أعلن الإعلامي
المصري باسم يوسف وقف تقديم برنامجه الساخر "البرنامج" لمدة أسبوعين، ووقف مقالاته إلى أجل غير محدد، بدعوى الراحة، وسط
هجوم إعلامي ضار عليه، من وسائل إعلام وإعلاميين سبق أن استهدفهم بالسخرية اللاذعة في الحلقات السابقة من برنامجه، وذلك على أثر أزمة عميقة تعرض لها، عقب اقتباسه فقرات من مقال لكاتب بريطاني مغمور حول دور روسيا في الساحة السياسية الدولية، في مقال له، دون أن يشير إليه.
ونشرت جريدة "الوطن" الأحد أنه في ثاني واقعة من نوعها ضد باسم، تداول نشطاء فيديو على موقع "يوتيوب" يُظهر استعانته بفقرات من كتاب المفكر الراحل جمال البنا، تحت عنوان "بالوثائق: باسم يوسف يسرق كتب جمال البنا وينسبها لنفسه في مقاله بالشروق"، ويوضح أن باسم استعان بكتاب "تفنيد دعوى الردة" في كتابة مقالين بجريدة "الشروق" تحت عنوان "الإلحاد والردة مرة أخرى 1و2"، دون ذكر اسم المصدر أو مؤلف الكتاب.
ويبدأ الفيديو بمقاطع يؤكد فيها "باسم" ضرورة أن يخاف الله من يعمل بمجال الإعلام، مضيفا أن لديه مشكلة شخصية مع الكذب، وأنه لا يقبل التعامل بالمعايير المزدوجة، ثم يبدأ في استعراض ما كتبه "باسم" مع مقارنته بما ورد في كتاب "البنا".
وقال النشطاء إن المشكلة ليست في الأدلة والآراء الواردة في المقال، فربما يرجح بعض علماء الحديث والدعاة الأدلة نفسها، لكن ترتيب الجمل والأفكار، وصوغها بالأسلوب ذاته، وعرض الموضوع بترتيب فصول الكتاب نفسه، دون إضافة أو حذف للألفاظ، إلا في أضيق الحدود، وتأكيده أن المقال نتيجة لقراءاته "المتواضعة" في القرآن والسنة يعطي للموضوع بعدا آخر.
وذهبت صحيفة "صوت الأمة" (الصادرة الاثنين 24 آذار/ مارس الجاري) إلى مدى أبعد، فذكرت أن باسم لا يكتب مقالاته أصلا، وإنما يكتبها له صحفي شاب يعمل بجريدة "الشروق"، مقابل ألفي جنيه مصري (نحو 300 دولار أمريكي) للمقال الواحد.
ومن جهته، هاجم الكاتب الصحفي مصطفى بكري باسم، فخاطبه بالقول: "لست لصا فقط بل كاذب أيضا، ومن الطبيعي أن تسقط إلى غير رجعة"، فيما سخر أحمد موسى من عدم كتابة يوسف -إن صح ذلك- لمقالاته، في حين قال وكيل كلية الإعلام بجامعة القاهرة الدكتور محمود علم الدين إن باسم افتقد المعايير الأخلاقية، واستهان بعقول المصريين، بينما قال الكاتب الصحفي محمد الباز –بشماتة-: "ليس كل من يقدم برنامجا يكتب مقالا".
الأزمة الأوكرانية هي السبب
كان باسم تعرض لعاصفة من الانتقادات بعد اتهامه بـ"سرقة مقال"، ضمن عموده الأسبوعي في صحيفة الشروق، تناول فيه موقف الرئيس الروسي فلاديمير بوتين من
الأزمة الأوكرانية، بعنوان: "لماذا لا يهتم بوتين؟"، وذلك من واقع مقال نشر بالموقع الأمريكي "بوليتيك"، للشاب اليهودي بن جودا تحت عنوان: "لماذا لم تعد روسيا تخاف من الغرب؟".
واتهم باسم بسرقة مقال بن جودا. وتعرض لعاصفة من الانتقادات اللاذعة على موقعي "تويتر" و"فيس بوك"، ما اضطره إلى نشر اعتذار على الموقع الإلكتروني لصحيفة "الشروق" قال فيه إنه "استعان" بمقال بن جودا، ونسي نسبته إليه، نتيجة ضغوط العمل.
مساحة للتأمل ومراجعة الأخطاء
لكن الحملة الإعلامية العنيفة على باسم تواصلت بضراوة، فكرر الاعتذار في مقاله بجريدة "الشروق" الأحد، وأعلن الاعتذار لمدة أسبوعين عن تقديم البرنامج بدعوى الحاجة للراحة، كما أعلن توقفه عن كتابة المقالات، قائلا: "كلنا نخطئ ولكن قليلين من يملكون شجاعة الاعتذار وثقافته، وليتم تطبيق الكلام على أرض الواقع، فقد اتخذت قرارا بالامتناع عن الكتابة لبعض الوقت للتركيز على البرنامج، وإعطاء نفسي مساحة للتأمل ومراجعة الأخطاء المهنية والصحفية لتقديم خدمة أفضل للقراء".
ونقلت شبكة "بي بي سي" عن خبير إعلامي مصري قوله، إن أنصار النظام القائم في مصر حالياً حاولوا استغلال الأزمة، لتقويض الدور الناقد الذي يمارسه باسم يوسف.
وأضاف الخبير أن الأزمة على ما يبدو، ترتبط بالصراع السياسي داخل مصر، أكثر من كونها مسألة اقتباس أو سرقة مقال، حسبما قال.
وباسم يوسف، جراح مصري، من مواليد 22 آذار/ مارس 1974، وهو مقدم البرنامج السياسي الساخر "البرنامج"، الذي استمر طيلة العام الذي حكم فيه الرئيس المنتخب الدكتور محمد مرسي مصر، في توجيه سهام نقده اللاذع إليه، سواء لأدائه أو لشخصه، وهو ما لم يستطع أن يفعله مع أركان النظام الحاكم في مصر بعد الانقلاب العسكري الدامي، ما اضطره إلى الهروب من ساحة المواجهة معهم إلى ساحة النقد الاجتماعي، والسخرية من زملائه الإعلاميين، ما جعله صيدا ثمينا لهم في أزمته الأخيرة، التي لا يعرف أحد كيف سيخرج منها، خاصة مع تأكيد البعض أنها انتقصت من مصداقيته.