قال سيمون تسيدال في مقال له بصحيفة "الغارديان"البريطانية إن كلا من حامد
كرزاي رئيس أفغانستان، ونواز شريف رئيس وزراء
باكستان فشلا في التوصل إلى نتيجة من تفاوضهما مع
طالبان.
وأوضح أن الرجلين (كرزاي وشريف) يتشاركان في كثير من الصفات؛ سياسيا تمكنا من النجاة في منطقة قاسية، وكلاهما متورط بعلاقة حب وكره مع الأمريكان مع حاجتهما إليهم للبقاء، وكلاهما لا يثق بالآخر بسبب الخيانات المتكررة، وكلاهما مهتم بالتفاوض مع طالبان التي تشكل الرقم الصعب في الصراع الذي استمر 13 سنة في المنطقة.
وبحسب تقارير إخبارية نشرت الإثنين، ولم تنكرها كابول يجرى كرزاي مباحثات سرية مع طالبان منذ عدة شهور، وهذا ما يوضح السبب وراء عدم مصادقته على اتفاقية التعاون الأمني مع الولايات المتحدة بعد الانسحاب.
وكانت تصرفات كرزاي الأخيرة مثيرة للريبة، فمع أن اتفاقية التعاون ستوفر مليارات الدولارات على شكل مساعدات لقوات الأمن الأفغانية ومع أن مجلس "الليوجيركا" وافق عليها، إلا أن كرزاي رفض المصادقة عليها تاركا أفغانستان في حالة ضياع.
وقد شدد من لهجته في انتقاد الناتو بسبب ارتفاع عدد الضحايا المدنيين، مع أن الناتو تقول إن طالبان هي المسؤولة عن ذلك في معظم الأحيان. كما أنه لمّح إلى كون عملاء غربيين ووزير الدفاع الأمريكي السابق (روبرت غيتس) يحاولون تقويض نفوذه، وأصر على إطلاق سراح سجناء بارزين من طالبان بالرغم من نصح الولايات المتحدة بعدم فعل ذلك.
ويمكن بحسب الكاتب، فهم كل ذلك في إطار التوصل إلى إتفاقية سلام (مع طالبان) كتتويج لفترة رئاسته التي تنتهي في نيسان/ أبريل، ولكن المفارقة أن كرزاي مثل الأمريكان والكثيرين غيرهم وصل إلى طريق مسدود، إذ ليس هناك اتفاق مع طالبان وليس هناك أي مؤشر على اتفاق يتم التوصل إليه قريبا. وليس من الواضح حتى إن كان المفاوضون في دول الخليج عن طالبان يمثلون حقا الملا عمر أم لا؟
ومن الواضح أن طالبان استطاعت، سواءً عن تخطيط ماكر أو بسبب علاقات كرزاي الفاشلة، أن تعقد إن لم تفسد تماما خطة أوباما للإنسحاب في 2014، حيث سيغادر الأمريكان والبريطانيون وبقية القوى أفغانستان، ولكن ما سيتركوه خلفهم هو صرح مترنح أكثر مما كان يُخشى من قبل.
مكائد كرزاي لها بُعد باكستاني دائما، وخاصة أنه يعتقد أن إسلام أباد تتآمر مع طالبان في أفغانستان لزعزعة الحكومة في كابول رغبة منها في أفغانستان ضعيفة لا تشكل تهديدا لها، أما الوجه الآخر كما تراه إسلام أباد،فهو أن الهند وفي تحالف جديد مع أمريكا تحاول حصار باكستان عن طريق أفغانستان موالية للغرب.
وإذا أخذنا كل ذلك بعين الاعتبار، فإن نواز شريف يتعرض لضغط من أجل إنهاء العنف الطائفي والمتطرف الذي تعاني منه باكستان، حيث قتل تسعة أشخاص في آخر هجوم على مسجد شيعي في بيشاور، وفي محاولة يائسة لإنعاش الاقتصاد الباكستاني، ومثل كرزاي حريص على الظهور بمظهر الاستقلالية عن واشنطن اقترح نواز آخر فرصة لمحادثات السلام مع طالبان باكستان.
والمشكلة التي تعاني منها خطة شريف هي طريقة طرحها التي خرج بها فجأة الاسبوع الماضي، فهي ليست واضحة، ولا يعرف من يمثل من، وليس هناك أية مرجعيات أو برنامج للمباحثات المقترحة، مما جعل شخصيات سياسية مثل عمران خان تغسل يديها من المشروع.
يعتقد بعض المحللين أن نواز خرج بالفكرة ليثبت للشعب وللأمريكان أنه ليس دمية تحركها أمريكا، حيث تضغط الأخيرة لتنفيذ هجوم جديد من قبل القوات الباكستانية في منطقة القبائل، ليتزامن مع انسحاب الناتو والانتخابات الرئاسية في أفغانستان.
وقد يكون لدى نواز دوافع انتقامية لمعاقبة الرئيس الأسبق برويز مشرف الذي أطاح به في انقلاب عسكري عام 1999، وحيث أن مشرف لا يزال محبوبا في الجيش، فهو يريد أن تنتهي محكمة مشرف بتهمة الخيانة قبل أن يطلب من جيشه الدخول في حرب لا تعرف نتائجها.
وينتهي سيمون تسيدال إلى القول إن المهم أنه من أية زاوية يُنظر إلى الأمر، سواء في أفغانستان أو باكستان، فإن ما يبدو هو أن طالبان هي المنتصرة،وهذا ليس خطأ كرزاي أو نواز، ولكن تحديد أوباما كانون أول/ ديسمبر 2014 موعدا لانسحاب الناتو كان بمثابة دعوة لطالبان إلى أن تنتظر انتهاء الفترة، وهذا ما تفعله اليوم بكل ثقة بالنفس، وتوقع بأن ما تمنته سيصبح واقعا عما قريب.