تقتل النساء في المجتمعات العربية والإسلامية بالآلاف. في
العراق تقتل
النساء السنيّات بتهم "الإرهاب"، وفي الأردن بـ"
جرائم شرف"، وفي
إيران بارتكاب الخطيئة، وفي السعودية ودول الخليج يُعدمن بسبب العنف المنزلي الذي يُجبرهن على ارتكاب الجرائم.
في تقرير له في صحيفة "إندبندنت" عن المرأة وكونها ضحية للعنف، كتب روبرت فيسك قائلا إن الغربيين يشعرون بالاشمئزاز عندما يرون إمراة تعلق على حبل المشنقة أو رأسها يقطع في ساحة عامة، وهذا الاشمئزاز نابع من الاعتقاد بأن الإسلام يعامل المرأة وكأنها مواطن من الدرجة الثانية، مُلك، "شرف" يجب ذبحه في حال انتشرت شائعات تجرح الكرامة، أو يجب التضحية بها من أجل جرائم الرجل وساديته.
ويتساءل عما يكون في ذهن الجلادين السعوديين عندما يقومون بقطع رأس امرأة في الساحة العامة، وبماذا فكر الجلاد الإيراني عندما سمع ديلارا درابي تصرخ وتستغيث بأمها على الهاتف النقال وهي ترى الجلاد يحضّر حبل المشنقة، وتقول "سيعدمونني، انقذيني يا أمي".
وكانت جريمة ديلارا درابي هي اعترافها بقتل ابن عم والدها من أجل أن تنقذ عشيقها، والذي قيل إنه هو القاتل، وكان يجب أن يعلق على حبل المشنقة. وحصلت عائلتها على تأجيل شهرين للحكم، ووصفت درابي بالفنانة، والملاك بين السجينات كما يقول فيسك. ويضيف "عندما سألت الرئيس محمود أحمدي نجاد عن الإعدام، رد قائلا "إنه ضده، ولكن القضاء الإيراني "مستقل" عن الحكومة، وبالنسبة لي فلا أريد قتل حتى نملة" ".
وينتقل الكاتب إلى الحديث عن وضع المرأة في العراق الذي تقوم فيه السلطات بإعدام عشرات النساء لارتكابهن جرائم "إرهاب" اعترفن بها، "بالطبع تحت التعذيب والاغتصاب، وأحيانا تعدم الآلاف من السجينات اللاتي اعتقلن بطريقة غير قانونية".
ويشير فيسك إلى تقرير منظمة "هيومان رايتس ووتش" الأمريكية التي كشف عن امرأة سجينة قابلت وفد المنظمة وهي تمشي على عكازين. وقالت للوفد إنها تحملت تسعة أيام من التعذيب والصعقات الكهربائية التي تركت علامات دائمة على جسدها، أنفها المكسور، والعلامات على ظهرها والحروق على ثدييها، والتي تركتها مشلولة.
وبعد كل ذلك التعذيب يأتي كما يقول فيسك "طابور القتل"، حيث تم إعدامها بعد سبعة أشهر في أيلول/ سبتمبر 2013. وبعد مقابلتها مع منظمة هيومان رايتس ووتش. كل ذلك "رغم أن محكمة عراقية أصدرت حكما رفضت فيه كل الاتهامات" وبرأتها.
ففي العراق الذي تسيطر عليه الحكومة الشيعية، هناك أكثر من 4200 امرأة سجينة "ولا تحتاج للسؤال"، فكلهن سنيّات. وتعرف السلطات الأثر الكبير الذي تركه اعتقالهن، هنّ اللواتي لم يكن لهن علاقة بالهجمات أو حمل السلاح، على الحكومة ومؤيديها، "لأن اعتقال النساء هو شكل من أشكال العقاب الجماعي للمرأة، ويُطلب منهن التوقيع على ورقة بيضاء تكتب عليها "جرائمهن" لاحقا. وكان نوري المالكي، رئيس الوزراء قد وعد بإطلاق سراح من طلب القضاء إطلاق سراحهن، لكن شيئا من ذلك لم يحدث.
ويشير بطريقة تلميحية إلى قتل الشرف الذي يصفه بمرض "السرطان" الذي ثبت أنه لا يمكن علاجه، "فقد قمت خلال السنوات الماضية بجمع مواد أرشيفية عن قتل النساء الذي تقبله المؤسسات الحاكمة والمسؤولون والمجتمع، في الوقت الذي تكتفي فيه منظمات حقوق الإنسان بالشجب المنافق له، وقد أثبتت تحرياتي -وأحاول نقل ذلك بدقة- أن المرأة المسيحية قد تكون ضحية لجرائم الشرف أكثر من المرأة المسلمة في الأردن".
ويرى الكاتب أن النساء اللاتي يُذبحن بالآلاف في الشرق الأوسط لجرم ارتكبنه هو الحب، أو لأنهن كن ضحايا اغتصاب للرجل يجب أن يسجلن كـ"شهيدات". ويقول إن النساء في السجون العراقية كن يقتلن بذريعة حماية الشرف بعد أن كان السجانون العراقيون يغتصبونهن ويعذبونهن في سجن أبو غريب قبل عشرة أعوام. وكانت النساء العراقيات يطلبن الموت والقتل لأن الجنود الأمريكيين قاموا باغتصابهن.
ويقول إن القاعدة عادة ما تطالب بإطلاق سراح السجينات، وطالب خاطفو البريطاني كين بيغلي بإطلاق سراح العراقيات السجينات قبل إعدامه. "هل نسينا" يسأل فيسك.
عرج على الخليج، وهنا أشار فيسك إلى أن النساء المهاجرات هن من يُعدمن في الساحات العامة أو يطلق عليهن الرصاص، أي أولئك اللواتي أقدمن على قتل ربات وأرباب البيوت بسبب المعاملة السيئة التي تلقينها على أيديهن، وعادة ما يُعدمن بعد محاكمة غير عادلة.
وبلغ عدد النساء اللاتي أعدمن في السعودية في الفترة ما بين 1990-2001 أربعين امرأة. وفي البلدة الإيرانية نيكا، أعدمت عاطفة رجبي عام 2004 وكان عمرها 16 عاما، حيث اتهمت بإقامة علاقة مع رجل عمره 51 عاما. وقيل أن القاضي عبر عن غضبه من الدفاع الذي قدمته أمامه عن نفسها، وراقب حبل المشنقة يُلف على عنقها وجسدها يتمايل في الهواء.
وفي النهاية يقول إن الحديث عن مأساة المرأة في العالم العربي لا يعني عدم الحديث عن تعذيب وإعدام الرجال، فالنساء هنّ الأضعف وبحاجة للحماية، وما فشل الغربيون بجلبه للمنطقة غير الحديث عن الديمقراطية هو: العدل والرحمة.