مقالات مختارة

تزوير الانتخابات وفقاً لمنهج دولة القانون..مفوضية الانتخابات تسجل براءة اختراع مبتكر!

فخري كريم
1300x600
1300x600
كتب فخري كريم: باشرت امارة خليجية، اعتبر عبعوب أنها متخلفة عن بغداد من حيث التقدم والنظافة، بناء شبكة علمية لتحويل دبي الى مدينة " ذكية "، وفقاً لآخر تكنولوجيات العصر. وتظل حسرة في قلوبنا ان نحتفي ذات يوم وسط ركام المفاسد والادعاءات بما يضعنا في صدارة الامم النظيفة من الفساد وفضائحه وخارج خط الفقر في بلد الثروات الطائلة، والكذب المبرمج ولو لمرة يتيمة واحدة.

 والذكاء كما تعودنا، في ظل الآلية المعقدة في العراق الجديد، بات يعني لكل ذي بصيرة "الحذلقة" والتلاعب بالالفاظ، و"بلع" حروف العّلة، والتذاكي، وهي ابتكارات سجل براءة اختراعها قادة الدولة التي تتمطط من كثرة إنجازاتها في الاعمار والبناء وتعميم الخيرات على العراقيين، وابدع فيها امين بغداد، وهو يسرد فضائله على ابناء عاصمة الف ليلة وليلة.

 لم تدم حسرة العراقيين طويلاً، فها هي المفوضية العليا للانتخابات، تنبري بأحدث وسيلة لتخفيض النفقات الانتخابية، وتسهيل وصول المواطنين الى صناديق الاقتراع، ولو عن طريق الغير.

 احد الابتكارات صار معروفاً، لأنه عبارة عن تدابير أقدمت عليها علناً وذلك بحرمان كثرة من الشخصيات من حق الترشح، لأسباب "وجيهة "، لكونها تستند الى مواد قانونية، او الى "روح القانون"! ويصعب على احد ان يتهم المفوضية او من هم وراءها، بالانحياز الطائفي، او حتى الممالأة لهذه الكتلة او تلك. فقد اقصت، ربما بمحض الصدفة، احد اعلام حزب الدعوة ودولة القانون، المعروف بانحيازاته الكتلوية، ثم الحقت به شخصية شيعية مشاكسة، في الضفة المقابلة لكتلة دولة القانون، وبعد ذلك تداعى ضحايا "العلس" الواحد بعد الاخر، ليصل الامر الى رموز معارضة سنية وشيعية، بارزة، ينطوي "علسها" على اكثر من معنىً سياسي، ان لم يكن انتقاماً، وإمعاناً في رفض اي انفراجٍ يسبق الانتخابات، وهو ما تفرضه اعتبارات تجنب خلق أجواءً تدفع إلى الشبهة في نزاهتها وتعبيرها عن الإرادة الحرة للعراقيين.

 في الأنظمة الديمقراطية التي تسودها الحدود الدنيا في الاقل من الشفافية والالتزام بالقانون، تتخذ تدابير تمهد لاجراء الانتخابات بعيداً عن شبهة التزوير، او غياب الفرص المتكافئة للمتنافسين، او ضبط حركة المال السياسي "وانسيابيته" في دعم المرشحين خارج الأطر القانونية المحددة التي تحرّم اي تلاعب او التفافٍ او فساد، باي صورة من الصور والاساليب. 

 ويتطلب تأمين ذلك قبل كل شيء، استقالة الحكومة، وتشكيل حكومة انتقالية مهمتها الوحيدة الاشراف بحيادية ونزاهة على الانتخابات. وهذه الخطوة الهامة "الاعتيادية" بالمقاييس الديمقراطية، تشترطها الانتخابات "النزيهة " في ظل ظرفٍ يتميز بدخول الحكومة القائمة، طرفاً ضاغطاً بوسائل الدولة واموالها وأجهزتها الامنية، متهمة من جميع الأطراف، بكل اشكال الخرق والتجاوز للدستور والقوانين، وانتهاء صلاحيته، من منطلق القاعدة السياسية التي بُنيت عليها، وهي التوافق الوطني والمشاركة في الحكم. والاخطر من هذا كله، ان كلاً من وزارة الداخلية والدفاع والمالية، لا وزراء لها، وهي تخضع لاشرافٍ مباشر من رئيس مجلس الوزراء بالاصالة او بالنيابة المخلة المطعون بها من الاخرين، وهذا سبب بحد ذاته للقول ان الحكومة ساقطة سياسياً منذ عجز رئيس الوزراء عن الوفاء بمهمة استيزار وزراء لها. وما يقال عن الوزارات الثلاث، يقال عن الاجهزة الامنية والعسكرية والهيئات المستقلة، ومنها المفوضية العليا للانتخابات وهيئة النزاهة وشبكة الاعلام العراقي، وهي هيئات تخضع لتدخله المباشر واشراف مكتبه.

 من المحال ان يستقيل المالكي، وهو المتشبث بكل وسيلة للفوز بولاية ثالثة "ضامنة " لولايتيه، وما عليهما من علامات استفهام، قد ُتصيب او تُخطئ. ومن المحال ان يتخذ اي اجراء من شأنه تحسين البيئة السياسية وإضفاء قدرٍ من المرونة الايجابية، وتطمين الاخرين من النوايا المبيتة التي تفتضح كل يوم. 

 واذا كان هذا كله من باب المحال، مع أن قيادات كتل "شيعية" منافسة تدق نواقيس الخطر، وترمي بالشبهة ما يُحضُر من وراء الكواليس من مكائد وتربصّاتٍ وكمائن، فكيف والحال مع اطراف المعارضة "من داخل العملية السياسية" التي تُستهدف بشطب رموزها القيادية، بعد ان جرت ملاحقتها امنياً وقانونياً؟ كيف لجمهور هؤلاء الاطمئنان لما ستسفر عنه الانتخابات التشريعية القائمة، ان جرت اصلاً، مع استمرار مفوضية الانتخابات بالشطب والاحالة الى القضاء، وغير ذلك من الاجراءات التي قد تكشف عنها الايام.

 ان الكتل الانتخابية والبرلمانية ومنظمات وقوى المجتمع المدني وشبكات المراقبة المعتمدة دولياً، عليها ان تصعّد من نشاطها المتعدد الاوجه، القانوني والسياسي والاعلامي والعملي، وتظهر للرأي العام الداخلي والخارجي وبين الاوساط المهتمة بالشفافية الديمقراطية، ان ما يجري ويُتخذ من قرارات وتدابير، في ظل هيمنة دولة القانون على الدولة ومفاصلها، يضع علامة استفهامٍ مسبقة على الانتخابات القادمة، ان هي أُجريت، بل انها علامة استفهام كبيرة، تكفي للطعن بنتائجها.

 وليس كثيراً المطالبة برفع يد الحكومة ومنعها عن اتخاذ اي قرار منذ الان، واعتبارها حكومة تصريف اعمال لا غير!

 وعلى هؤلاء جميعا النظر فيما يُقال من باب "الاشاعات المتداولة" ان البطاقات الالكترونية معروضة للبيع حتى في سوق "مريدي"!

(المدى العراقية)
التعليقات (0)