أكد تقرير حقوقي حديث تعرض
طالبات جامعة
الأزهر لاعتداءات جسدية وانتهاكات قانونية جسيمة وغير مسبوقة في تاريخ الحركة الطلابية كماً ونوعاً، بسبب تعبيرهن عن آرائهن في رفض الانقلاب العسكري والمطالبة بحقوق زملائهن وزميلاتهن.
وأوضح التقرير الذي أعده مرصد "طالب حرية" - وتلقى "عربي 21" نسخة منه - أن تلك الانتهاكات المروعة شملت القتل والتعذيب والاعتداءات الجنسية، مشيرا إلى أن كل ذلك لم يلق الاهتمام المناسب من الجهات الحقوقية والقانونية حتى الآن، حيث لم يفتح تحقيق قضائي واحد حتى الآن بالرغم من مرور أكثر من 6 أشهر على ارتكاب تلك الجرائم.
وأشار التقرير إلى أن أبسط مبادئ
حقوق الإنسان المتعارف عليها دوليا أضحت معدومة في
مصر، وأن سلطات الإنقلاب لا تتقيد بأي خطوط حمراء، وتتجاوز الأعراف المجتمعية الراسخة من مئات السنين، حيث أصبح من السهل الاعتداء والتنكيل بالنساء بشكل لم يحدث حتى في عصر الرئيس المخلوع حسني مبارك.
ثلاث ضحايا ومئات المصابات
وتضمن التقرير شهادات موثقة لطالبات تعرضن لانتهاكات غير مسبوقة على يد قوات الشرطة والجيش والأمن الإداري وحتى البلطجية، على مرأى ومسمع من إدارة الجامعة بل "وبترحيب منها".
وقال التقرير إن "عدد الشهيدات من طالبات الأزهر بلغ حتى الآن ثلاث طالبات"، بينما لم يتم تحديد أعداد الإصابات بالرصاص الحي والخرطوش والاختناق بالغاز بسبب كثرة تلك الاصابات التي قدرت بالمئات.
وأشار التقرير إلى أن عدد المعتقلات من طالبات جامعة الأزهر - بفروعها المنتشرة في مصر - بلغ 98 معتقلة، من بينهن 35 طالبة تم القبض عليهن من داخل الحرم الجامعي بفرع القاهرة.
ورصد التقرير تعرض المعتقلات لانتهاكات "ممنهجة" ومتعددة من قوات الأمن تضمنت الإيذاء البدني والنفسي، مشيرا إلى أن بعض هذه الانتهاكات تمت داخل الحرم الجامعي وبعضها داخل أقسام الشرطة، بينما تمت انتهاكات أخرى داخل السجون.
وتنوعت الانتهاكات المرصودة داخل الحرم الجامعي بجامعة الأزهر بين السب والشتم بعد القاء القبض عليهن، واعتقال الطالبات من داخل لجان الامتحانات، والاعتداء عليهن بالضرب ونزع الحجاب وتمزيق الملابس والسحل داخل الحرم الجامعي قبل تسليمهن للشرطة.
كما تم رصد ترحيل الشباب والفتيات في عربة ترحيلات واحدة، واعتداء قوات الأمن عليهن اثناء فض احتجاجاتهن بعنف مفرط باستخدام الرصاص الحي وطلقات الخرطوش والغاز المسيل للدموع بكثافة.
وكانت من أكثر الحالات المروعة ما تعرضت له الطالبة جهاد الخياط من تعذيب وحشي عرضها لإصابات بالغة في جسدها وتسبب في إصابتها بالشلل.
اعتداءات جنسية
ورصد التقرير تعرض الطالبات المعتقلات من جامعة الأزهر لانتهاكات جنسية داخل أقسام الشرطة، ومعسكرات الأمن المركزي.
وتدرجت تلك الاعتداءات من السب والقذف بألفاظ بذيئة والتفتيش الذاتي، إلى التحرش الجنسي، وتهديد المحتجزات بالاغتصاب.
وأكد التقرير إجراء كشوف العذرية على 8 طالبات بينما خضعت 35 طالبة أخرى لاختبار الحمل.، كما أجبرت الطالبات على خلع ملابسهن بعد تعذيبهن على يد السجانات.
