ما بدأ في أواخر العام الماضي كمهمة روتينية جديدة للربان الباكستاني ميرزا نعمان بيج، كانت نهايته درامية؛ تمثلت في عملية ليلية استولت فيها قوات أمريكية خاصة على الناقلة، التي قالت أسرته إن مسلحين ليبيين أرغموه على الإبحار بها.
فقد سيطرت وحدة القوات الخاصة بالبحرية الأمريكية على الناقلة
مورنينج جلوري في المياه الدولية قبالة الساحل القبرصي مساء الأحد، بحمولتها من النفط التي قال مسؤولون أمريكيون إنها
مسروقة من الشعب الليبي الذي تؤيد واشنطن حكومته الهشة.
وتقول
ليبيا إن مسلحين -يطالبون بالحكم الذاتي للمنطقة الشرقية، وحصة من الثروة النفطية- تمكنوا من تحميل الناقلة بالنفط الخام ثم أبحرت واستطاعت الإفلات من البحرية الليبية. ودفع الحرج البرلمان الليبي إلى عزل رئيس الوزراء.
وتقول مصادر بصناعة الشحن البحري إن الناقلة تمثل لغزا منذ ظهرت أمام سواحل ليبيا الشرقية قبل قرابة أسبوعين.
واكتنف الغموض هوية مالك الناقلة والشركة التي تشغلها، وكذلك وجهتها النهائية ومشتري شحنتها.
وقد أرسلت أسرة الربان بيج في كراتشي لرويترز صورة من العقد الذي وقعه ويحصل بمقتضاه على مرتب قدره 9000 دولار شهريا ويوضح العقد أن الشركة التي تشغل الناقلة اسمها "سعود للملاحة" ومقرها دبي، وهي جزء من مجموعة شركات "زاد" التي تتعامل في النفط في منطقة الخليج.
والعقد موقع في شهر تشرين الثاني/ نوفمبر على ورق يحمل اسم شركة سعود للملاحة وخاتم الشركة.
وتقول أسرة الربان إنه تلقى أوامر مباشرة من سعود العنزي رئيس مجموعة زاد للتوقف قرب ميناء يسيطر عليه المسلحون في شرق ليبيا. وتقول الأسرة ومسؤولون ليبيون إن مسلحين اعتلوا الناقلة ونقلوا إليها شحنة من النفط.
وهددت الحكومة الليبية باتخاذ إجراءات قانونية بحق الضالعين في مساعدة المسلحين على تصدير النفط. ولم توجه أي اتهامات للربان أو مجموعة زاد أو العنزي.
ونفى العنزي الضلوع في أي خطة لمعاونة المسلحين المعارضين للحكومة الليبية لتصدير النفط. وامتنع عن التعقيب على عقد الربان ولم يرد على طلبات متكررة للإدلاء بمزيد من التعليقات عن ملكية السفينة وتشغيلها.
وفي عقد اطلعت عليه رويترز يحمل تاريخ 22 شباط/ فبراير الماضي، أوضحت التفاصيل أن العنزي باع الناقلة عن طريق شركة اسمها مورنينج جلوري انترناشيونال لمشتر ليبي.
ويوم الثلاثاء أصدر المسلحون الليبيون بيانا قالوا فيه إن شخصا مازال على متن الناقلة اشتراها لكنهم لم يكشفوا عن هوية البائع.
واتهموا الولايات المتحدة "بالقرصنة" لمداهمتها السفينة.
ولم يتضح ما إذا كانت السفينة مملوكة في الأصل للعنزي حتى يبيعها، ولم يرد هو على طلبات التعقيب.
وتظهر صفحة أرشيفية على الموقع الإلكتروني لمجموعة زاد بيانا صحفيا دون تاريخ يعلن اقتناء الناقلة. لكن شركة سي برايد للملاحة في الشارقة قالت الأسبوع الماضي إنها مالكة السفينة رغم أنها لم تقم بتشغيلها منذ عام 2011.
