بدت الحكومة
المصرية أكثر واقعية فيما تطرحه من رؤى وتوقعات للاقتصاد المحلي، لتقلص حدة التفاؤل التي صدرها مسؤولون بالحكومة السابقة حول أداء
الاقتصاد المتوقع، وهو الأمر الذي طالما شكك فيه خبراء ومؤسسات محلية وعالمية.
وقال محللون وخبراء اقتصاد إن توصيف الحكومة للوضع الاقتصادي الحالي سيمنح المرشحين في انتخابات الرئاسة المرتقبة فرصة لإعطاء حلولا أكثر واقعية للأزمات الاقتصادية، وتمهد لهم الطريق لاتخاذ إجراءات للخروج من المأزق الحالي.
وحاولت حكومات ما بعد ثورة 25 يناير 2011 اتخاذ اجراءات لإعادة التوازن للاقتصاد المصري، مثل تقليص دعم الوقود، إلا ان أيا من تلك الحكومات لم تتخذ قرارات من شأنها اعادة التوازن إلى الاقتصاد الذي تلقى مساعدات خليجية خاصة التي حصلت عليها البلاد من السعودية والإمارات والكويت بعد عزل الرئيس السابق محمد مرسي في 3 تموز/ يوليو الماضي.
وفي أول اجتماع له بالصحفيين المصريين الأربعاء الماضي، خفض وزير المالية المصري المؤقت هاني قدري دميان توقعاته لمعدلات النمو إلى 2.5% خلال العام المالي الجاري، كما رفع توقعاته لعجز الموازنة إلى 12%، مقابل توقعات الحكومة السابقة لوصول معدلات النمو إلى 3% وعجز الموازنة إلى 10% من الناتج المحلي الإجمالي.
وأصبحت تلك المؤشرات متقاربة مع توقعات أغلب المؤسسات وبنوك الاستثمار الدولية، وقال الوزير المصري إن بلاده في وضع بالغ الدقة وتحتاج اجراءات جادة يتحملها كافة المواطنين.
وألمح وزير المالية المصري المؤقت في المؤتمر إلى أن الحكومة الحالية ستتخذ اجراءات سريعة ضمن برنامج اصلاح اقتصادي، من شأنها اعادة التوازن إلى اقتصاد البلاد، مثل تقليص دعم الذي انفقت بلاده عليه خلال عشر سنوات نحو تريليون جنيه (143 مليار دولار)، ولا تزال معدلات الفقر مرتفعة، كما ذكر أن هناك مقترحا بفرض ضريبة اضافية قدرها 5% على أصحاب الدخول المرتفعة لمدة ثلاث سنوات.
وقال الدكتور أشرف العربي، الخبير بصندوق النقد الدولي، إن الأرقام التي أعلنها وزير مالية مصر تؤكد توقعات صندوق النقد الدولي، وهو ما حاولنا اقناع 6 وزراء مالية سابقين بها على مدى السنوات الثلاث الماضية.
وقال العربي إن المرشح الرئاسي الذي سيحظى بتأييد شعبي كبير سيدعم قدرة الحكومة على وضع برنامج اصلاح اقتصادي قوي يحقق آثارا اقتصادية على المدى المتوسط.
وأضاف أن الشارع المصري بات ينتظر الخلاص من المؤشرات الاقتصادية المتراجعة والتضخم وارتفاع الاسعار وسيقبل الحلول التي ستطرحها الحكومة.
وتابع أن الفكرة التي طرحها وزير المالية بفرض ضرائب استثنائية، هي فكرة عالمية جيدة جدا، وتلائم الظرف الاقتصادي الذى تمر به مصر حاليا وستسهم في دعم موارد البلاد.
وقال وزير المالية المصري المؤقت، إن الوزارة تدرس فرض ضريبة استثنائية على الأفراد أصحاب الدخول المرتفعة، لحين تحسن الاقتصاد. وأضاف الوزير أن هناك مقترحا بإضافة ضريبة استثنائية على أصحاب الدخول المرتفعة نسبتها 5%، ندرس الأمر الآن، وبعد الانتهاء منه سنعرضه على رئاسة الوزراء .
وقال الدكتور محمد عبد العزيز حجازي، الخبير الاقتصادي، إن المصارحة التي تبديها الحكومة تمهد الطريق لاتخاذ قرارات اقتصادية رشيدة في مقدمتها معالجة دعم الطاقة وإصلاح منظومة الضرائب بما يحقق عدالة اجتماعية، أحد مطالب ثورة يناير.
وأضاف حجازي أن الوقت الحالي لا يحتمل تجميل الحقيقة، خاصة وان معدلات الدين العام في ارتفاع مقلق، وهو ما يتطلب ملاحقة ذلك بإجراءات تمس الجماهير، ولكن يجب حصرها في الطبقات الأكثر تحملا لتغيرات في نظم الدعم والضرائب.