قبل ثورة يناير العظيمة كان بعض أصحاب النوايا الطيبة ممن يحسبون من المعارضين لنظام الرئيس المخلوع حسني مبارك يقولون لي "أنت تحرث في البحر، ولن يفيد شعرك ولا جهدك في المعارضة في تغيير هذا الواقع أبدا".
كنت أكمل النقاش معهم أحيانا لأحاول فهم هؤلاء الذين يحسنون الظن في نظام عسكري بوليسي غارق في الاستبداد منذ أكثر من نصف قرن.
كنت أسأل "وما الحل إذن؟"
كانوا يقولون "الحل هو الإصلاح من الداخل"!
"وكيف يكون الإصلاح من الداخل؟"
جواب هذا السؤال بطريقتين:
طريقة محترمة، وطريقة "وسخة"!
الطريقة المحترمة تقول: أن ندخل داخل أجهزة الدولة دون تغيير لمبادئنا وأفكارنا، ومن الداخل نؤثر في مجريات الأحداث، ونكسب مساحات لصالح أفكارنا التقدمية أو الإسلامية (حسب أفكار المتحدث)، وبالتدريج تتغير الدولة.
هؤلاء كانوا يترشحون في انتخابات البرلمان، برغم التزوير الفج لسائر الانتخابات منذ عام 1952 وحتى 2010، وأوضح مثال هم الإخوان المسلمون طبعا، وبعض المستقلين من سائر الاتجاهات.
وبعضهم كان يكتفي بالتنظير في التلفزيونات وعبر الصحف دون أن يشتبك اشتباكا مباشرا، وهؤلاء كانوا أساتذة في الجامعة، أو باحثين مستقلين، أو صحفيين، وأحيانا شخصيات عامة من سائر التخصصات، وبإمكانك أن تضع هنا مئات الأسماء نعرفها جميعا.
هؤلاء مع الوقت أصبحوا جزءا من نظام مبارك، فهم برغم معارضتهم كانوا يلتزمون بسائر الخطوط الحمراء التي وضعتها أجهزة أمن مبارك، وإذا قلت هذا الكلام لأحدهم ستجد الإجابة جاهزة "أنا لا أريد أن أخسر مكاني، وتركي لموقعي معناه خسارة صوت معارض"، وكلام من هذا النوع.
جيل ثورة يناير لم يقبل هذه المعادلة، لأنه ببساطة، كفر بفكرة التغيير من الداخل، وكفر بفكرة التغيير بالتدريج، وكفر بالجيل الذي قرر اتباع هذا الأسلوب العقيم لمدة ستة عقود دون أن تغيير (اللهم إلا التغيير إلى الأسوأ)، كما أنه قد كفر بسائر النخب التي جربت ذلك، واتعظت بما حدث لهم، ولم يقبل جيل يناير سوى أن يكسر هذا الاحتكار، وأن يغير قواعد اللعبة التي تحول هؤلاء (المصلحين من الداخل) إلى مجموعة خدم للنظام الذي يظنون أنهم يقاومونه.
الطريقة الثانية (الوسخة)، هي أن تدخل مع أهل الحكم وتلعب معهم بنفس وساخاتهم، وفي اللحظة المناسبة تكشف عن تحيزاتك!
ومناقشة هذه الفكرة في حد ذاتها وساخة!!!
خلاصة الأمر أن كلا الفريقين من المصلحين من الداخل ينطبق عليهم قول المولى سبحانه وتعالى "قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالًا، الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا".
لماذا أتحدث عن المصلحين من الداخل اليوم؟
لسبب بسيط، هو أن هذه النظرية تحطمت في يوم الخامس والعشرين من يناير 2011، وثبت أن التغيير الناجع هو التغيير السلمي من خارج الأنظمة المستبدة، وأن الدخول في قلب هذه الأنظمة البوليسية لا يمكن أن يؤدي سوى لتوسيخ الداخلين، كما أن المستفيد من الدخول هو النظام نفسه.
