رأى المفكر الكويتي الليبرالي الدكتور محمد الرميحي أن الاخوان وصلوا الى حكم
مصر؛ لأنهم منظمون فقط، في مقابل جمع غفير عشوائي. وقال: "إذا كانت
خارطة الطريق المصرية تسير الى صناديق انتخاب للبرلمان، فإن التنظيم في الغالب سوف يتفوق على العشوائية".
وأضاف الرميحي -في مقال له بعنوان "حكم مصر" بجريدة "الأهرام" الأحد- أن
الحكم المقبل ليس له قاعدة منظمة، وإنما له كثرة شعبية نعم، ولكنها غير منظمة، في الوقت الذي فيه للإخوان، ومنذ زمن، تنظيم تراتبي محكم فوق الأرض، وحتى تحتها، قد يكون ضعف، لكنه موجود".
وتابع المفكر الكويتي أن الأمر مركون للإدارة الحديثة بمصر، إلى كوادر يمكنها أن تقوم بالانجاز، وتجاوز المشكلات، وإبداع الابتكار، وإلى شيء آخر هو اجتثاث الفساد من أي مكان ظهر، والى أي فئة انتمي.. فمصر لديها من الموارد ما يمكن أن توظفه لصالح أبناء شعبها، وذلك يحتاج الى إدارة، وإلى أن يرى الناس أن الجميع يعيشون حسب إمكاناتهم، لا حسب التهليب أو قربهم من المسؤول أو المسؤولية -على حد تعبيره-.
وشدد على أن القضاء على الفساد في مصر له أهمية بناء المصانع، وتوسيع رقعة الزراعة، بل ربما أكثر.
وأشار المفكر الكويتي إلى أن هناك شبه إجماع على أن المشير عبد الفتاح السيسي هو القادم لسدة رئاسة مصر، هذا سر معلن، إلا أن الأهم من ذلك هو كيف سوف يسير حكم مصر بعد ذلك؟ هذا هو سؤال المليون كما تقول البرامج الشعبية.
وأكد أن التحدي الأكبر هو مفارقة تجربة الستين عاما الماضية -بحلوها ومرها أولا- لأن بعضها كان يصلح لزمان غير زماننا، والثاني: أن أدواتها لم تعد تصلح لمواجهة مشكلات اليوم والغد. فلابد والأمر ذاك أن يفكر في طرق أخرى.
وقال: "ما يحدث في الخليج اليوم من خلاف الأخوة الذي لم يسبق أن وصل الى هذا المستوى، هو بسبب ما يحدث في مصر. من هنا فحديثي عن حكم مصر هو حديث الداخل لا الخارج.
وأضاف: "ليس جديدا تأثير وترابط حكم مصر في العرب، الجديد هو تسابق الأحداث في ظل وسائل الاتصال المتسارعة التي تجعل من نتائج ذلك الترابط واضحة جلية وسريعة في آن".
وشدد على أن الديمقراطية الليبرالية الشكلية لا تستطيع أن تنجز النمو الاقتصادي المطلوب، كما يعني أن الشعوب اليوم تستطيع أن تطيح بسهولة نسبية بأنظمة الفساد، إلا أنها تجد صعوبة في بناء شيء بديل قادر على انتشال الأغلبية من الفقر والفاقة والمرض والتخلف، البديل يحتاج الى تصور وآلية وتصميم، مختلف عما كان.
واختتم الرميحي مقاله بقوله: "قيامة مصر بالإدارة المتخصصة الحديثة التي يخرج منها فورا المتقاعس، ويذهب الى السجن فورا الفاسد.. إنها وصفة من صديق يحب مصر، ويرى أن قيامتها قيامة للعرب، ويرى في إصلاحها إصلاحا للعرب".
ومحمد غانم الرميحي، أستاذ في علم الاجتماع بجامعة الكويت. ولد عام 1942، وتخرج في جامعة درهام بشمال شرق بريطانيا عام 1973 من خلال أطروحة دكتوراه بعنوان التغير السياسي والاجتماعي في البحرين 1920- 1970. ثم عمل منذ تخرجه في جامعة الكويت، وتدرج في سلك التدريس فيها حتى الأستاذية، وأصدر عدداً من الكتب حول التغير لاجتماعي والسياسي في الخليج، والشوؤن العربية.
كما عمل رئيسا لتحرير مجلة العربي الكويتية المشهورة لمدة 17 عاما. وفي أثناء الغزو العراقي للكويت أصدر جريدة "صوت الكويت" المعبرة عن مقاومة الكويتيين للغزو، بطلب من الحكومة الكويتية في المنفى
كما عمل أمينا عام للمجلس الوطني للثقافة والاداب في الكويت بين عامي 1998 و2003.