وأضافت أنها بدأت إجراءات قانونية ضد شركة سعود لأنها رفضت إعادة الناقلة.
وقالت الشركة في بيان أصدره الاثنين متحدث باسم شركة تسيطر عليها أسرة الساري، إن شركة سي برايد سعيدة جدا بالتحفظ على الناقلة.
ويعمل اثنان من عائلة الساري في الإمارات مديرين بشركة سي برايد. وتسيطر عائلة الساري على مجموعة فال التي فرضت واشنطن على وحدة تجارة النفط التابعة لها شركة فال أويل عقوبات في عام 2012 لاتهامها ببيع نفط مكرر لإيران. وتنفي الشركة ذلك.
وقالت شركة تأمين إن شركة أخرى تابعة لمجموعة فال هي فال للملاحة استمرت في الحصول على تغطية تأمينية للناقلة مورنينج جلوري حتى الشهر الماضي.
وقال اندرز لايسنر من شركة سويديش كلوب "حسب سجلاتنا فإن شركة فال للملاحة هي العميل المؤمن عليه طرفنا حتى 27 شباط/ فبراير 2014".
لكنه قال إن التغطية التأمينية انتهت عندما باعت فال للملاحة الناقلة لجهة غير معلومة.
وامتنع المتحدث باسم الشركة التي تسيطر عليها عائلة الساري عن التعقيب على التأمين على الناقلة أو ما إذا كانت الشركة باعتها.
وقالت ليبيا إنها تعتقد أن مالك السفينة شركة سعودية لم تذكر اسمها.
احتجاز الرهينة
تشير البيانات المعلنة لمتابعة تحركات السفن أن موقع الناقلة لم يكن معلنا بين كانون الثاني/ يناير 2013 والشهر الماضي عندما عاودت الظهور في 28 شباط/ فبراير ودخلت قناة السويس في طريقها إلى شرق ليبيا.
وكان الربان بيج الذي اعتلى الناقلة في اريتريا في تشرين الثاني/ نوفمبر هو الذي قادها عبر قناة السويس، حسب أقوال صهره اياز مالك في مكالمة هاتفية من كراتشي.
وقال مالك إنه في أعقاب عبور قناة السويس أمر العنزي بيج بالتوقف خارج ميناء السدرة الليبي. ثم أبحر مسلحون من الميناء إلى الناقلة واعتلوها وأرغموا الطاقم على الرسو وتحميلها بالنفط.
وقالت قرة نعمان بيج زوجة الربان من كراتشي "المتمردون احتجزوا زوجي والطاقم رهائن".
وأضافت "لم يكن يريد الرسو في الميناء الليبي، لكن المتمردين جاؤوا وصعدوا للسفينة، وأرغموا الطاقم تحت تهديد السلاح على تحميل النفط".
ورغم تحذيرات طرابلس من أنها ستقصف الناقلة إذا غادرت الميناء فقد أبحرت السفينة في 11 آذار/ مارس وتعرضت لنيران من البحرية الليبية المسلحة بأسلحة خفيفة.
وقال مالك إن بيج تلقى تعليمات من العنزي عقب ذلك بالتوجه إلى اليونان، وسرعان ما تحفظت البحرية الأمريكية عليها بعد ذلك.
وقال مصدر بالشرطة القبرصية إنه تم اعتقال إسرائيليين اثنين وسنغالي، توجهوا إلى قبرص بطائرة ليرجت، واستأجروا سفينة اتجهوا بها صوب الناقلة، وذلك لاستجوابهم يوم السبت للاشتباه في محاولتهم شراء الشحنة التي تعتبرها ليبيا مسروقة.
وقال المصدر إن اثنين من الرجال الثلاثة كانا يحملان جوازي سفر دبلوماسيين الأول صادر من السنغال والثاني من دولة في وسط أفريقيا. وأفرج عن الثلاثة بعد أن امتنعت محكمة عن إصدار أمر بالقبض عليهم ثم سافروا إلى تل أبيب.