ولكن هل هذا ما حدث؟ هل اتعظ السياسيون المصريون؟
بالطبع لم يحدث، وأصر الإخوان المسلمون على المضي في حماقاتهم إلى آخر الخط، وقبلوا بقواعد لعبة النظام، وفشلوا (أو أفشلوا) لا فرق، وأصبح رئيس الجمهورية إخوانيا، فماذا فعل؟ هل أصلح من الداخل؟ هل نجح في تغيير أي شيء في الدولة المصرية برغم كونه رئيس الجمهورية؟
الإجابة: لقد فشل فشلا ذريعا، وانتصر النظام الفاسد نصرا ساحقا، وها نحن ندفع جميعا ثمن ذلك الفشل، وذاك النجاح، أعني فشل من أراد الإصلاح من الداخل، ونجاح النظام البوليسي العسكري المستبد في البقاء.
أكرر السؤال: لماذا أتحدث عن المصلحين من الداخل اليوم؟
لأن التيار الآخر (غير الإسلاميين)، يكرر نفس حماقة الإخوان، فهاهم يحاولون الإصلاح من الداخل، تارة من داخل مجلس الوزراء، وتارة من داخل لجنة الخمسين، وأخرى من داخل المجلس القومي لحقوق الباذنجان، ورابعة من الهيئة العليا لشؤون البطيخ!!!
والنتيجة واحدة !
لن يُسمح لأي أحد بإصلاح هذا النظام، ولكم عبرة في كل من دخل هذا النظام من أصحاب التاريخ الثوري، وكيف خرجوا (قفاهم يقمر عيشا)، بعد أن خدموا دولة الاستبداد الجديدة، وساهموا في تأسيس عهد ذل آخر، وبعد أن وقعوا على سائر إجراءات الخزي التي سجن بها ثوار، وقتل بها أبرياء.
لقد ربح النظام الاستبدادي، وكسبت الدولة البوليسية، واستمر الحكم العسكري، ولم تنجح محاولات إصلاح هذه الدولة الراسخة في الاستبداد، برغم وجود المصلحين في لجنة كتابة الدستور، وبرغم دخولهم مجلس الوزراء، وبرغم وصولهم لمنصب رئيس الجمهورية، وكل من يمني نفسه بالإصلاح من الداخل ساذج، أو يخدع نفسه.
هل تريد أن تعرف المعنى الدقيق للإصلاح من الداخل؟
الإصلاح من الداخل في مصر أشبه ما يكون بدخول "غرزة"، تأكد أنك ستصبح مسطولا بعد دقائق بسبب دخان الحشيش، حتى لو لم تتناول الجوزة بنفسك!
لذلك أقول لك: دعك من مساطيل المصلحين من الداخل الذين يرقصون اليوم على أنغام "تسلم الأيادي" بعد أن رقصونا على أنغام "يسقط حكم العسكر" شهورا طوال، وقم بنا نستعيد ثورتنا.
كيف نستعيد ثورتنا؟
تابع ما سوف يأتي من مقالات
عاشت مصر للمصريين وبالمصريين ...
