نشرت صحيفة "نيويورك تايمز" نبذة عن الداعية الدكتور سلمان
العودة، تحدثت فيها بشكل رئيسي عن
التحول في
فكر العودة، بالإضافة للإزعاج الذي يتسبب به للنظام السعودي.
يقول روبرت وورث مراسل الصحيفة لشؤون الشرق الأوسط في تقريره: "إن الأخبار تنشر عن رجال الدين في هذا البلد المحافظ جدا، عندما يتسببون بحرج كفتوى تحرم المسلسلات التلفزيونية، أو فتوى تقول: "إن ميكي ماوس جندي من جنود الشيطان".
وأضاف"ولكن حديثا تسببت إحدى الشخصيات الدينية البارزة بنوع آخر من الحرج، حيث مر الشيخ العودة بما يشبه التحول خلال انتفاضات 2011. ومنذ ذلك الحين أصبح يدعو للديمقراطية والدولة المدنية وأصبح لديه 4.5 مليون متابع على تويتر وعدة ملايين يشاهدون تسجيلاته على يوتيوب، مما جعله شوكة في خاصرة النظام الملكي السعودي، ولخطورة كلامه "بالمقاييس
السعودية"، قامت الحكومة بمنعه من النشر في المطبوعات ومنعته من التلفاز وحظرت عليه السفر".
ويذكر الشيخ في تعليقاته، بأن حكومات الخليج تحارب الديمقراطية، لأنها تخشى قدومها إليهم، مشيرا إلى بلايين الدولارات التي أرسلت لمصر بعد الإنقلاب العسكري، واصفا المشروع بأنه مشروع خليجي وليس مصري، وأن السعودية تخسر أصدقاءها بما تفعله وإن استمرت فستفقد شعبها".
وقال الصحفي: "إن الكثير من المحللين يتفقون مع هذا التحذير من العودة، الذي بزغ نجمه قبل 20 عاما، كناشط محافظ متشدد وشخصية لها شعبية في بلد يتقاضى فيه معظم المشايخ رواتبهم من الحكومة، ويقولون ما تريده، وهذه إشارة إلى السخط المتنامي تجاه الحكم الشمولي".
ويذكر أن العودة كان الوحيد من بين شيوخ السعودية، الذي رحب بانتفاضة عام 2011 وحتى أنه نشر كتابا باسم "أسئلة الثورة"، الذي منع في السعودية، حيث استشهد بالنصوص الدينية ليصل إلى النتيجة غير التقليدية أن الديمقراطية هي الشكل الشرعي الوحيد للحكم، وأن الإسلام لا يسمح بالحكم الديني، وأن فصل السلطات أمر مطلوب، وأن أشنع أشكال الإستبداد هو ما يمارس باسم الدين.
ويعلق وورث أن مثل هذه الأفكار قد تبدو عادية بالنسبة للقارئ الغربي، ولكن بالنسبة لرجال الدين الذين أقروا لفترة طويلة نظام الحكم الوراثي، فهي خطوات كبيرة وانفصال راديكالي عن الماضي.
ويشير إلى أنه بالإضافة لاستشهاده بالفقه الإسلامي، يستدل العودة بفلاسفة غربيين، مثل ميكيافيلي وجان جاك روسو وهذا بحد ذاته خطوة كبيرة.
ويذكر أن كثيرا من الليبراليين العرب، يشككون في صدقية العودة، ويبدون تخوفاتهم من أن الإسلاميين يدعون للديمقراطية لاستخدامها جسرا للوصول إلى السلطة.
كما يذكر قيادة الشيخ لحركة الصحوة الإسلامية في بداية التسعينيات، وموقفه من دخول القوات الأمريكية للسعودية عام 1991 في حرب الخليج، التي سجن إثرها 5 سنوات بتهمة التحريض للثورة على الملكية، ثم عن خروجه من السجن 1999 حيث كان أكثر حذرا في أحاديثه، وسمحت له الدولة ببث برنامج تلفزيوني على قناة الـ إم بي سي، الذي تجنب فيه الخوض في السياسة،
ولكن البرنامج ألغي بشكل مفاجيء قبل ثلاثة أعوام بعد تأييد العودة لثورات الربيع العربي.
ويقول وورث أن أفكار العودة بدأت بالتغير خلال فترة سجنه، حيث أتيحت له فرصة الإطلاع الأوسع بحسب مذكراته التي نشرها بعد عدة سنوات من إطلاق سراحه.
ويضيف أن العودة يمتلك القدرة على الإحساس بنبض الشارع، ويقدم نفسه للجمهور في اليوتيوب كالأب الناصح لأولاده، ويتفاعل مع القضايا المهمة "مثل حملة مثلك أنا" عندما كانت هناك حملة ترحيل للعمال الآسيويين والأفارقة.
وقد يبدو هذا نوع من المسكّن، نظرا لأن الفيديو بث خلال حملة الحكومة ضد المقيمين غير القانونيين والتي تسببت بمواجهات عنصرية، ولكن من يعرف العودة فهذا يتفق مع دعوته لسياسة استيعابية للدولة.
وعندما سئل الشيخ عن التغير في أفكاره، قلل من شأن التغير قائلا إنه "أصبح يرى بشكل أوضح الآن أكثر مما كان عليه الحال عندما كان شابا، ولكن ليس هناك شك في أنه يؤيد المشاركة الشعبية في الحكم، وهذا ما يعرضه مرة أخرى لغضب العائلة المالكة.
كما أنه يعلن بصراحه تأييده للميول الديقراطية للإخوان المسلمين، الذين تعتبرهم السعودية "لعنة"، وبالنسبة للحرب في سوريا فهو ينتقد الدور الذي تلعبه حكومته، حيث كان من أوائل من حذر من الحرب الأهلية، حيث أنها ستجذب أعدادا من الجهاديين.
ويذكر وورث أن الدكتور يعلق بشئ من السخرية على موقف السعودية من سوريا قائلا: "موقف السعودية من سوريا؟.. فلننظر؛ الحكومة السعودية تكره بشار الأسد وتكره القاعدة وتكره بعض المجموعات السلفية وتكره الأكراد وتكره المجموعات الموالية لقطر وتركيا.. إذن فمن تحب؟"
ويقول وورث: "إن أشد انتقادات توجه إلى العودة، هي إدعاء البعض أنه يحب الشهرة والأضواء، ويطور طرحه بأسلوب ليكن جاذبا لقطاع الشباب في السعودية، وبعض نقاده يتهمونه بأنه يرى في نفسه خليفة محتمل للشيخ يوسف القرضاوي، ولكن العودة يستهجن هذه التوقعات ويقول: "إنه سعيد بتواصله مع الناس، من خلال المواقع الاجتماعية".
ويؤكد العودة أن الانتفاضات التي بدأت في 2011 لم تصل إلى نهايتها، وهو يتوقع أن يرى أحداثا استثنائية ويقول:"في حياتي لم أر مثل هذه المفاجآت، ويمكنك توقع حدوث أي شيء في السنوات القادمة".