كما شملت الاعتداءات الجنسية تعرية المعتقلين الرجال أمام الطالبات وتعذيبهم أمامهم وإجبارهم على سب أنفسهم وأهليهم والغناء والرقص أمامهن.
وتم إجبار الطالبات على ارتداء ملابس السجن البيضاء الشفافة فوق ملابسهم الداخلية فقط - في برودة الشتاء - الأمر الذي سبب لهن إيذاء بدنيا ونفسا شديدا.
وتضمن التقرير أسماء ورتب ضباط شرطة قاموا بتنفيذ اعتداءات متنوعة على الطالبات أثناء احتجازهن بأقسام الشرطة المختلفة والسجون.
تهم ملفقة وأحراز عبثية
وأشار التقرير إلى تعرض الطالبات لتلفيق تهم لا يمكن عقلا تصور أن فتيات يستطعن القايم بها، مثل حيازة أسلحة نارية وبيضاء وقنابل حارقة، والاعتداء على قوات الشرطة والجيش، وترويع المواطنين، وقطع الطريق وتعطيل المواصلات العامة والمرور والانضمام لجماعة إرهابية ومقاومة السلطات وتكدير السلم والأمن العام.
وبعض التهم كانت تغطية الوجه وحيازة إشارة رابعة وصور الرئيس محمد مرسي وسماع أغان تنتقد السلطات الحاكمة، ووصل الأمر إلى اتهام بعض الطالبات بتعطيل الامتحانات بالرغم من أنهن أثبتن بمستندات رسمية حضورهن تلك الامتحاتات المتهمات بتعطيلها.
وشملت الأحراز المسجلة للطالبات في بعض القضايا حقيبة إسعافات أولية وسجادة صلاة وزجاجة بها خميرة وخل، وقناع وقائي من الغاز المسيل للدموع.
وقال التقرير إن عدد من الفتيتات أجبرن على الاعتراف بجرائم لم يرتكبنها، كما تم تصويرهن في أقسام الشرطة وبحوزتهن أسلحة وقنابل للتشهير بهن، كما جرى مع الفتاة هاجر أشرف التي تم اعتقالها من أمام الجامعة بشكل عشؤائي رغم أنها طالبة في المرحلة الثانوية، وتم الحكم على بعض الطالبات بالسجن في مثل تلك القضايا بأحكام وصلت إلى خمس سنوات، كما تم تجديد حبس المعتقلات من قبل النيابة العامة بشكل روتيني دون إجراء تحقيق حقيقي معهن رغم مرور عدة أشهر على اعتقالهن.
اعتقال المصابات
ومن بين الحالات المفجعة التي عرضها التقرير، حالة الطالبة ياسمين نبيل التي فقدت عينها اليسرى يوم 30كانون ثاني/ يناير الماضي بعض تعرضها لطلقات خرطوش في الوجه داخل الحرم الجامعي.
وبالرغم من إصابتها، إلا أن قوات الأمن اعتقلتها مع أربعة من زميلاتها ووجهت لهن تهمة الشروع في القتل إلى جانب تهم أخرى متنوعة، وتم ترحيلهن إلى سجن القناطر.
ومنعت المعتقلات من رؤية ذويهن أثناء الزيارات، ووضع عدد كبير من المعتقلات في أماكن احتجاز ضيقة وقذرة.
وفضلا عن تعرضهن لاعتداءات على أيدي السجينات الجنائيات اللاتي يتم احتجاز الطالبات معهن، تم حرمان المعتقلات المريضات من تلقي العلاج المناسب رغم إصابتهن بإصابات خطيرة وأمراض متعددة، كما منعت عنهن الأدوية.
وفي ختام تقريره أوصى مرصد "طالب حرية" بعدة توصيات أهمها الإفراج عن كل الطالبات المعتقلات، ووقف كافة مظاهر التعذيب والإيذاء البدني والنفسي لهن.
وطالب التقرير بإجراء تحقيق عاجل بكل الانتهاكات من قبل قوات الأمن، وتقديم المتورطين في تلك الجرائم للمحاكمة القانونية.
وحذر التقرير من أن تلك الانتهاكات الجسيمة والمتكررة بحق طالبات الأزهر، أصبحت "تمثل تهديدا حقيقيا للسلم الاجتماعي للبلاد وتنذر بتفجر كبير للأوضاع لن يستطيع أحد الوقوف أمامه".