عبدالرحمن يوسف
موقع إلكتروني: www.arahman.net
بريد إلكتروني: [email protected]
الأخ العزيز والأستاذ الفاضل عبد الرحمن القرضاوي
السلام عليكم ورحمة اله وبركاته
نعم ثورة يناير تستحق أن نقول عليها عظيمة ولكنها لم تسقط النظام لأن النظام سقط بفعل العسكر فلو لم يخرج بيان العسكر المؤيد للثورة لبقي من بقي في التحرير إلي 30 يونيو حتى يؤيدهم العسكر مرة أخرى
ثانياً
كثير من الشباب وكل الأخوان حينما يتحدثون عن الديموقراطية فهم دائما مايقولون في الستين سنه الأخيرة من حكم العسكر لم نري هذه الديموقراطية مما يجعلني أن ومن على شاكلتي من البسطاء نشعر وكأن ما قبل 52 كان جنة الديموقراطية وواحة الحريات لم يكن هناك تزوير انتخابات ولم يكن هناك بوليس سياسي ولم يسجن ويقتل المعارضين في الشوارع ( الشيخ حسن البنا علي سبيل المثال ) ولم يغتال وزراء ولم تكن مصر محتلة من الأنجليز ولم يكن هناك دعارة مرخصة ولم يكن هناك مشروع القرش والحفاة الذي نشر أحمد حسين صورهم تحت عنوان رعاياك يامولاي ولم يفتح كوبري الجامعة لسقط طلاب مصر وزهرة شبابها في النيل ولم تقمع المظاهرات بالرصاص
كل ذلك كان قبل 52 وأرجوك لاتقل لي إن مصر كانت دائنة لبريطانيا العظمي دون أن تشرح لي الكيفية
أخيرا أنا أحبك ولولا حبي لك ما كتبت السابق من كلامي رغم إني لست من مؤيدي ما يحدث الآن علي وجه الإطلاق وبالطبع لم أكن من مؤيدي مرسي مثلك تماما ولم أكن اريد استمراره وكنت ايضا اريد ان يسقط من المظاهرات السلمية ولكن دائما للإخوان في اللحظات الحاسمة إختيارات خاطئة ولو سمعت حضرتك آخر خطابين لمرسي وتأملتهم جيدا لوجدت الرجل مش هيسيب الكرسي ولا بالطبل البلدي ولذلك كما أيد الجيش 25 يناير العظيمة أيد كذلك 30 يونيو اللئيمة ولكن مابعدها يحتاج من الجميع التجرد والحيادية وليس استدعاء المشاهد الكربلائية والبكاء علي الحسين بالسلاسل
ارجو الا أكون قد أطلت عليك كما أرجو أن تقرأ ماقلته دون أن تلبسني بدلة الجيش بالمناسبة أن لم أخدم في الجيش يعني بأختصار لست عسكريا
لك كل الحب والتقدير
محمد حمدي
مصري مقيم في
قطر - الخور
احمد بنحماد
الإثنين، 17-03-201409:35 م
حركة مثل حركة الجهاد أو حزب التحرير تبني استراتيجيتها على حساب التغيير من أعلى، تعطيه الأسبقية، وتسارع إلى هدم الكيانات الفاسدة بجهاد مسلح.
وللإخوان المسلمين، وهم رواد الميدان، نظر آخر لايستعجل، بل يترقب الأفق البعيد الذي ينبت الله فيه الذرية الإسلامية نباتا حسنا يحيي الله به الأرض بعد موتها.
ولكلا النظرين اعتبار. إذ ترقب الأفق البعيد ضرورة، واقتحام معاقل الكفر واجب.
والجمع بين المذهبين إنما يقدره أهل الزمان والمكان، إنما يرجح هذا الانتظار أو تلك المناجزة من هو داخل المعركة، يوازن ويحكم.
ويخطئ في نظرنا من يتخذ من أحد طرفي المعادلة مبدئية ثابتة مغمضة العين الأخرى.
وإن من ينقض على السلطة دون أن تكون له قاعدة مجاهدة تبلغ حدا أدنى من الامتداد وقاعدة معنوية خلقية قوامها ثقة الشعب واستعداده، إنما يغامر بتجربة مآلها الفشل والإجهاض.
مآلها الفشل عاجلا أو آجلا، كلا أو بعضا.
ومن ينظرإلى الأفق البعيد يوشك مع الزمان أن يسترخي، ويكل إلى الأجيال غير المسماة حمل عبء كان الأحق أن يبادر هو إليه متى فتح الله
عبد السلام ياسين / من كتاب حوار مع الفضلاء الديموقراطيين .
