قال الخبير في شؤون الخليج والطاقة بمعهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى، سايمون
هندرسون، إن المرسوم الملكي الذي صدر في 27 آذار/ مارس الحالي يؤذن بحدوث شجار داخل العائلة
السعودية الحاكمة، خاصة أنه يقلل من دور "هيئة البيعة" المكونة من كبار الأمراء، والتي شكلها العاهل السعودي الملك عبد الله بن عبد العزيز لتنظيم الخلافة.
وتابع أنه بموجب المرسوم صار مفروضا على العائلة المالكة التعهد بالولاء للأمير
مقرن كوليا للعهد، إذا أصبح ذلك المنصب شاغرا، أو ملكا إذا أصبح كل من منصب الملك وولي العهد شاغرا في الوقت نفسه.
ويرى الكاتب أن المرسوم يوضح عدم اليقين الذي يحيط بالأمير مقرن بن عبد العزيز، منذ تعيينه نائبا ثانيا لرئيس الوزراء في شباط/ فبراير 2013، وكان ينظر إلى هذا المنصب سابقا بأنه "ولي العهد المُنتظر"، على الرغم من أنه رسميا يسمح فقط لحامله ترؤس الاجتماع الأسبوعي لمجلس الوزراء.
والأمير مُقرن الذي سيبلغ الحادية والسبعين من عمره هذا العام، هو أصغر من بقي على قيد الحياة من أبناء مؤسس المملكة عبد العزيز بن سعود وعددهم 15 ولدا، لكن معظمهم مُرضى أو ضعفاء.
ويضيف أنه "لم يعد بإمكان الملك عبد الله، البالغ من العمر 90 عاما، السير دون أي مساعدة، ولكنه لا يزال سليم العقل، أما ولي العهد الأمير سلمان، 77 عاما، فيبدو أنه يعاني صعوبة في التركيز عقليا، وغالبا ما تثار بعض الشكوك حول قدرته على تولي الحكم، وكانت رحلته الأخيرة إلى اليابان لأسباب طبية بصفة أساسية".
وبحسب هندرسون، يتحدى صعود مقرن في السلطة "تفاهمات مقبولة حول المؤهلات التي يجب أن تتوفر في أمراء كي يصبحوا ملوكا"، لأن الأمير مقرن هو واحد من العديد من أبناء سعود الذي ليس له نسب القبائل العربية السعودية من ناحية والدته.
ولا يستغرب الكاتب من عدم ظهور معارضة اختيار مقرن للحكم من قبل منافسين في العائلة المالكة، يرون أنه أفضل نسبا منه، رغم أن مثل هذا الخلاف قد لا يكون واضحا للجمهور.
ولهذا السبب يرى الكاتب أن رحلات وزيارات ولي العهد الأمير سلمان الرسمية و "المحمومة" للباكستان واليابان والهند وجزر المالديف والصين وحضوره جلسة لمجلس الوزراء، وقيادته لوفد السعودية لمؤتمر القمة، ما هي إلا محاولة من أبنائه وإخوانه الأشقاء المتبقين من ما يعرف بـ "مجموعة السديريين السبعة" الخائفين على حالته الصحية، والضغط عليه للظهور بمظهر "الملك القادم".
كما أن تعيين الأمير مقرن يهدد فعلا مصالح هذا الفريق السياسية والمالية المستقبلية بحسب هندرسون.
ويتوقع هندرسون أن تكون الحركة المقبلة للملك عبد الله فيما يسميها "لعبة الشطرنج" إعلان الملك عبد الله عن تشكيل فريق من الأطباء يقرر عدم صلاحية الأمير سلمان للحكم مما يفتح الطريق مبكرا أمام الأمير مقرن لتولي منصب الوريث الواضح.
ويرى هندرسون أن الحديث عن الوضع الصحي وتوفر الشروط في مقرن لتولي العرش شيء والمؤهلات التي يتمتع بها ويتميز بها عن غيره من أبناء العائلة أمر آخر، فقد تدرب كطيار لقيادة طائرات " F-15"، وشغل منصب رئيس المخابرات في الفترة 2005-2012، وقبل ذلك منصب حاكم إمارة ويتمتع بسمعة طيبة كرجل لطيف ونظيف اليدين من الناحية الدبلوماسية.
ويقول في نهاية مقاله أنه من الصعب في الوقت الراهن رؤية مقرن زعيما لمملكة تعتبر نفسها رئيسة للعالمين الإسلامي والعربي، فضلا عن كونها المنتج الأول للطاقة في العالم.
لكن مرسوم 27 آذار/ مارس يضمن لمقرن مكانا في المحادثات التي تجري الجمعة بين الملك عبد الله والرئيس الأمريكي باراك أوباما "وهي مناسبة من شأنها ترسيخ تعيينه دون أن تنهي التكهنات بشأن موعد التحول الكبير المقبل في المملكة والكيفية التي سيحدث فيها ذلك" على حد قوله.