن الاسرائيلي د. عدنان ابو عامر اعتبر حديث المسؤولين الاسرائيليين والإعلام الإسرائيلي مبالغ فيه بما يتعلق بتواجد لتنظيم القاعدة في فلسطين، مشيرا إلى امكانية تواجد بسيط وليس بالحجم الذي يتحدث عنه الإسرائيليون ولا يشكل خطرا حقيقا؛ منوها إلى أن تنظيم القاعدة لم يعد عنقوديا وإنما تحول إلى أشخاص يؤمنون بفكره عن بعد دون ارتباط بقالب التنظيم.
وأوضح أن الحكومة الإسرائيلية تحاول الترويج لوجود "القاعدة" في فلسطين، للحصول على مكاسب أمنية وسياسية وغيرها، كون القاعدة تشكل تهديدا لدول العالم والإقليم، في محاولة إلى "حشر نفسها" مع هذه الدول لتظهر أنها تواجه نفس المخاطر التي تواجههم، ولتتهرب من الضغوط الأمريكية في موضوع المفاوضات الجارية مع الفلسطينيين، إضافة إلى منح أفضلية لوزارة الجيش من ناحية الصلاحيات والموازنة، ولتعزيز حدودها مع سوريا ودول الجوار تحت مزاعم أن "القاعدة على حدود إسرائيل"وأوضح أبو عامر أن الاحتلال حاول خلال الانتفاضة الصاق تهمة الإرهاب بالفلسطينيين وتنظيماتهم، لتبرر ما تقوم به من عدوان بزعم أنها في حرب على الإرهاب، ولتعفي نفسها كونها دولة احتلال، إلا أنها لم تجد تجاوبا دوليا مع هذه المزاعم.
وحذر من استغلال إسرائيل لهذه المزاعم لترحيل وتهجير الفلسطينيين والتهرب من استحقاقاتها والتزاماتها، وتحصيل مكاسب سياسية، والهروب إلى الأمام بإظهار نفسها أنها دولة تحت التهديد الوجودي.
تحصين داخلي
وكانت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية ذكرت في عددها الصادر في التاسع عشر من الشهر الجاري، أن "إسرائيل تواجه عدة تهديدات خطيرة من عدة جوانب والتي من أبرزها إيران وحزب الله في لبنان، إضافة إلى الخلايا المسلحة المتشددة في سوريا والعراق وما حولها"، مشيرة إلى أن "إسرائيل بكافة أجهزتها تتبنى استراتيجية التحصين أمام كل هذه الاضطرابات التي تشعل منطقة الشرق الأوسط".
وتابعت الصحيفة، "إنه في الوقت الذي تتصاعد فيه حالة الاضطراب والفوضى في المنطقة، يصر مسؤولو إسرائيل على أن ليس هناك أي داع للتدخل وبدلا من ذلك يتبنون عقلية التحصين مثل بناء أسوار حدودية ذي تقنية عالية ونشر عسكري مكثف والاعتماد على أجهزة استخباراتية في غاية التطور".
ولفتت الصحيفة، إلى أن قادة إسرائيل يسعون أيضا إلى استغلال حالة الفوضى والأحداث الأخيرة في تعزيز موقفهم بالنسبة لتواجههم العسكري طويل الأمد في وادي الأردن وهى نقطة شائكة في محادثات السلام التي تتوسط فيها الولايات المتحدة مع الجانب الفلسطيني.
المختص بالشؤون الاسرائيلية محمد أبو علان، استبعد حديث الاسرائيليين عن اعتقال خلية للقاعدة في الضفة والقدس فبركة كاملة، إلا أنه المح إلى امكانية تضخيم الموضوع، مشيرا إلى أن إسرائيل "معنية بإلصاق صفة الإرهاب والدموية بالشعب الفلسطيني، وربط ذلك بـ"القاعدة" التي يرفضها العالم، ولحشد الرأي العالمي لصالح الموقف الاسرائيلي".
ونوه إلى أن اسرائيل تسعى إلى الهروب إلى الأمام خاصة أنها تعاني من ضغوطات في الآونة الأخيرة ومنها موقف الاتحاد الأوروبي من الاستيطان إضافة إلى استحققات تنتظرها في المفاوضات الجارية مع الجانب الفلسطيني، وتحاول قدر الامكان الاستفادة من حالة عدم الاستقرار التي تعيشها المنطقة، وتجير كل ذلك لصالحها، وأن قيام دولة فلسطينية سيكون بؤرة للتطرف والارهاب.
وذهب المحلل السياسي عماد صلاح الدين إلى القول أن إسرائيل تتخذ من تنظيم القاعدة "شماعة لمواجهة المقاومة عربيا وفلسطينيا، وإلصاق تهمة الارهاب بها".
وأوضح، "على المستوى الدولي هناك إجماع على أن تنظيم القاعدة تنظيم ارهابي، ولكي يختلط الحابل بالنابل تلصق ذلك بالفلسطينيين، مستخدمة التجييش الإعلامي وتسخين الاوضاع لتعطي ايحاءات بأنها في خطر وتهديد".
وأضاف "هناك تشويه واسع للثورات العربية، وإسرائيل تود القول أن هذه الثورات حاضنة للإرهاب والتي سيصل إرهابها إلى فلسطين بسبب الفوضى العارمة في المنطقة العربية".