أكد
حزب النور المصري، ذو التوجه السلفي أنه سيلتقي جميع المرشحين لرئاسة الجمهورية خلال الفترة المقبلة، وأنه سيعلن موقفه بشكل رسمي من تأييد أي مرشح عقب غلق باب الترشح للرئاسة، فيما اعتبر مراقبون أن الحزب يعاني من ورطة الاختيار بين
السيسي وصباحي، أو ترك الأمر دون تحديد موقفه من تأييد أي منهما، وهو ما سيغضب حلفاءه في 30 حزيران/ يونيو، الذين أعلنوا تأييدهم لعبد الفتاح السيسي وزير الدفاع السابق، قائد الانقلاب، في ترشحه للرئاسة.
وقال رئيس الهيئة العليا للحزب طارق السهري: "حزب النور سيلتقي جميع مرشحي الرئاسة لقياس المعايير التي وضعها الحزب من أجل اختيار أحدهم لدعمه في الانتخابات المقبلة".
ونقلت صحيفة "اليوم السابع"، الصادرة الاثنين، عن السهري قوله: "لم نتلق حتى وقتنا هذا أي اتصالات من حمدين
صباحي المرشح المحتمل للرئاسة، لكننا نتوقع أن تجري اتصالات بيننا خلال الفترة المقبلة".
وأضاف أن "النور سيعلن موقفه بشكل رسمي عقب غلق باب الترشح للرئاسة".
وكان الدكتور يونس مخيون رئيس الحزب قال -في مقابلة مع الإذاعة الألمانية "دويتشه فيله" الخميس الماضي-: "نحن ضد ترشح عسكري للرئاسة، وضد دعم الجيش لمرشح معين.. وفي نفس الوقت، نرى أنه من حق أي شخص من الجيش الترشح، وإذا انتخبه الشعب فعلينا أن نسلم بإرادة الشعب في النهاية، وندعم أي رئيس تأتي به الأغلبية".
وتابع: "لن نكشف عن الجهة التي سندعمها إلا بعد إغلاق باب الترشح، وحينها سنقارن بين المرشحين، وسيتخذ القرار في المجلس الرئاسي للحزب والهيئة العليا.. ونحن نرى بالفعل أن السيسي هو الأكثر شعبية في الشارع".
وكان "النور" رحب بإعلان السيسي ترشحه للرئاسة.
وقال مساعد رئيس الحزب لشؤون الإعلام نادر بكار: "نرحب في حزب النور بإعلان المشير السيسي ترشحه للرئاسة، كمرشح مدني وطني، له كل التقدير والاحترام".
وقال الأمين العام المساعد للحزب الدكتور شعبان عبد العليم، إن إعلان السيسي عزمه خوض الانتخابات الرئاسية أمر متوقع، وغير مفاجئ.
وأضاف: "المواطنون يتحدثون عن ترشح السيسي للانتخابات الرئاسية منذ عدة أشهر، وعندما اقترب موعد فتح باب الترشح، أعلن خوضه للانتخابات، واستقال من وزارة الدفاع"، مضيفا: "الناس ملت من كثرة التأخير".
رهانات محدودة أمام "النور" من جهتهم، قال مراقبون ومحللون سياسيون إن الخيارات أمام حزب النور في ملف ترشح السيسي وصباحي محدودة.
وقال الكاتب الصحفي تامر عزت في مقال له بعنوان "النور فى ورطة" إن "الحزب السلفي في ورطة حقيقية، وهي من سيرشح حمدين صباحي الذي لا يتبني مشروعا إسلاميا؟ أم السيسي الذي لا يتبني مشروعا إسلاميا أيضاً؟، وماذا سنسمع من مبررات لاختيار أحدهما؟"، مضيفا "أنصح أن لا يرشح الحزب أحدا، لأن في اختياره لأحدهما إقرارا بمنهج حكمه العلماني، وفي هذا سقوط للحزب من أعين السلفيين "أمثالي"، ولن أسامح إن رشح الحزب أحد المرشحين، إلا إن تبنى أحدهم المشروع الإسلامي صراحة، أو فليتبرأ الحزب من هذه القصة بكاملها، وليترك من يختاره الناس يتولي الأمر".
وتابع: "الاختيار صعب، وهي تجربة حقيقية لمصداقية الحزب، واتساقه مع مبادئه، وموارده الشرعية".
وفي سياق متصل، قال الكاتب الصحفي جمال سلطان إن أي حزب إسلامي يعلن تأييده لترشح السيسي في الانتخابات يعني "الانتحار" السياسي الحقيقي.
وأضاف سلطان أن حزب النور كان في سعة من أمره قبل إعلان الترشح أن يدافع عن موقفه السياسي من مسار خارطة الطريق بشكل عام، كبحث عن الاستقرار، واتقاء الفتنة، ونحو ذلك، لكنه الآن، وبعد إعلان السيسي ترشحه للرئاسة، ضاقت مساحات الحركة والمراوغة، وأصبح أمام الحزب خياران لا ثالث لهما، إما الإعلان الصريح عن دعم السيسي، وتأييده في الانتخابات والمشاركة، ولو رمزيا، في حملته الانتخابية، والدعوة له، وإما الرفض لترشحه أو التخلي عن ترشحه عن طريق الامتناع عن تأييد أحد من المرشحين، والإعلان عن وقوف الحزب على الحياد في تلك المعركة، وهو الأمر الذي سيفسر في كل الأحوال على أنه خذلان للسيسي في الانتخابات، ودعم غير مباشر للمرشح المنافس، كما أنه قد يعرضه للخسارة الفادحة في أعقاب الانتخابات بخروجه من دائرة المحسوبين على السلطة الجديدة.
وأضاف أن "حزب النور يدرك أن السيسي هو المرشح الأقرب للوصول إلى كرسي الحكم، ليس عن طريق الشعبية أو الانتخابات الشفافة، فحزب النور أكثر من يعرف أن هذا هراء، ولكن يدرك أن أدوات الدولة العميقة حسمت أمرها، وأن هذا الكرسي لن يخرج مرة أخرى بعيدا عن القبضة العسكرية، وبالتالي يتعامل حزب النور مع (الرئيس السيسي) كأمر واقع، وبالتالي فهو يحسبها كما حسبها من قبل بأنه ما جدوى المواجهة والاعتراض والرفض؟".
وقال سلطان في مقال له بعنوان "رهانات حزب النور في ملف ترشح السيسي" إن "هذا الموقف المتردد والمقلق عاشته الدعوة السلفية مرتين، مرة في نهاية حكم مبارك، ومع تفجر ثورة يناير، ومرة في الجولة الحاسمة لانتخابات الرئاسة بين مرسي وشفيق، ولكني أتصور أنها في هذه المرة أكثر تسليما بالأمر أو استسلاما للواقع الجديد".
واختتم رؤيته بالقول: "حزب النور يدرك أن مصيره أصبح مرتبطا بمصير السلطة الحالية، وأي تغير في موازين القوى سيكون هو أحد أبرز الأطراف التي تدفع ثمنا فادحا فيه، على مستويات عدة، كما أنه أكثر إدراكا أن ما خسره من قواعد شعبية في الحالة السلفية بفعل المواقف السابقة، والتقلصات الشديدة التي حدثت، لا يمكن علاجها في الأمد المنظور، وهو ما يجعل الحزب يغامر برهانه على السيسي حتى النفس الأخير"، على حد تعبيره.