أصدرت "هيومان رايتس ووتش" تقريرا عن "المتجرين بالبشر" في
مصر والسودان، الذين اختطفوا وعذبوا مئات اللاجئين الذين جاء معظمهم من إريتريا، في شرق
السودان وسيناء.
ويوثق التقرير الذي جاء في 79 صفحة بعنوان "تمنيت لو أرقد وأموت: الاتجار بالإريتريين وتعذيبهم في السودان ومصر"، كيف قام متجرون مصريون منذ 2010 بتعذيب إريتريين مقابل الفدية في شبه جزيرة سيناء، بما في ذلك الاغتصاب والحرق والتشويه، وحالات تعذيب أخرى على يد متجرين من السودان وسط تساهل من أمنيين مصريين وسودانيين قاموا بتسهيل انتهاكات المتجرين بدلاً من اعتقالهم وإنقاذ ضحاياهم.
وبحسب التقرير فقد أخفقت مصر والسودان في بذل جهد كاف لتحديد المتجرين وملاحقتهم، ومعهم أي مسؤولين أمنيين يمكن أن يكونوا قد تواطأوا معهم، في خرق لالتزام البلدين بمنع التعذيب. بل إن المسؤولين المصريين ينكرون وجود انتهاكات على أيدي المتجرين في سيناء، ما سمح للمنطقة بالتحول إلى ملاذ آمن للمتجرين.
وينقل التقرير عن جيري سمسون، وهو باحث أول ببرنامج اللاجئين في "
هيومن رايتس ووتش" ومؤلف التقرير قوله: "ظل المسؤولون المصريون طيلة سنوات ينكرون الانتهاك المروع للاجئين الذي يتم تحت أبصارهم في سيناء. وعلى مصر والسودان وضع حد لتعذيب الإريتريين وابتزازهم على أراضيهما، وملاحقة المتجرين وأي مسؤولين أمنيين ربما يتواطأون معهم".
ويستمد التقرير مادته من 37 مقابلة أجرتها "هيومن رايتس ووتش" مع إريتريين، و22 مقابلة أجرتها منظمات غير حكومية في مصر. وقال الأشخاص الذين أجريت معهم المقابلات إنهم تعرضوا للانتهاك طوال أسابيع أو حتى شهور، إما بالقرب من بلدة كسلا في شرق السودان، أو قرب بلدة العريش في شمال شرق سيناء، قرب الحدود المصرية مع فلسطين المحتلة.
وقامت "هيومن رايتس ووتش"، بإجراء مقابلات مع اثنين من المتجرين، واعترف أحدهما بتعذيب عشرات الأشخاص.
ويستند التقرير كذلك، إلى مقابلات أجريت من قبل منظمات مجتمع مدني أخرى خارج مصر، حيث استطاعت تلك المنظمات لقاء المئات من ضحايا التعذيب، إضافة إلى شهادات من المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين من خلال مقابلاتها مع المئات من هؤلاء الضحايا.
وأوصى التقرير مصر باستغلال وجودها الأمني المتزايد في سيناء للإمساك بالمتجرين، وخاصة بالقرب من مدينة العريش، والتحقيق مع أي أفراد أمن متواطئين معهم عند قناة السويس وفي سيناء.
وأضافت أن على السودان أن يحقق في التواطؤ مع المتجرين من جانب مسؤولين كبار في الشرطة داخل كسلا وحولها، بما في ذلك في مراكز الشرطة.
يذكر أنه حينما يطلق المتجرون سراح الإريتريين الذين دفعت عائلاتهم الفدية فإن شرطة الحدود المصرية كثيراً ما تعترض طريقهم وتحيلهم إلى النيابة العسكرية، ثم تحتجزهم بالشهور في ظروف لاإنسانية ومهينة في مراكز الشرطة بسيناء، على حد قول الضحايا.
كما أن السلطات المصرية الحالية تحرم ضحايا الاتجار من حقوقهم بموجب قانون مكافحة الاتجار في البشر المصري لسنة 2010، الذي ينص على ضرورة تلقيهم للمساعدة والحماية والحصانة من الملاحقة القضائية.
وطالبت المنظمة في تقريرها مانحي مصر خاصة الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي ودوله الأعضاء، بالضغط على السلطات المصرية والسودانية للتحقيق مع المتجرين وملاحقتهم، والتحقيق في أي تواطؤ من جانب مسؤولين أمنيين مع المتجرين.