تتواصل المواجهة بين الانفصاليين الموالين للروس والأوكرانيين المؤيدين للسلطة الأربعاء، على بعد كيلومترات من آلاف الجنود المحتشدين على الحدود، لكنّ أملا دبلوماسيا يلوح في الأفق مع الإعلان عن
محادثات جديدة حول هذه الأزمة.
وتعهد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين منذ فترة طويلة بحماية السكان الروس في جمهوريات الاتحاد السوفياتي السابق "بأي ثمن"، وحشد ما يصل إلى 40 ألف عسكري على الحدود الأوكرانية ما أثار مخاوف من حصول اجتياح.
وفي أثناء ذلك، حذر الأميركيون والأوروبيون وحلف شمال الأطلسي بشكل متكرر، موسكو من هذا الاحتمال ولوحوا بالتهديد بفرض عقوبات جديدة اقتصادية على
روسيا في حال التدخل.
ومن المقرر أن يجتمع ممثلون الاتحاد الأوروبي وروسيا والولايات المتحدة وأوكرانيا، الأسبوع المقبل، لأول مرة تلتقي فيها الدول الأربعة منذ اندلاع الأزمة.
وتهدف المحادثات بينهم إلى كسر طوق الجمود بعد ضم روسيا لإقليم شبه جزيرة القرم الجنوبي في شباط/ فبراير.
ورغم أن موسكو تتضرر اقتصاديا من جراء هذه الأزمة، مع جمود توقعات النمو وتهريب رؤوس أموال تجاوزت 50 مليار دولار في الفصل الأول من السنة، تبدو مصممة على استخدام سلاح الغاز ضد جارتها.
وعلى أثره، عقد الرئيس بوتين الأربعاء اجتماعا لحكومته لبحث العلاقات الاقتصادية مع أوكرانيا، بعد قرار رفع أسعار الغاز التي تسلم إلى كييف بنسبة 80%.
وكانت روسيا قد اتهمت بإرسال "عناصر استفزازية وعملاء"، لإثارة الفوضى في الشرق الأوكراني الناطق بالروسية، حيث تولى مؤيدون لروسيا منذ الأحد الماضي السيطرة على مبان حكومية في ثلاث مدن كبرى، اقترح وزير الخارجية الأميركي جون كيري إجراء هذه المحادثات الرباعية.
ولم ترفض روسيا المحادثات، لكنها عبرت عن أملها في أن يكون الموالون للروس ممثلين فيها.
وأعلنت وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي كاترين أشتون بعدما بحثت مع وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف "الأحداث المثيرة للقلق" في أوكرانيا، أنها ستشارك الأسبوع المقبل في اجتماع مع لافروف وكيري ووزير الخارجية الأوكراني أندريه ديشتشيتسا.
وأكد مصدر في وزارة الخارجية الروسية الأربعاء عقد مثل هذا اللقاء "في نهاية الأسبوع المقبل في أوروبا".
توتر وأنباء عن اجتياح روسي
وفي السياق نفسه، لا يزال الوضع الميداني متوترا، بعد شائعات عن اجتياح وشيك ستقوم به القوات الروسية. وفي إثره، احتل الانفصاليون الموالون للروس مباني رسمية في عدة مدن في الشرق، مطالبين بتنظيم عمليات استفتاء حول حكم ذاتي إقليمي أوسع أو حتى الالتحاق بروسيا.
وحذر وزير الداخلية الأوكراني النشطاء الموالين لروسيا الذين استولوا على بعض المباني الحكومية في المدن الشرقية باستخدام "القوة" إن لم ينخرطوا في محادثات للتوصل إلى حل سياسي. وقال أرسن أفاكوف إن الوضع "سيحل خلال 48 ساعة" بأي السبيلين.
وفي اشارة تهدئة، أعلنت أجهزة الأمن الأوكرانية أنه تم إطلاق سراح 56 شخصا من أصل ستين "رهينة" كان يحتجزهم ناشطون موالون لروسيا في المقر المحلي للأمن في لوغانسك شرق أوكرانيا.
وكتبت أجهزة الأمن على موقعها على الإنترنت، أن الانفصاليين الذين يحتلون المبنى أخلوا سبيل 51 شخصا، ثم خمسة آخرين، وكانوا سمحوا لنواب يتفاوضون معهم بالدخول إلى المبنى. وجميع الأشخاص الذين أطلق سراحهم بصحة جيدة.
وتابع الموقع بأن النواب الذين قاموا بالتفاوض غادروا المكان دون مشاكل و"المفاوضات مستمرة بهدف تقليل المخاطر على حياة وسلامة سكان لوغانسك".
واستولى ناشطون موالون لروسيا على مبان رسمية أخرى في شرق البلاد الناطق بالروسية. ولا يزالون يسيطرون على مباني الإدارة المحلية في
دونيتسك، إلا أنهم طردوا من مقر أجهزة الأمن الأوكرانية في المدينة نفسها ومن مباني الإدارة الإقليمية في
خاركيف.
وقد جرت مواجهات عنيفة برشق الحجارة والقنابل الحارقة على مدى أيام في خاركيف، المدينة التي تعد 1.5 مليون نسمة والواقعة على بعد 50 كلم من الحدود الروسية.
وفي أثناء ذلك، تقوم الحكومة الانتقالية في كييف بكل شيء من أجل تجنب وقوع ضحايا، وصولا إلى حد ترك الساحة شبه خالية أمام المتظاهرين.
وأثارت هذه الاضطرابات مخاوف تعيد إلى الأذهان ما حصل في القرم شبه الجزيرة الأوكرانية الواقعة على البحر الأسود والتي ألحقت بروسيا في آذار/ مارس، إثر استفتاء لم تعترف به كييف والغرب الذين نددوا "بضم" هذه المنطقة.
وتتهم السلطات الأوكرانية الانتقالية التي تولت السلطة منذ الإطاحة في نهاية شباط/ فبراير، بالرئيس فيكتور يانوكوفيتش المؤيد لروسيا، موسكو بالسعي إلى "تفكيك" أوكرانيا أو نسف الانتخابات الرئاسية المرتقبة في 25 أيار/ مايو. والمرشحون الأوفر حظا لهذه الانتخابات هم من الموالين لأوروبا المصممين على تقريب أوكرانيا من الغرب