قاسم رياض
الإثنين، 17-03-201405:11 ص
سأنتظر ما سوف يأتي من المقالات حتى تتضح الصورة. المشكلة يا عبد الرحمن ليست مشكلة مصر، بل أكبر من مصر، فكيف سأصلح من خارج كل هذه المنظومة الدولية؟ أنا بالفعل لا أقبل اللعب بقواعد النظام المحلي ولا الدولي، فما شأني بقروض أقرضتها دول دعمت المستبدين؟ وما شأني باتفاقيات تمت دون موافقة الشعب؟ وما شأني بدستور يقنن الظلم ويوافق عليه الملايين دون قراءته؟ ولماذا أظل عضوا في مجلس الأمن الذي يحمي الدول الكبرى ومصالحها ويسرق حقوق الضعفاء؟ أو في الجامعة العربية التي تضم دولا مستبدة تقمع شعوبها ووافقت على مبادرة مهينة لتسليم ثلاثة أرباع فلسطين لعصابات صهيونية؟ لماذا علينا أن نرث أوزار الأنظمة بعد إسقاطها فهل نحن نرث أوزار الاحتلال بعد التحرير؟ لا أستطيع أن أرى أملا حتى في الثورة التونسية وقادتها يتنازلون عن حقهم في محاكمة بن علي وعن واجبهم في مساندة أي ثورة ضد الظلم والاستبداد من أجل الحصول على دعم مالي خليجي، وفي كل فترة يتنازلون عن حقوق أخرى لإرضاء دول أخرى. لم تقم الثورات من أجل أن نظل عبيدا، حتى وإن غيرنا الأسياد.
ناقد حر
الأحد، 16-03-201403:31 م
الرجال الأحرار الشرفاء في حكم ! سي سي ! أُزيحوا وهمشوا في سبيل إعادة نسخ أو مسخ زعيم أممي ملهم .. لم نعد نسمع مع انقلاب القائد المرشح لدرجة الإلهام في مصر صوتاً شريفاً أو نشهد قلماً شريفاً .. نذكر هنا بصدق مشاعر واستشرافات إذ نشر : لقد أخرجت مصر في ثورة يناير أطيب مافيها بينما تعرى أخبث ما فيها مع بروز ! سي سي ! الذي يذوب في عشقه قسيسين شاذين جنسياً وآخرين صرحوا أن أقصى مناهم أن يلوذوا بنشوة وطأة سي سي ظهورهم ..
إن الانقلاب وقطيعه أيقظ أحرار وشرفاء مصر سمتاً ومواقفاً ولفت أنظارهم بقوة صادمة بل صاعقة إلى الخلل أوالشرخ الأول السياسي والأخلاقي العميق الذي أُحدِثَ بمكر وكيد ودفع على نحو مُبيت بألسنة ومواقف وأيدي بولصي هذه الأمة ، ذلك أن خاتم الأنبياء والرسل ص وآله تنبأ بأن لكل أمة سامرييها وبوالصها في حديثي السنن والحوض الموثقي الثبوت والصحة في سائر كتب الحديث ..
أيها السادة ، اصدقوا الانتباه والالتفات والقول بالحق وموالاته وأهله قبل أن تقع عليكم حجارة من السماء لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة ، واعلموا أن الله لايعود إليه أحد بنسب ، فالكل مخلوقاته ، وهو الله تعالى العدل الحكم المقسط ، وكتبنا طافحة بتوثيق ارتداد أصحاب وأصيحاب - الأقربين من رسول الله قبل وفاته - يُحالون يوم القيامة عن الحوض حتى لا ينجو منهم إلا كهمل النعم ... !!؟
بنت مصرية
الأحد، 16-03-201401:25 م
عشت حرا برأيك ..مطيعا لربك..
بس خلاص أنا زهقت بجد .. ومبقتش عارفة ايه اللي جاي .. ماهو يانأقلم نفسنا علي الفساد زي مااتعودنا ونحاول نعيش في حالنا .. يانتحد كلنا ونواجهه .. بس أعتقد مفيش اتحاد .. احنا مشتتين والفاسدين تجعهم المصلحة وهي الاستبداد اذا ننسي الاصلاح بقي وخلينا في صلاتنا وعبادتناومعاملاتنا ده الجانب الاخلاقي .. وخلينا عايشين زي ماكنا ..ماهو كل حاجة بقت أسوأ ... خسااارة الحلم الجميل اتحول كابوس .. ولم ننجح في استكمال ثورتنا !!