حذر كتاب وسياسيون من عودة رجال الرئيس
التونسي المخلوع زين العابدين
بن علي للعمل السياسي مع تشكيل
حامد القروي، الوزير الأول في حكومة بن علي، حزبا سياسيا جديدا ضم وزراء ومسؤولين في نظام بن علي. كما تزايد حضور هذه الشخصيات في وسائل الإعلام بعد "تمركزها الجيد" في أحزاب قانونية جديدة.
وفي هذا السياق، نبّه المفكر التونسي جلبار النقاش، وهو من معارضي نظام بن علي، إلى "خطورة عودة أعضاء
التجمع الدستوري الديمقراطي المنحل إلى العمل السياسي"، متهما، في تصريح لـ"عربي 21"؛ "بعض مكونات اليسار التونسي بدعم رموز الحزب المنحل وتلميع صورتهم حتى "يواصلوا محاربة الإسلاميين".
وأسس حامد القروي -الوزير الأول في حكومة بن علي حتى سنة 1999 وعضو الديوان السياسي للتجمع الدستوري الديمقراطي، ونائب أول لرئاسة التجمع حتى سنة 2008- مؤخرا حزبا جديدا أسماه "
الحركة الدستورية"، يضم في صفوفه عددا من الوجوه "التجمعية" المعروفة، مثل نائبة الأمين العام للتجمع المكلفة بملف المرأة، عبير موسى، ووزراء بن علي: عبد الرحيم الزواري ومحمد عياض الودرني وعلي الشاوش وجلول الجريبي.
كما ضم حزب "
نداء تونس" الذي أسسه الباجي قائد السبسي، رئيس مجلس النواب في عهد بن علي من سنة 1990 إلى سنة 1991، وجوها من التجمع، منهم الأمين العام للتجمع محمد الغرياني وعضو مكتبه السياسي عزيزة حتيرة.
وظهرت هذه الأسماء المشار إليها؛ في وسائل الإعلام بنسق تصاعدي في الفترة الأخيرة، تزامنا مع الذكرى الثالثة لحلّ الحزب، في ثوب المدافع عن أحقيته في العمل السياسي. وهو ما يدفع المراقبين للتنبيه إلى أن قرار حل الحزب قانونيا لم ينهه هيكليا، وهو ما يترجم ظهور أحزاب جديدة يشرف عليها مسؤولون سابقون في التجمع.
وعلّق عضو مجلس شورى
النهضة محسن السوداني على تدعيم المكانة السياسية والإعلامية لرموز النظام السابق بالقول: "أنا شخصيا مع إقصاء التجمعيين، لكن في النهاية لا بد من الاحتكام إلى قرارات مؤسسات الحركة".
من جهته، سرد عضو المكتب السياسي للحركة زبير الشهودي موقفها الرسمي من هؤلاء قائلا في تصريح لـ"عربي 21": "ستفتح أبواب المنافسة الديمقراطية مع التجمعيين وتُترك لصناديق الاقتراع مهمة إقصائهم من عدمه، ذلك أن إقصاءهم بشكل نهائي قد يجلب التعاطف معهم رغم ممارساتهم التي طالما أضرت بالمجتمع التونسي" على حدّ تعبيره.
من ناحيته، نأى "حزب نداء تونس" بنفسه عن التوصيفات التي تضعه في خانة التفرع عن حزب التجمع المنحل، إذ قال عضوه لزهر العكرمي "إن الإيحاء بأن حزب النداء تجمعي ينزل في إطار الإعداد للانتخابات القادمة"، حسب قوله، مطالبا في تصريح صحفي سابق لوسائل إعلام محلية "بمنح الشعب مهمة إقصائهم من عدمها".
ويعتقد المحلل السياسي قيس سعيد أن الأمر يتجاوز الحضور الإعلامي ليصل إلى حدّ العودة الفعلية إلى الساحة السياسية لرموز نظام بن علي، "نتيجة مغازلتهم من الأطراف السياسية كلها، التي تعتقد أنهم ما زالوا يمثلون قوة داخل الدولة" على حدّ تعبير سعيّد في تصريح لـ"عربي 21".
وتجدر الإشارة إلى تعالي الأصوات المنادية بمنع المنتمين لحزب التجمع الدستوري من العودة للعمل السياسي مباشرة بعد هروب الرئيس بن علي إلى السعودية وانهيار سيطرته على مفاصل الدولة التونسية. حينها أصبح "حلّ التجمع ومنع رموزه من العودة إلى ساحة الفعل السياسي" شعارا يلهج به السياسيون بمختلف توجهاهتم حيثما حلوا.
وفي مبادرة أولى لحل هذا الحزب، تقدم وزير الداخلية في الحكومة التونسية الثانية بعد سقوط بن علي، القاضي فرحات الراجحي، في 6 شباط/ فبراير 2011 بطلب للمحكمة الابتدائية لحل التجمع الدستوري الديمقراطي، عملا بمقتضيات الفصل 19 من القانون الأساسي عدد 32 لسنة 1988 والمؤرخ في 3 أيار/ مايو 1988 المتعلق بتنظيم الأحزاب السياسية. وقضت محكمة الاستئناف بالعاصمة التونسية يوم 11 آذار/ مارس 2011 برفض استئناف حزب التجمع للحكم الابتدائي الصادر ضده، والقاضي بحله شكلا، وتخطئة المستأنف بالمال المؤمن وحمل المصاريف القانونية عليه.